الحلقة الحادية عشر

 قضاء الوقت واللهو عند البدو

 

 

تراثنا – بقلم المؤرخ صالح هواش المسلط :

 

لأهل البادية فنونهم وتراثهم وآدابهم ، تنوعت وتعددت ، بتنوع المواقع التي سكنوها في الفيافي والصحاري، وأخذت هذه المظاهر بالتلاشي، بتوقف الغزوات والكر والفر ، والاتجاه إلى الاستقرار في المدن ،فلم يبقى غير التعيش على فنون الماضي وذكرياته (حلقات الدراسة) .

 

 

 

نقلا عن الدراسة المنشورة في مجلة تراثنا الورقية مستذكراًً حقبة الأربعينيات من القرن الماضي حول حياة البداوة وطعامهم ولهوهم ،يتناول المؤرخ صالح هواش المسلط تسليط الضوء في هذه الحلقة أسلحة البدو وأنواعها وترحالهم من موقع لأخر، فيقول :

 

أسلحة البدو

 

كانت أسلحة البدو قديما ًالسيوف والرماح والسهام ، أما اليوم ومنذ نصف قرن ، فقد انشرت البنادق ويدعونها (بواريد) جمع بارودة .

 

وصار أعمها بعد الحرب الماضية بنادق موزر الألمانية ، مما تركته الجيوش التركية ، وهذه البنادق موجودة بكثرة في كل مضارب البدو، إلا عند الرؤساء والشيوخ الذين يحملونه للزينة أو ذكرى لما خلفه الآباء .

 

وعند البدو من الأسلحة البيضاء الخناجر والشاكريات والشباري المعلقة بالمناطق وقد يشدون على حقويهم الرداني جمع ردينة ، وهي المسدسات على اختلاف اشكالها .

 

وعند أعراب الديرة والشوايا (الكلنك) هو شبه المطرقة ذو رأس حديدي دقيق من جهة ، وغليظ من جهة أخرى ، وله مقبض خشبي طوله نحن نصف متر ، والقنا أوا لجنا وهي كرة تكون من الحديد أو من خشب البطم القاسي ولها مقبض خشبي ، وهي الدبوس عند الحضر ، وصبيان البدو يقاتلون بالمقلاع المعروف ويقذفون به الحجارة .

 

الرحيل 

 

 

أحب شيء إلى البدوي الغزو والرحيل على حد قولهم :

 

لشرط البداوة كل يوم مغزى

 

وعز البداوة كل يوم رحيل 

 

والرحيل هو انتقال حلة البدو من مكان لآخر ، وقد قدمنا أن البدو لا يستقرون في مكان ولا يطيلون الإقامة في ارض ،  فهم دائما يتنقلون من أرض لأخرى ، ومن منزل إلى منزل ، ويرتادون الكلأ ويفتشون على مراعى وموارد لإبلهم ، لتراكم الأوساخ حول المحلات يقيمون فيها ، فيتركونها ليتخلصوا منها ومن الروائح المنبعثة بسببها .

 

ومتي ما أرادوا الرحيل يجتمع كبراء العشيرة في بيت الشيخ فيتشاورون ،وكل واحد منهم يذكر المكان الذي يراه مناسباً ليكون مرتعهم الجديد ، فيختارون من الأعراب رواداً يرتادون الأماكن الكثيرة الكلأ والماء ، فيذهب هؤلاء على الخيل وفي السيارات ، إذا كانت لديهم سيارات ، فيتحرون المنازل والمناهل في المواقع التي اعتادوها في كل عام، ويعودون ويخبرون عن المحل الذي اعجبهم ، فيعين مجلس كبراء العشيرة يوم الرحيل ،ويعلن أبناء العشيرة ليتأهبوا له .

 

وفي اليوم الموعود قبل طلوع الشمس تقوض النساء الخيام ويحملنها مع سائر الأثقال على الأبل ، ويسرح الرعاة بالغنم قبل الفجر نحو المحل المقصود ، وبعد أن يتم تحميل الأثاث يسير شيخ العشيرة وكبراؤها في الطليعة ، ثم تتبعهم الرجال والنساء مشاة وركباناً ، وزرافات ووحداناً ، وبدون أي ترتيب او انتظام ، وتعلو النساء الغنيات الهوادج ، أما الفقيرات فيسرن وراء الحمير المحملة مشياً ، وهكذا يسير الركب إلى أن يصل إلى المحل المقصود وتُنزل الأحمال ، وتُنصب البيوت ، وتُشد إلى أطنابها ، وتُوقد النيران ، وتُطبخ القهوة والطعام .

 

وقد وصف الشاعر الجاهلي الحارث بن حلزة اليشكري أهبة البدو للرحيل بأجمل ما يمكن من الإيجاز ، قال :

 

اجمعوا امرهم عشاء فلما 

 

أصبحوا وأصبحت لهم ضوضاء 

 

من مناد ومن مجيب 

 

ومن تصهال خيل خلال ذاك رغاء  

يتبع لاحقا ..

 

 طالع الحلقة  العاشرة :

 

المسموح والممنوع على الضيف عند أهل البادية

 

 

 

نُشرت في مجلة تراثنا – العدد 42

أنقر للتفاصيل

 

 

 

 

 

 

 

تواصل مع تراثنا 

 

 

 

أسلحة البدو, أعراب الديرة, أنواع أسلحة البدو, الأسلحة البيضاء, البداوة والصحراء, البنادق, البوارد, التزين بالسلاح, الحارث بن حلزة اليشكري, الحنا, الرداني, الشاكريات, الشباري, القنا, الكلنك, المؤرخ صالح المسلط, المسدسات, المقلاع, بارودة, بنادق موزر الألمانية, بواريد, حياة أهل البادية, خشب البطم القاسي, رحيل البدو من أرضهم, ردينة, زينة السلاح, صبيان البدو, قضاء الوقت عند البدو, مضارب البدو, والشوايا