(في بلاد اللؤلؤ) – الحلقة (17)
سطور من ماضي الكويت بعين شامية
تراثنا – التحرير :
في الحلقة السابعة عشر ، يواصل الكاتب السوري والمحامي فيصل العظمة – يرحمه الله – تدوين انطباعاته وملاحظاته عن كويت عام 1942م ، التي دوَّنها في كتابه (في بلاد اللؤلؤ) في طبعته الأولى عام 1945م .وأعيد طبعتها الثانية في 2020 م بالكويت ، بتحقيق أ .د أحمد بكري عصلة – يرحمه الله .
يستطرد العظمة في سرد لقاءه بأمير الكويت الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح – يرحمه الله – استجابة لطلب تقدم به للقاء سموه في ديوانه لتقديم كتاباً موجها له من وزير خارجية سورية ، حيث وصف في الحلقة السابقة بساطة سموه وتلاطفه في اللقاء.
كان سموه يحادثني ببساطة عن دمشق وعن سورية وعن الغوطة والمهاجرين والمرجة وبردى ! وقال أنه أحب دمشق جداً وقد زارها عام 1937م ، وأكرمه الدمشقيون ، قلت : قمنا بالواجب ؟ قال : بل فوق الواجب .
وسموه يرى أن دمشق هي اجمل العواصم العربية وأكثرها احتفاظا بالصبغة الإسلامية والطابع العربي والميزات الشرقية ، وقد أحب سموه أن يشتري منزلاً له ، ولكن الظروف لم تسمح ولعلها تسمح الآن .
وكان في حديثه يلتفت إلي ويخاطبني بلهجة أخوية وبتواضع من دون تكلف فلا ألقاب ولا رسميات عنده ، كان يناديني : أخ فيصل ، وفيصل ،وقليلاً يا أستاذ .
كان يسألني عن الكويت فأقول : زين ، وعن الكويتيين فأجيب : فيهم ذكاء ودين وخلق ومال ، ولكن تنقصهم الثقافة ، هم مثل قطعة ألماس أو حبة اللؤلؤ التي يعلوها التراب ، لا يظهر لمعانها وبريقها إلا إذا أزيح عنها الغبار ، والثقافة هي التي تجلو جوهر الكويتيين .
كان يسألني عن عملي وعن نجله صباح – وكان تلميذاً عندي – فأجيبه ، فيقول : ترى أشكرك يا أخ فيصل : فأرد عليه : هذا عطف سموكم ، لا شكر على الواجب .
وفي سياق آخر ، يتطرق فيصل العظمة إلى آخر لقاء مع الشيخ احمد الجابر – يرحمه الله – قبيل مغادرته الكويت عائداً إلى بلاده سورية ،بحضور جمع من المدرسين السوريين والمصريين المبتعثين للتعليم في الكويت ، منوهاً إلى سؤال تم طرحه حول موقفه من الوحدة العربية جرى ، فرد قائلاً : “حنا أخوان ما كو فرق بين الكويت وسورية ومصر والعراق وأي قطر عربي آخر ، كله واحد ” .
ثم اردف قائلاً : ” الأوربيون ليسوا خيراً منا بل نحن نفوقهم بالذكاء والعقيدة ” ثم اطرق قليلاً وقال : ولكنه متحدون ونحن متفرقون ..
قلت : وبمساعيكم ومساعي ملوك وأمراء وزعماء العرب تحقق الوحدة العربية ان شاء الله ، فالتفت وقال :” تدري الصحيح . حنا ما قصرنا ،وقد بحثت في هذا الشأن مع بعض ملوك العرب” .
قلت : آن الأوان يا صاحب السمو ، فاهتز هزة الحماس والحمية وقال بحزم : أخ فيصل اتفقوا على ملك وأنا أكون خادم ..إي والله أقول ، أنا خادم “.
بارك الله بسموه وبكل أمير عربي يشعر هذا الشعور النبيل ،وقد هزتني كلماته فكدت اهتف ، واصفق لسموه ، وما منعني سوى جلال المجلس ، ولكنني صفقت وهتفت في قلبي .
مقتطف بتصرف من الصفحات: (92-95)
يتبع لاحقا ..
طالع الحلقة 16:
فيصل العظمة يصف هيبة الحاكم أحمد الجابر وسماحته وبساطة مجلسه
مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق – الكويت
تواصل مع تراثنا