مقتطفات – الحلقة (2)
من كتاب (طبعات السفن والقرصنة عليها في تاريخ الكويت)
تراثنا – التحرير :
تقتطف تراثنا من كتاب “طبعات السفن والقرصنة عليها في تاريخ الكويت” (*)، مقتطفات من أحداث دامية رافقت الموروث البحري في الكويت والخليج بحثاً عن الرزق والتجارة والغوص على اللؤلؤ و صراعهم مع قراصنة الخليج ..وهي تمثل قصص دامية من تراثنا البحري .
• مبارك الصباح يأمر بإعدام ثلاثة بحارة صوماليين قتلوا سيف السيف جد المؤرخ سيف الشملان .
• يوسف بن حسين يمسك بثلاثة قراصنة قتلوا سيف الرومي ويتصارع مع زعيمهم الرابع في لنجة بإيران .
• المعتمدية البريطانية تعطل تنفيذ حكم الإعدام في قتلة الرومي إلى عودة الشيخ مبارك من المحمرة .
مقتل سيف بن سيف
في عام 1913 م قُتل سيف بن سيف جد المؤرخ سيف الشملان في عرض البحر من بحارته الصومالية ” الانكليز ” فاضطر هو وابن عمه يوسف بن حسين بن علي آل سيف قبل أن يموت بساعات ، أن يلقيا بأنفسهما في البحر للنجاة منهم ، فسبحا طوال الليل ، ثم توفى سيف عند صعودهما إلى جالبوت ” مبارك بن عبدالله الخاطر ” من أهل الجبيل ، وعند وصول السفينة “الجالبوت ” في مكان اسمه دماغ يقع في الجنوب من بلدة الجبيل قرب مغاص الصفق ، دُفن سيف هناك والقصة طويلة ، ذكرها المؤرخ سيف مرزوق الشملان في كتابه الممتع ( تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي ) .
وعند وصول يوسف بن حسين اُخبر الشيخ مبارك الصباح بذلك ، وأرسل من أهل الكويت من يبحث عنهم ، فوجدهم في (لنجة) من الساحل العربي في فارس ، فجلبوهم إلى الكويت ثم أعدموا الثلاثة رمياً بالرصاص في ساحة الصفاة ، عند بيت الفوزان ، أو في المرقاب في صبيحة يوم الأربعاء الاول من أكتوبر 1931 م ، بعد أن أخذوا الأذن في إعدامهم من المعتمدية البريطانية ، على اعتبار أنهم رعايا إنكليز ، أما الثالث وهو صغير فلم يكن مشاركاً معهم في الجريمة ، ودل على الأموال المسروقة المدفونة فعفى عنه (1) .
مقتل سيف الرومي
في صيف عام 1913 م خرج سيف الرومي في سفينته الخاصة من الكويت بقصد شراء اللآلئ من الغواصين في عرض البحر ،وكانت بحارة سفينته كلهم من الصوماليين البريطانيين إلا طباخها فقد كان عراقياً من بغداد ،ولما قاربت تلك السفينة نواحي الجبيل ، تآمر البحارة الصوماليين على قتله والاستيلاء على أمواله ، وكان الوقت قارب العشاء ، فهجم عليه رئيس الصوماليين حاملاً بندقية ،وكان سيف مستلقياً على ظهره ،فأطلق الصومالي عليه الرصاص فأصابه بأسفل ظهر ، فألقى سيف ومن كان معه أنفسهم في البحر ، ولما وصلوا إلى الساحل وافته المنية فدفنوه هناك .
أما أولئك الصوماليون ، فبعد أن خلت السفينة من ركابها وهموا بقتل الطباخ إلا أنه توسل إليهم فأطلقوا سراحه ، وضعوه على خشبة ورموه في البحر ، فتقاذفته الأمواج حتي أوصلته الى ساحل البحرين ، فذهب حالاً إلى دار الاعتماد البريطانية واخبر بتفصل تلك الحادثة، فأرسلت سفينة حربية للبحث عن الجناة .
القبض على الجناة
أما الشيخ مبارك ، فلما وقف على الخبر ، اهتم له اهتماماً زائداً واتصل بدار الاعتماد البريطانية في الكويت وطلب التفتيش عن المجرمين ، ولم يكن اهتمام أهالي الكويت بهذه الحادثة بأقل من اهتمام الشيخ مبارك ، فقد قرر بعضهم أن يأخذ على عاتقه شخصياً البحث عن اولئك المجرمين ،فسافر عيسى القطامي ومعه ابنه عبدالوهاب بسفينة شراعية للبحث في سواحل إيران ، أما عبدالعزيز القطامي و يوسف بن حسين وابن عثمان فقد زودهم المعتمد السياسي البريطاني في الكويت برسائل بناء على طلب الشيخ مبارك توصي بمساعدتهم ، فذهبوا إلى لنجة بإحدى البواخر ، فلما وصلوها نزل عبد العزيز القطامي إلى المدينة يتجول باحثاً عن أولئك الجناة ومعه رسالة المعتمد البريطاني في الكويت ، وبقي يوسف ومعه ابن عثمان على ظهر الباخرة ، يراقبان المسافرين وبينما هما كذلك أبصرا بأحد الصوماليين فمسكه يوسف ، ثم جاء الآخر فمسكه أيضاً ثم مسك الثالث .
تأخير تنفيذ الأعدام
وظل ينتظر كبيرهم القاتل فجاء وعليه لباس جديد ، فلما رآه يوسف ألقى بنفسه عليه واشتبك معه بصراع ، فاستطاع يوسف بمساعدة ابن عثمان من ربطه بحبل ، وهناك تدخل ربان الباخرة وهم أن يطلق سراحه ، لو لم يخبروه بوصية المعتمد البريطاني في الكويت ،فأتصل بدار الاعتماد البريطاني ” لنجة ” فأرسل المعتمد البريطاني زورقاً في ثلة من الشرطة لتسلم الصوماليين ، ثم أرسلهم إلى الكويت في إحدى البواخر ورافقهم يوسف وابن عثمان .
كان الشيخ مبارك حين وصول أولئك الصوماليين إلى الكويت في المحمرة بزيارة إلى الشيخ خزعل ، فطلبت أسرة سيف إلى الشيخ جابر المبارك قتل أولئك المجرمين ، فهم الشيخ جابر بقتلهم فاعترض المعتمد البريطاني على ذلك ، فتوقف عن القتل ، فذهب شملان بن علي إلى المحمرة لمقابلة الشيخ مبارك ، وأخبره بوجوب قتلهم فوعده متى ما رجع إلى الكويت ، ولما عاد نفذ حكم الإعدام في ثلاثة منهم في محلة المرقاب وعفا عن الرابع لعدم إدانته ، فكان إعدامهم رمياً بالرصاص وعلى ملأ من الناس ، ودفنوا في إحدى القلبان هناك (2) .
هوامش :
(*) منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق
1– تاريخ الغوص على اللؤلؤ ، للشملان ، 2/220 .
2- هذه القصة بتمامها أوردها حسين خزعل في تاريخ الكويت السياسي 2/292 ،220 وهي التي اعتمد عليها المؤرخون الكويتيون في كتبهم ومصنفاتهم وصاغوها صياغات مختلفة .