ايميه سيزار
إن الاستعمار لم يمت.. ومن أجل أن يعيش، يُبدع في ابتداع الوسائل والأشكال
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيياني * :
كما تريد الشعوب أن تتحرر من قيد الاستعمار وتبعيته، كذلك الاستعمار بشكليه القديم والجديد يريد أن يعيش ، ولو كان ذلك العيش بإحراق الأخضر واليابس، وتجويع البشرية واستخدام كل أدوات الدمار الشامل للبشر ، وتشريدهم من البيوت الآمنة المريحة إلى القلق والشقاء والعيش في العراء والخيام .
لا يهم المستعمر أن يحول الشعوب كذلك من الغنى إلى الفقر، ومن الصحة إلى السقم ، ومن الحياة إلى الممات ، باستخدام الوسائل المتاحة له في ذلك ، ولا يعني شيئاً عنده ان تمرض البشرية أو تموت ، بل هو من يمرضها بالأدوية الفتاكة ويقتلها، بما ما توصل من أدوات حرب جرثومية وغيره ! هذا بشكل عام .
نقول ذلك للذين تتعلق أفئدتهم بدول الغرب وأميركة ، ظناً منهم أنهم يعملون لصالحهم واسترجاع دولهم السليبة ، مثل فلسطين أو حل قضية سورية ، وإنهاء الصراع الدموي المهلك هناك .
أقول هيهات هيهات أن ينهوا ذلك حسب ما يريده المقاتلون أو المعارضون أو الشعوب ،ومنهم الشعب السوري والفلسطيني المكلومين ، هم يرون أولا مصالحهم ، ولو كانت على جماجم الشعوب الأخرى كله،ولا مانع لديهم أن يتحالفوا مع الأنظمة وفي الوقت نفسه يتمالأوا مع المعارضة ، ويعطوا هذه ويأخذوا من تلك ، هكذا حيات المستعمر في الماضي والحاضر !
كان في الماضي يفاوض بالبدلة العسكرية ،واليوم يفاوض بالبدلة المدنية ، ولكن داخله واحد ، مصالحه على حساب حياة الشعوب وأمنها واستقرارها ، ثم ما الذي يضطر الاستعمار أن يجعل الأمتين العربية والإسلامية تستحقان العيش السعيد والأمان والاستقرار أو حتى يعمل أي حساب لهما ؟!
فهاتان الأمتان أضعف أمتين على وجه الأرض ، مع كثرة شعوبهما ، وكثرة خيراتهما ، لكنهما أكثر الأمم ذلة وهواناً، وذلك لحب حكامهم وعلية القوم فيهم للمال حباً جماً ( إلا من رحم) وعبادتهم له بشكل جعل الصغار والذلة حليفهم على الدوام .
واستطاع المستعمر أن يذلهم ويذل أموالهم وديارهم باتسباحتها، ورغم ذلك فقد يطلبون منه العون بعضهم على بعضهم ، كما حدث أيام ملوك الطوائف بالأندلس،واستعانة بعضهم على بعض في التعاون مع العدو ، ليستمروا في كراسيهم ، من هذه البوابة أصحبوا لا قيمة لهم بين دول وشعوب العالم ، أما النظرة الدونية فهي تلاحقهم في كل حين ومكان مع حاجة الآخر إليهم !!
والله المستعان ..
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ورئيس مجلة تراثنا
نقلا عن تراثنا العدد 85
تواصل مع تراثنا