الحلقة ( الأولى )

 توثيقات المؤرخين لمعركة الرقة بين الكويت وبني كعب عام 1783 م

 

 

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :

 

الحمدلله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد ..

 

كثيرة هي الروايات الشفاهية التي يرويها الناس ليست مدونة في تواريخ الأسر ، ومحفوظة برواية الثقات المعتبرين آنذاك ، ومصدق عليها من قبل الثقات بعدهم.

 

ثم يجزمون بعد ذلك على أنها حقيقية ، أو صحيحة ، وهي لم تثبت في وثيقة أو مخطوطة أو خبر نشر في إحدى الصحف العالمية ، التي لها علاقة مع تلك الأمة أو البلدة أو الحاكم آنذاك .

 

 

• د. الشيباني : البعض يدعي شيئاً لأسرته أو قبيلته أو طائفته دون سند أو إثباتات تاريخية علمية .. فهو إدعاء باطل ومرفوض .

• رفض الشيخ عبدالله بن صباح خطبة بني كعب لإبنته مريم ، بعد أن علم بأنها مكيدة مدبرة للحرب ، فوقعت الواقعة بينهم في الرقة وانتصر بها أهل الكويت.

• مؤرخ الكويت عبدالعزيز الرشيد ذكر قراءات عدة وردت في كتب المؤرخين لانتصار الكويتيين على بني كعب رغم قلتهم  وصغر حجم سفنهم  المحاربة. 

 

قد يدعي البعض شيئاً لأسرتهم ، لقبيلتهم ، لطائفتهم في القديم ، على قول من قال من الكتَّاب أو المنتحلين في التاريخ ، ولكن لك ذلك إذا لم يستند على إثباتات تاريخية وعلمية ، كما أسلفت القول ، فهو باطل ومرفوض وغير مقبول .

 

في هذه الرسالة الصغيرة ، تابعت الموضوع التاريخي المتداول اليوم وهو ” موقعة الرقة ” حقيقتها ، وما نشر حولها من خلال رواية مؤرخي الكويت ، ورأيهم في ذلك ، وهو في رأيي الرأي الحاسم .

 

لقد عرضت هذا في أقوالهم ، وما دونوه في مؤلفاتهم التي مازالت باقية بين أيدينا ، حيث لم يذكر واحد منهم وجود أسرة ، طائفة ، قبيلة ، امتازت عن سائر أهل الكويت آنذاك ،وبرزت وتركت أهل الكويت وشيوخها من دون حراك أو ذكر لهم في هذه المعركة .

 

أشادة بالجمعية الكويتية للتراث 

 

وهذا من الأعاجيب والكذب المفترى في التاريخ ، أي تاريخ ، وفي هذه المناسبة ، أشكر الجمعية الكويتية للتراث على إصدارها للفيلم الوثائقي ” الفيديو” المتقن حول معركة الرقة ، وإن شاء الله تكون بادرة خير لأفلام جديدة موثقة ومدروسة في تاريخ الكويت ،والله المستعان ..

 

واقعة الرقة بين أهل الكويت وكعب (1)

بقلم مؤرخ الكويت الأول الشيخ عبدالعزيز الرشيد

 

 

 

استمر آل الصباح في ضعفهم في الكويت مدة ، ولم يبد من أعدائهم إذ ذاك طمع فيهم ، ولا في بلدهم ، ولكن بعد أن ترعرعت الكويت وبدت النضارة في وجهها طمحت أنظار كعب (2) إليها ، وودوا امتلاكها قبل أن تبلغ أشدها ،.

 

غير أنهم تظاهروا بغير ما أرادوا ، تعمية وتضليلاً ، تظاهروا بخطبة (مريم) أبنة عبدالله لأحد أبنائهم ، تظاهروا بذلك وهم عالمون أن طلبهم لا يجاب ، وقد وقد استشار عبدالله (3) زعماء قومه في طلبهم ، فأظهروا أشد الأباء والامتناع ،و حذروه من الانصياع لهم والخنوع لما يريدون .

 

وأخيراً علموا بما يرمون إليه ، فأخذوا للحرب أهبته ،وأودعوا نساءهم وأموالهم في سفن ، ساروا بسفن أخرى لمقابلة عدوهم ، ولكن عبدالله بعد أن ساروا ، خاف عليهم من تغلب أعدائهم ، فندم على ما فرط ندماً عظيماً أضطر لأن يبعث من يرجعهم قبل أن يشتبكوا معهم في قتال .

