(في بلاد اللؤلؤ) – الحلقة (18)
سطور من ماضي الكويت بعين شامية

تراثنا – التحرير :
في الحلقة الثامنة عشر ، يواصل الكاتب السوري والمحامي فيصل العظمة – يرحمه الله – تدوين انطباعاته وملاحظاته عن كويت عام 1942م ، التي دوَّنها في كتابه (في بلاد اللؤلؤ) في طبعته الأولى عام 1945م .وأعيد طبعتها الثانية في 2020 م بالكويت ، بتحقيق أ .د أحمد بكري عصلة – يرحمه الله .

في الحلقة يكشف أ . فيصل العظمة جانب آخر ، من كواليس حادثة الخلاف بين الكويت والسعودية فيما تعارف عليه ب “معركة الرقعي ” ، وفي هذا السياق يشير إلى حنكة الشيخ أحمد الجابر الصباح- يرحمه الله – ، ووصفه بالحكمة والروية في والهدوء و أنه ” يعرف بأن ما حوله أقوى منه ويطمعون به ” و ” لذلك تراه يداري ولا يستسلم وقد استطاع بحنكته أن يحفظ بلاده من الطامعين ” .
أنا سيف الكويت المسلول
و يسترسل الكاتب العظمة بالقول : ولا أدّل على مهارته ولباقته السياسية من المفاوضات التي جرت بينه وبينه ابن سعود ، غداة وقعة الجهرة ، حينما ذهب على رأس وفد للصلح ، فلما بلغ ابن سعود نعي سالم ” الشيخ سالم الصباح “، ألتفت إلى سمو الامير وقال له :” لا لزوم لمعاهدة ، ولا حاجة لشروط ، فإنا سيفك المسلول ، اضرب بي من شئت ، وأنت (وألى) (1) بالقبائل التي تحت أمري ،ولك ان تؤدب من تشاء إذا بدر منها اعتداء على أحد رعاياك ، أما حدود الكويت ، فإنها ستمتد إلى أسوار الرياض ، لك على هذا عهد الله وميثاقه”.
مزَق اتفاقية الصلح !
ويستطرد بالقول : ثم أخذ الملك ورقة الصلح ومزقها ، ونادى المنادي بين الأخوان في نجد :” إن سوق الكويت ونجد والإحساء واحد ، ولا معارض لمن أراد السفر إلى الكويت ” وحذرهم من الاعتداء على من ينتسب لآل صباح ، وأذن للنجديين بمسابلة الكويت ، والامتيار منها ، وهذه نتيجة باهرة ما كان يمكن ان يحصل عليها إلا سمو الأمير .

آل صباح سيوف آل سعود
ويستأنف العظمة مبيناً : والعلاقات الخارجية بين آل صباح وآل سعود قوية ومتينة ، فهم حلفاء وأصدقاء ، وآل صباح هم سيوف آل سعود ، التي انتصروا بها على آل رشيد ، كما أن بين جلالة ابن سعود والشيخ أحمد علاقات شخصية قوية وصداقة لا تنفصم عراها .

وقد استنجد ابن سعود مرة بالشيخ أحمد حينما كان محاصراً حائلاً ، فأمده الأمير بكميات كبيرة من المال والأغذية ، مكّنت ابن سعود من متابعة القتال حتى النصر ، وجلالة ابن سعود يحفظ لسمو الأمير يده البيضاء .
وإن تكون حدثت بين الرجلين العظيمين جفوة بسبب “المسابلة ” أي تعامل النجديين مع الكويتيين (إلا أن) هذا لا يعدو ما يقع أحياناً بين الأخوة .
أمير حكيم غير مندفع
ويضيف : وسمو الأمير مثقف الثقافة المعروفة في عهده ، وهي العلوم الدينية والعربية ، وهو رجل هاديء ، يعمل في سكون ويكره الضجة ،أخلاقه عالية وهو غير مستبد ، وإنما يستشير كبار القوم فيما يعرض له من الأمور ، وهو يحسب للرأي العام حسابه ، ولكنه لا يندفع في تياره ، ولا أدل على ديمقراطيته من تأسيسه المجلش الشورى والمجلس التشريعي .
وسموه محافظ على الآداب الإسلامية ، والتقاليد العربية ، ومع ذلك معجب بالمدنية الأوروبية ، ويقتبس منها ما يفيد ، ويريد ان تصير بلاده وبلاد العرب مثل أوروبة في الحضارة والرقي .
انتقاءات من ص (95-97).
طالع الحلقة 17 :
الشيخ أحمد الجابر الصباح وتأييد للوحدة العربية
هامش :
1- لعلها خطأ مطبعي ، صوابه : أولى
ينبع لاحقا ..
مقتطف من كتاب (في بلاد اللؤلؤ) لمؤلفه الإستاذ فيصل العظمة – المحامي – أهدى طبعته الأولى “دمشق – 1945م” إلى أمير الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح ، الطبعة الأولى” دمشق”، الطبعة الثانية عام 2020م ، تحقيق أ . د أحمد بكري عصلة – يرحمه الله – يقع في 218 صفحة وسط ، مقتنيات مركز المخطوطات والتراث والوثائق بالكويت .
تواصل مع تراثنا