حقائق أغفلتها كتب التاريخ العربية ولم تذكرها المصادر الأجنبية
تراثنا – التحرير : التغييرات السياسية في المنطقة قد تمثل محفزاً للباحث لسبر خفايا خلفيات غائرة في التاريخ للحدث ، تغني الصورة بما يضيف أبعاد جديدة إلى جملة القراءات المتعددة.
ويبدو أن الحضور التركي القوي في الساحة العربية ، وبصماتها على الكثير من التطورات ، إضافة إلى دخول الدراما التركية ضمن ثقافة العربي اليومية قد حفزت د . محمد بن إبراهيم الشيباني (*) إلى استحداث قسم خاص بالتاريخ العثماني والاناضول ضم نشرات مركز المخطوطات والتراث والوثائق .
-
جماعة الأخية شباب عزاب تجمعوا في زوايا ليكرموا الضيف وقضاء الحوائح والتصدي للمظالم .
-
لعبوا دورا سياسياً محورياً في حقبة السلطان أرطغرل وتبوئوا مكانة بارزة عند السلطان عثمان الأول.
-
مثلوا قوة لمجاميع شعبية متداخلة ناشطة في المدن بين الشباب ذات دوافع اجتماعية أكثر منها دينية .
ويأتي الإصدار الثاني لهذا القسم ( جماعة الأخية في وسط آسية )، ليحكي حكاية غير محكية ، ما قبل قيام الدولة العثمانية ، بل هو احد ارهاصاتها .
بداية السلطنة العثمانية
يوضح الكتاب د.الشيباني ظروف توليفه للكتاب في مقدمته قائلاً: ” في أثناء تحقيقي وتعليقي على كتاب ” سلاطين بني عثمان ” لمحمد جميل بيهم ، استوقفني موضوع قليل طرحه في أثناء الحديث عن نشأة السلطنة العثمانية في منطقة آسية،وهو موضوع ” الأخية الفتيان ” أو ” جماعة الأخية “ودورها في تلك البقعة من الأرض(الأناضول) ثم انضمامها بعد ذلك إلى السلطان عثمان بن أرطغرل بداية السلطنة العثمانية،وتبوئها المكانة المرموقة عند السلطان عثمان الأول ثم عند السلاطين من بعده .
ويستطرد بالقول : ” لم يجبرهم أحد على فعلهم وهو أكرام المسافرين المارين على ديارهم كما ذكره الرحالة ابن بطوطة وغيره ، بل هي صفة طيبة فيهم ، توارثوها أباً عن جد كما ذكرت بعض المصادر التي أرفقتها مع هذا المبحث … وقلت في ثناياه وفي الخاتمة ، إن هذه الجماعة لم توفها المصادر العربية التي بين أيدينا حقها من الذكر ، بل حتى المصادر الأجنبية المترجمة لم تذكر عنها ما يشفي غليل الباحث من التركيز والإظهار لتاريخهم وعقائدهم ،وإن كان بعضها نسبها إلى الصوفية وغيرها ، وكل ما يخالف الدين الإسلامي …”
الأخية
وتحت هذا التبويب ، ينسب المعد إلى ابن بطوطة تعريف معناها من واقع ما نقله من كتاب ” رحلة ابن بطوطة ” ، حيث يشير إلى انها لفظة تركية معناها نبيل أو ينسب إلى الفردوسية ، وهم في جميع البلاد التركمانية الرومية ، في كل بلد ومدينة ، لا يوجد في الدنيا مثلهم أشد احتفالاً بالغرباء من الناس ، وأسرع إلى إطعام الطعام وقضاء الحوائج ، والأخذ على أيدي الظلمة ، وقتل الشُرط ومن ألحق بهم من أهل الشر ..
شباب عزاب أهل ضيافة
والأخي عندهم – الكلام لابن بطوطة – رجل يجمع أهل الصناعة وغيرهم من الشبان والأعزاب والمتجردين ،ويقدمونه على أنفسهم ، تلك هي الفتوة أيضا .. ويبني ” الأخي ” زاوية” ، ويجعل فيها الفرس والسُرج ،وما يحتاج إليه من الآلات ،ويخدم أصحابه بالنهار في طلب معايشهم ، ويأتون بعد العصر بما يجتمع لهم ، فيشترون به الفواكه والطعام على غير ذلك مما ينفق في الزاوية ..فإن ورد في ذلك مسافر على البلد أنزلوه عندهم ، وكان ذلك ضيافته لديهم ، ولا يزال حتي ينصرف ، وإن لم يرد وارد اجتمعوا على طعامهم فأكلوا وغنوا ورقصوا ..
دورهم السياسي
وأورد المعد د .الشيباني تفاصيل الدعوة التي تلقاها ابن بطوطة من جماعة الأخية لضيافته أثناء رحلته ، ووصفه المسهب لمكان الضيافة وما فيه من البسط الرومية الحسان ، وآنية الفضة ، واصطفاف شباب الأخية بلباس الأقبية ( ثوب يلبس فوق القميص ) وعلى رؤوسهم قلانس بيض من الصوف .. كما يروي ما قُدم على سفرة الطعام من اغذية وفاكهة وحلواء وغيرها من تفاصيل الجلسة .
ويتناول المعد دور تلك الفئة في احداث سياسية إبان حقبة الدولة السلجوقية المغولية ، وتقاربهم مع أمراء التركمان لأقامة إماراتهم ، فبرز دورهم كقوة في مجموعات شعبية متداخلة إلى حد كبير ناشطة في المدن بين الشباب ذات دوافع اجتماعية أكثر منها دينية ، ومنها تصديها للسطات الأرستقراطية .
المزيد قادم
كثير من التفاصيل الهامة المبهمة تاريخياً عن تلك الجماعة ، يمكن الوقوف عليها في الكتاب الذي يتطلع د . الشيباني لجمع المزيد من المصادر ، وبالأخص من المصنفات الأجنبية التي لم تترجم بعد ، لتحقيق بغيته في اتحاف الباحث بها في المستقبل القريب ..
يقع الكتاب في 63 صفحة ، من الحجم الصغير ، طُبع عام 2020م ، وهو من منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق ، بأتي الكتاب ضمن سلسة قسم التاريخ العثماني والاناضول .
*رئيس تحرير مجلة تراثنا ورئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق
تواصل معنا
زيارة الصفحة الرئيسة ( تراثنا ) – حساب ( تراثنا ) على منصة تويتر – حساب ( المخطوطات ) على منصة انستغرام – مجلة ( تراثنا ) الورقية – الموقع الالكتروني لمركز المخطوطات والتراث والوثائق • تتوفر تراثنا عن طريق الاشتراك فقط حاليا ً.. التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه – هواتف المركز : 25320902- 25320900/ 965