أدب الرحلات (2/2)
من جعبة السياحة في أرض الله الواسعة
تراثنا – كتب د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز رحمة الله عليه..تعود علاقتي به إلى سنة 1974 ، عندما زرته في دار الإفتاء في الرياض، بقصد أخذ مجموعة من الكتب الكبيرة جداً لخمس وعشرين شخصية علمية آنذاك ..
• سألني أصحاب شاحنة : أتريد توصيل حمولتكم بطريقة قانونية … أم تهريب !
كان نصيب كل شخصية من تلك الكتب 250 كتاباً توزع عليهم ، هي من عيون تراث الأمة وخلاصة ما صنف علماؤها ، استغرقت هذه الرحلة ثلاثة أيام ،و ذلك لوعورة الطريق ومشاقه ، حيث كان يُبني في ذلك الوقت طريق الرياض مع المنطقة الشرقية.
وكانت السيارة المستعملة في شق الطريق “سيارتي فيات 124 ” رافقني في هذه الرحلة الأخ الكريم عبدالكريم الصقر .
وصلنا إلى الرياض القديمة ، حيث مدخلها بين بقية جبلين ، والتقينا الشيخ عبدالعزيز بن باز “رحمة الله عليه” واكرمنا ، حيث أعتاد أن يتناول وجبة غدائه دائماً مع الناس في بيته .
أثنى الشيخ عبدالعزيز بن باز على الجهد وبارك فيه بعد أن ضيفنا على الغداء ، وقال أحضروا سيارة كبيرة لنقل الكتب ، وعندما ذهبنا إلى صفاة سيارات الأجرة الكبيرة، قال : تريدونها قانونية أم تهريب ؟ !
قلنا :بل.. قانونية أعاذنا الله من التهريب، وكان آنذاك على أشده ، حيث كانت الحدود مفتوحة بين البلدين ، وكانت هذه طريقة تجار السجائر عندنا لتهريب هذا السم القاتل إلى المملكة آنذاك .
* طالع : الشيخ بن باز كما عرفته ( الحلقة الأولى ) .
وبعد حادثة الحرم المكي / بدأت تتغير الاستراتيجية الحدودية بين البلدين خشية دخول التكفيريين بالمصطلح القديم ، والإرهابيين بالمصطلح الجديد .
وبعد رجوعنا إلى الكويت عقب أيام من وصولنا ، وصلت السيارة “الوانيت ” إلى صفاة الكويت ، فتسلمت الكتب و وزعتها على المعنيين ، ومازالت هذه الكتب عندي أنهل منها علومها ، ومنذ ذلك الحين وجميع من حل في ديوانيتي استفاد منها ، وكان يؤمها عشرات الناس ، وطلبة العلم والعلماء والزوار الذين كانت ديوانيتي هي مضافتهم وقبلتهم العلمية
والدعوية آنذاك ، والحمدلله …
*محمد بن ابراهيم الشيباني
رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق
رئيس التحرير