الحلقة الثانية
سياسة اشغال الحكام بالأشعار والأنس والحكاوي .. !
تراثنا – التحرير :
عند تصفح كتاب ( الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية ) لمؤلفه محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية) تكتنف قارئه الرغبة في الاستزادة ، لما فيه من كشف الاعيب الوزراء ورغبتهم في بقاء السلاطين في حالة من التغييب عن مجريات أمور الدولة بأشغالهم باللهو وبحكايات القصاصين وغيره .
وصايا مستشاري الوزراء لتنصيب الملوك :
-
لا توصي بملك يجلس على كرسي الخلافة يعرف الميزان والأسعار ، ويميز بين القبيح والحس ، ويعرف ما في دارك وبستانك !
-
عليك أن تُجلس صبياً على كرسي المُلك ، أسم الخلافة له ، ومعناه لك ، فتربيه فإذا كبر ،عرف لك حق التربية وقضيت وطرك منذ صغره!
المعرفة والخلفاء والملوك
يقول المؤلف محمد بن علي بن طباطبا ” يرحمه الله ” تحت العنوان الآنف : ” وكانوا – وزراء الملوك – يكرهون أيضاً أن يكون في الخلفاء فطانة ومعرفة بالأمور ، لما مات المُكتفي عزم وزيره على مبايعة عبدالله بن المعتز ، وكان عبدالله فاضلاً لبيباً ، فخلا به بعض عقلاء الكتّاب وقال له : أيهذا الوزير، هذا الرأي الذي قد رأيته في مبايعة ابن المعتز ليس بصواب ، قال الوزير : كيف ذلك ؟
قال : أي حاجة لك أن تُجلس على سرير الخلافة من يعرف الذراع والميزان والأسعار ، ويفهم ألأمور ، ويعرف القبيح من الحسن ، ويعرف دارك وبستانك وضيعتك ؟
ومضى إلى القول : الرأي أن تُجلس صبياً صغيراً ، فيكون أسم الخلافة له ، ومعناه لك ، فتربيه إلى أن يكبر ، فإذا كبر عرف لك حق التربية ،وتكون أنت قد قضيت أوطارك مدة صغره .
فشكره الوزير على ذلك ،وعدل عن عبدالله المعتز ، إلى المقتدر ، وعمره يومئذ ثلاث عشرة سنة .
وكان بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ، رحمه الله ، أكثر ما يجري في مجلس أنسه إيراد الأشعار المطربة ، والحكايات المُلهية ، فإذا دخل شهر رمضان ، أُحضرت له كتب التواريخ والسير ، وجلس الزّين الكاتبُ ، وعز الدين المحدث يقرآن عليه أحوال العالم .
يتبع لاحقا..
طالع الحلقة السابقة (الأولى ) :
حجب الوزراء علوم الأولين عن أعين السلاطين
تواصل مع تراثنا