ذهب إلى الكويت معلماً فعاد متعلماً !
تراثنا *: نعم ، فقد ذهبت إلى الكويت معلماً ، فعدت منها متعلماً أشياء كثيرة ، والتعلم ليس مقصوراً على سن معينة ، فالإنسان يتعلم من المهد إلى اللحد .
هذه السطور منتقاة (ديوان أحمد محمد عنبر – الكويت 1966م ) حيث قدم إلى الكويت من مصر ليعمل في مهنة التعليم عام 1946 م ، وحصل على الجنسية الكويتية ، وله اسهامات ادبية وشعرية وطنية بعضها تم نشره والآخر مخطوط .
-
تعلمت من الكويتيين الصبر والصراحة والصدق والثقة بالأخرين وعدم المراوغة .
-
تعلمت في الكويت النشاط لان المدارس تفتح بعيد طلوع الشمس والاعياد والزيارات الرسمية في وقت مبكر .
-
تعلمت من تلاميذي الدأب والاجتهاد في الدروس ورثوه من قومهم مما زاد حرصي على فائدتهم .
الصبر والقراءة
يعبر أحمد محمد عنبر ” يرحمه الله ” في ديوانه عن رحلة حياته في الكويت وما تعلمه منها : ” تعلمت من الكويتيين الصبر ، لم أتعلم فقط من هذه الرحلة الطويلة التي قطعتها من مصر إلى الكويت ، فقد مررت في طريقي إليهم بإخوان كرام وبلاد شقيقة ، فاستفدت معرفة ، وازددت حباً كان مبنياً على القراءة والتاريخ ، فأصبح مستمداً من الشعور والحس .
الصراحة والثقة
تعلمت من الكويتيين الصراحة والثقة ، فالكويتي زميلاً وصانعاً وتاجراً وشيخاً ، صريح في حديثه ، يثق بك ويبعث فك الثقة به ، لا تحتاج حين تحادثه إلى مراوغة أو لف ودوران ، مما هو من آثار المدنية المعقدة ، لأنه يعيش على الفطرة السليمة ، وحين يأخذ بأسباب المدنية لا يأخذ منها التعقيد والتكلف ، ولا تحتاج حين تعامله إلى وثائق أو صكوك ، فلتذهب إلى دكان أو صديق ، وخذ منه ما تشاء ، وانصرف وهو واثق بك .
النشاط والتبكير
تعلمت في الكويت النشاط الجم ، لأن المدارس تفتح بعيد طلوع الشمس صيفاً وشتاء ، حتي الأعياد والزيارات الرسمية تتم في وقت مبكر جدا ، فأصبحت الأن استيقظ مبكراً ، إذ علمني الكويتيون البركة في البكور.
الاجتهاد الجاد
تعلمت من تلاميذي ، فقد كان يعجبني فيهم ما ورثوه عن قومهم من الدأب الجاد والأجتهاد في الدروس ، فيحملني ذلك على زيادة العناية بأمرهم ، وشدة الحرص على فائدتهم .
تعلمت الشعر
بقي القول .. إنني تعلمت الشعر في الكويت ، فقد عدت من الكويت شاعراً ، أذا استسيغ مني هذا القول ، وقد كنت أقول الشعر قليلاً قبل ذهابي إلى الكويت ، فما أن رأيت فيها احتفال الناس للشعر والأدب ، وما أن قلت أول قصيدة ، ورأيت اهتمامهم ومجاملتهم للشاعر ، حتى بعث ذلك في نفسي نوعاً من الزهو ، مصحوباً بشده حرصي على محاولة تجويد ما أقول ، فأنا بين أدباء يفهمون الشعر ويقدرونه ..كل هذا جعلني احاول تحقيق ظن أولئك القوم الكرام ، فإن كان هناك فضل فهو فضلهم .
الحنين والحب
واخيراً .. تعلمت في الكويت الحب والحنين ، حب الوطن والحنين إلى الأهل والأصدقاء ، فقد كنت في الكويت ينبعث حبي لمصر شديداً ، وأنا الآن في مصر اطوي ضلوعي على حب شديد للكويت ،وحنين إلى الاصدقاء ، فأنني ابعث إليهم جميعاً على صفحات ” البعثة ، بهذه الكلمة تحية وتذكرة فلن أنسى أيامي السعيدة بنهم ما حييت ” .
( حلوان 1949 م ) .
في الختام : ليت الجميع يذكر حق الكويت عليه ، كما قال شاعرنا هذا ، و لا تقابل من أي عدم الالتزام بالقانون ،( وهو على الجميع ) وهذا كذلك ينطبق على الكويتي سواء ..فالوطن يعطي وياخذ ، فلا نشكره ونقف معه حين يعطي ، ونكفره ونقف ضده حين يمنع !
يتكلم شاعرنا عن الكويت وأهلها في حقبة الاربعينيات والخمسينيات الجميلة وما تبعها ، لا عن هذه الايام التي اصبحت غير شكل ، ومع هذا كله فالمطلوب من الجميع التقيد بالقانون وتطبيقه على النفس ولو لم يطبقه الآخرون .
والله المستعان ..
*د . محمد بن إبراهيم الشيباني
رئيس التحرير و رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق
تواصل معنا
زيارة الصفحة الرئيسة ( تراثنا ) – حساب ( تراثنا ) على منصة تويتر – حساب ( المخطوطات ) على منصة انستغرام – مجلة ( تراثنا ) الورقية – الموقع الالكتروني لمركز المخطوطات والتراث والوثائق • تتوفر تراثنا عن طريق الاشتراك فقط حاليا ً.. التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه – هواتف المركز : 25320902- 25320900/ 965 +