الحلقة ( 15)
تراثنا – التحرير :
في الحلقة الخامسة عشر ، تواصل تراثنا نشر متفرقات منتقاة من كتاب ( الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية ) لمؤلفه : محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية )، مقدماً نصائحه ومشورته لما يُعين الملوك والسلاطين في شأن سياسة الراعي والرعية.
-
قالوا : همم السوقة مشغولة بصغار الأمور وبأيسر الاشياء ، وهمم الملوك كبار ، وألبابهم مشغولة بكل عظيم !
-
معاوية بن أبي سفيان : من يطلب عظيماً يخاطر بعظيم ، وإن نظرت فيما أحاول فإذا الموت أحسن عافيه من الحياة .
ومما يليق بالملك ،ويُكمل فضله أن يكون عالي الهمة، رحيب الصدر ، محباً للرياسة ، مُعداً لها أسبابها ، طامح البصر إليها ، مُعْملاً فكره في توسيع مملكته ، وعلو درجته ، غير مخلد إلى التنعم ، ولا جانح إلى الترف ، ولا منهمك في اللذات .
قال بعض حكماء الفرس : هممُ الناس صغار ، وهممُ الملوك كبارٌ ، وألبابُ الملوك مشغولةٌ بكل شيىء عظيم ، وألبابُ السوقة مشغولة بأيسر الأشياء ، وليعلم الملكُ أن الرياسة عروسٌ ، مهورها الأنفس .
طالع : الحلقة السابقة (14 ) : لاينبغي لأصحاب المُلك مخالطة الأنذال والسوقة .
نظر معاوية إلى عسكر أمير المؤمنين علي عليه السلام، في صفين ، فألتفت إلى عمرو بن العاص ،وقال : من يطلب عظيما يخاطر بعظيم ، وإن نظرت فيما أحاول فإذا الموت أحسن عاقبة من الحياة مع الذل ، قال بعض الشعراء :
هي النفسُ إن ماتت فقد ما قبلها
كرامٌ وإن تسلمْ فللخدثان
إذا النفسُ لم تَشرَه إلى طلب العُلى
فتلك من الأموات في الحيوان
ومن الغاية في ها المعنى قول امريء القيس :
ولو أن ما أسعى لأدني معيشة
كفاني ، ولم أطلب قليلٌ من المال
ولكنما أسعى لمجدَ مُؤثل
وقد يُدرك المجد المؤثل أمثالي
ومما يُكمل فضيلة الملك أن تكون له قوة الاختيار عنده سليمة ، لم تعترضها آفة ، فيكون يختار الرجال اختياراً فاضلاً .
هامش :
كتاب ( الفخري ) ص 38 -39
تواصل مع تراثنا