 

ولكن الرسول عندما أقبل عليهم رفع راية سوداء ، وقال إن عبدالله يقول :” سود الله وجوهكم إلى إلى الآن انتم لم تناجزوا العدو أتظنون أن المرء يموت قبل يومه ؟! فحرك كلامه هذا ساكناً فيهم  وغادرهم يتقدمون بكل شجاعة وجرأة .

 

فجرت وقعة هائلة بين الفريقين في الرقة (4) كان النصر حليف الكويتيين ،واختلفت الروايات في سبب انتصارهم على قلتهم .

 

قيل : رأوا أن يكون هجومهم على سفن الزعماء أولاً ، ثم على بقية السفن ثانياً ، وأنهم فعلوا ذلك ونجحوا ،حيث خارت قوى الجند عندما ثخن القتل في زعمائهم ، فأركنوا إلى الفرار .

 

أراء مختلفة 

 

وقيل أن الماء جزر عن السفن ، فاستوت سفن العدو على الأرض ،ولم تطق حراكاً لضخامتها ، أما السفن الكويتية فأحاطت بها وأجهزت على من فيها نظراً لصغرها .

 

وقيل قد سكن الهواء ، فلم تطق سفن كعب السير ،  وأما السفن الأخرى فتمكن أهلها من إجرائها بالمجاديف ، وهجموا على كل سفينة وحدها ، واستولوا على ما فيها من ذخيرة ومدافع بعد أن قتلوا من قتلوا ، ثم كروا راجعين إلى وطنهم ، وهم يعتزون بالنصر ، فنصبوا المدافع (5) على ساحل البحر ، ونصبوا شيئاً منها داخل البلد تذكاراً لانتصارهم في تلك الخطبة إذ كانت وبالاً على كعب وخطوباً مظلمة عليهم ، وأنشد القائل :

 

حاولا أخذها اغتصاباً لهذا  ..

                                             خطبة القوم أسفرت عن خطوب

 

طالع الحلقة الثانية :

موقعة الرقة بين الكويت وبني كعب برواية د . راشد الفرحان

 

 

هذا ما يلهج به كثيرون في تلك الحادثة ، ومنهم من يقول إن آل الصباح بعد أن أحسوا من أنفسهم القوة ، رفضوا في أحد الأيام إجابة كعب إلى التكاليف التي ضربوها عليهم ،فجرى من جراء ذلك ما جرى (6).

 

تعليق : هكذا رويت الواقعة كما كتبها مؤرخ الكويت الأول ، وفي كل طبعات الكتاب من الطبعة الأولى عام 1926 حتي الطبعات الكثيرة التي تلتها ،و منها طبعة عام 1978 م دار مكتبة الحياة في بيروت .

 

يتبع لاحقا ..

نقلا عن تراثنا العدد 84

أنقر الغلاف لتفاصيل العدد

 

 

 

هامش :

 

*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ورئيس مجلة تراثنا .

 

1- تاريخ الكويت ، الشيخ عبدالعزيز الرشيد ، ص 298 ،وفق الطبعة الأولى 1926 التي اعتنى بها الأستاذ عبدالقادر الرشيد ، وطبعت في عام 2020م .

 

2- كعب : قبيلة كبيرة مشهورة في القديم والحديث.

 

3- عبدالله : هو الحاكم الثاني عبدالله الأول بن صباح الأول (1155-1229 هجري- 1743 -1813م) .

 

4- الرقة : هي قطعة من البحر قرب جزيرة فيلكة يقل فيها الماء وقت الجزر ، بحيث لا تطيق السفن المتوسطة المرور منها (الرشيد) ، يذكر أن معركة المعركة البحرية حدثت في 12 أغسطس 1783 بين الكويت وقبيلة بنو كعب حكام عربستان .

 

5- وهناك مدافع أخرى جاءوا بها من أبو شهر (الرشيد) وأبو شهر ميناء على الساحل الإيراني (خالد) بوشير أو بوشهر ، مرفأ نفطي في إيران على الخليج ، المنجد / ص 148 ، وقيل أن المدافع بعد ذلك وضعت أمام المتحف القديم (قصر خزعل أو الشيخ عبدالله الجابر بعد ذلك) وقد وضعت في المتحف الحالي بعد الغزو العراقي مباشرة ، وهي المدافع التي استخرجت من أرض قصر السيف الجديد عند بنائه .

 

6- تاريخ الكويت : ص299 .

 

تواصل مع تراثنا