الحلقة الأولى
سيرة تاريخية من تراث الكويتي البحري
تراثنا – التحرير :
شكلت الكويت أشبه بمرسي للمراكب الشراعية القادمة من مناطق مختلفة لتوزيع الحبوب والشعير والقمح والرز على بقية مناطق الجزيرة الحربية في وقت الحروب وتوقف البواخر الكبير عن الإبحار فحققت ازدهار كبيرا في القرنين التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين .
جاء ذلك في لقاء موسع مع الباحث التراثي ناصر حسين علي النجدي عضو الجمعية الكويتية للتراث ، الملقب ب ” حفيد سندباد الكويت البحري ” ، اجراه صالح محمد المذن – يرحمه الله – في برنامج “الدهريز ” التلفزيوني .
في بدء المقابلة ، تحدث الباحث ناصر حسين النجدي،عن نشأة جده علي ناصر النجدي صاحب مركب (المهلب) الشهير، والذي لقبه الكابتن الأنكليزي آلن فليبرز بالسندباد ، في مذكراته (ابناء السندباء) ، وتحدث فيه المؤلف عن ابحاره على سطح تلك السفينة الكويتية الشراعية بصفة راكب مستعرضا ما واجهه من أحداث وأمور فيها حنكة نواخذة العرب ومهارتهم في تجاوز الصعاب والأزمات في رحلاتهم البحرية .
يقول النجدي عن جده : هو جدى من جهة والدي ، والده هو النوخذة علي ناصر النجدي، بيد أني أكبر الاحفاد من اكبر ابناءه ، يُشار إلى أن اللقاء التفزيوني تم في ديوان علي النجدي الكائن بمنطقة كيفان – سكنها منذ عام 1985م – ويُعد هذا الديوان امتداد للديوان القديم للجد الأكبر ناصر الكائن في منطقة شرق بمدينة الكويت القديمة ، حيث يطل على البحر ، ويقع بين فريج النصف وفريج الهلال ، مقابل النقعة (مرسى السفن) المشتركة بينهم وبن آل تركيت وبن حمد الفضالة .
ناصر التمر !
وحول بداية الجد الكبير ناصر النجدي ، يقول : نزح من الحصون بسدير الى الكويت، وكان نزوحه في منتصف القرن 19 لظروف المعيشة الصعبة ، وهذا حال كثير من النازحين ، حيث كانت الكويت حينذاك تمثل بالنسبة لاهل الجزيرة العربية وأهل فارس وغيرها (بلد الأحلام) ، فهي أرض جاذبة للعمل، وكان جدنا – يرحمه الله – رجل عصامي بدأ بناء نفسه من الصفر باعمال صغيرة ،ثم تطور واتجه إلى التجارة ، فتاجر ببيع التمور ، وفتح الله عليه في رزقه ، وتوسع في تجارته وكبرت ، حتى أُشتهر بها بين الناس ، وسُمي ب (ناصر تمر) ، وفي أحدي المقابلات التلفزيونية التاريخية مع الشيخ عبدالله الجابر الصباح – يرحمه الله – كان يؤكد هذه الصفة ، فيقول: ” النوخذه ناصر النجدي “ويلقبه ب (ناصر التمر) ،
ويستطرد الباحث ناصر النجدي في وصف الاوضاع في تلك الحقبة التاريخية ، فيقول : بعد ان كبرت تجارته اتجه الي مهنة الغوص ، وكانت مهنة الكثير من أهل شرق بمدينة الكويت القديمة ، ومعلوماتي بسيطة عنها، وتطور الوضع ، فأصبح لجدنا سفن للغوص، وفتح الله عليه حتى اشتغل أيضا بالسفن الخاصة بالسفر .
الحرب العالمية الثانية
وأشار إلى ان النواخذة ( قادة السفن) اعتادوا تغيير المهنة من فترة لفترة تبعاً لظروف الصنعة ،وقال : وفي ذلك الوقت الذي وافق اندلاع الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945)، استبدل الطواويش ” تجار اللؤلؤ” والنواخذة مهنة الغوص على اللؤلؤ إلى السفرللتجارة ونقل البضاعة، نتيجة الكساد وتراجع الطلب على اللؤلؤ، وهو ما أدى وتسبب في ازدهار مهنة السفر ، نظر لعجر وتوقف البواخر الكبيرة عن السفر في البحر – تجنباً لمخاطر الحرب – واصبح الاعتماد بالتالي على السفن الشراعية الخشبية الصغيرة لنقل البضائع إلى دول الخليج كلها .
وكانت الكويت – في موقعها المميز على رأس الخليج – محطة من محطات استيراد الحبوب والقمح والرز والشعير وغيرها ، وتوزيعها على بقية بلدان الجزيرة ، فزاد الازدهار لدى التجار والنواخذة والبحارة بازدياد الطلب عليهم .
يتبع لاحقا ..