• Post published:16/12/2024

 

الحلقة الأولى

 

 

سيل يجتاح الكعبة المكرمة
سيل يجتاح الكعبة المكرمة

 

تراثنا – د. محمد بن إبراهيم الشيباني * :

 

أَقدَم المؤلفات أو المعاجم في  تاريخ مكة تبدأ من مولفات محمد بن عمر الواقدي (130 -307 هجري) وعلي بن المدائني ( 135 0 325هجري)، ثم محمد بن عبدالله الأزرقي (نحو عام 250هجري) والزبير بن بكار (172-256هجري) وعمر بن شبة ( 172 – 266هجري) ومحمد بن اسحاق الفاكهي ( نحو 280 هجري).

 

 

الدكتور محمد بن إبراهيم الشيباني رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق
د. محمد الشيباني

 

وهذه المؤلفات متصلة بعضها ببعض ، وهي قريبة في أزمنتها ، لكن لم يصلنا منها غير كتابي الأزرقي والفاكهي ، ولسنا هنا بصدد الكلام على هذه الكتب ومخطوطاتها ، وإنما مرادي شيء واحد ، وهو ما امتاز بن كتاب الأرزقي من ذكر السيول التي مرت بمكة المكرمة من الجاهلية حتى بداية الإسلام ،

 

سيول مكة تجتاح الطرقات وتسحب المركبات
سيول مكة تجتاح الطرقات وتسحب المركبات

وما أكمله بعده العلماء مثل الخزاعي والفاكهي على سبيل الحصر ، ثم ما ألحقة إبراهيم رفعت في كتابه (مرآة الحرمين) ، ثم المؤرخ صالح محمد جمال على كتاب الأزرقي المطبوع عام (1385 هجري – 1965م) ،و إلى العهد السعودي (زمن الملك سعود بن عبدالعزيز) ، ثم ما أورده العلامة محمد طاهر الكردي الخطاط المكي في كتابه (التاريخ القويم لمكة بيت الله الكريم) ، وهو يقع في ستة مجلدات ضخام من القطع الكبير ، وهو من الكتب النادرة في العصر الحديث في تاريخ مكة حتى اليوم .

 

وقد زدت على ما ذكره الكردي من مصادر أخرى حتى اكتمل البحث في رأيي في هذا الموضوع ، حتى تظهر لنا مخطوطات أو تحقيقات جديدة تضيف إلى ما ذكرناه ، ومن الله نستمد العون :

 

وفي هذا الصدد ، فإن مكة شرفها الله ، واقعة في واد تحف به الجبال من كل جانب ، فإذا نزلت الأمطار عليها بشدة نزلت المياه من جميع الجبال ، ومن المرتفعات وغيرها إلى المواضع المنخفضة ، بمكة ، فتجمعت في أزقتها وشوارعها ، ونزلت مع المياه من الجبال والأماكن الحجارة والأتربة ، وإذا زادت الأمطار في ضواحيها جاءت السيول من أعاليها من جهة منى إلى داخل مكة ، وجرفت معها ما كان في طريقها ،فتدخل المسجد الحرام ، فتحدث به أضراراً كثيرة ، كما تحدث أضرارا في بيوت مكة القديمة .

 

سد عمر بن الخطاب

 

كتاب_أخبار_مكة،_للأزرقي
أخبار مكة للأزرقي

 

لذلك كانوا يعملون سدوداً من قديم الزمان ، كسد عمر -رضي الله عنه – وما عمله من الردم عند المدعى ، حيث كانت الكعبة تُرى من هذا الموضع لعلوه ، وذلك صوناً للمسجد الحرام من دخول السيل ، فتحول مجرى السيل بسبب ذلك إلى وادي إبراهيم ، بعد أن السيل ينحدر من المدعى إلى المسعى ، من ناحية المروة ، وكان ذلك سنة 17 هجرية ، بعد انتهائه من وضع مقام إبراهيم عليه السلام ، في موضعه ، وبعد انتهائه أيضا من عمارة المسجد الحرام ،والزيادة عليه .

 

ولقد كان سد عمر – رضي الله عنه – سداً عظيماً محكماً بناه بالضفائر والصخور والعظام ، وكبسه بالتراب ، فلم يعله سيل بعد ذلك مدة مئتي سنة تقريباً ، ويسمى هذا الردم ردم ” بني جمح ” وقد كان في هذا الموضع وهذا الردم هو أول سد عمل في مكة المكرمة .

 

قال المؤرخ الأزرقي في تاريخه : وكل واد في الحرم فهو يسيل في الحل ، و لايسيل من الحل ، إلا في موضع واحد عند التنعيم عند بيوت غفار .

 

يتبع لاحقاً : السيول من عصر الجاهلية إلى العصر الحديث.

 

نقلا عن تراثنا – العدد 44

أنقر للمطالعة

 

 

غلاف مجلة تراثنا - العدد 44 الصادر في رمضان / شوال 1423 هجري - أغسطس / سبتمبر 2011 م

 

 

 

تواصل مع تراثنا

 

 

 

اترك تعليقاً