الحلقة الأولى

تنبيهات حول مخالفات في دعاء قنوت الوتر

 

تراثنا – التحرير :

 

بيَّن الشيخ أحمد بن ياسين الأسود في دراسة أعدها ونشرتها وزارة الأوقاف الكويتية خلاصة خمسة أقوال ذهب إليها اهل العلم بشأن الوتر ، وقال في خلاصتها أن الراجح جواز القنوت طول السنة ، منوها إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يفعله أحيانا ويتركه أحيانا في رمضان وغيره.

 

 

جاء ذلك في مطبوعة بعنوان (تنبيهات حول ما يقع في دعاء القنوت من مخالفات) جمعها الشيخ أحمد بن ياسين الأسود ، طبعت عام 1440 هجري – 2019 م) .

 

تنشر تراثنا على موقعها مقتطفات من المطبوع القيّم في مادته للباحثين وطلبة العلم والمهتمين .

المبحث الأول

حكم دعاء قنوت الوتر

 

 

يورد الشيخ أحمد الأسود أختلاف أهل العلم في هذه المسألة فيقول : اختلف أهل العلم في حكم دعاء القُنُوت في الوتر على أقوال عدة ، نظراً لاختلافهم في ثبوت الأحاديث الواردة في قنوت الوتر وعدمه ، حتى أن الترمذي رضي الله عنه ، بعد أن ساق حديث الحسن بن علي رضي الله عنه ، في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم له القنوت في الوتر ، قال : ” ولا يُعرف عن النبي في القنوت شيء أحسن من هذا “.

 

ولخّص الشيخ أحمد الأسود تلك الأقوال في حكم الدعاء في قنوت الوتر إلى خمسة أقوال، فقال :

 

القول الأول

 

القول الأول : أن القنوت في الوتر بدعة ، قال الشوكاني : ” وذهب طاووس إلى أن القنوت في الوتر بدعة ، وروي ذلك محمد بن نصر عن ابن عمر وأبي هريرة ، وعروة بن الزبير ،وروي عن مالك مثل ذلك .

القول الثاني

القول الثاني : يُكره القنوت في الوتر في السّنة كلها ، قال المروزي : ” كان ابن عمر لا يقنت في شيء من الصلاة ، وقال ابو الشعثاء : سألت ابن عمر عن القنوت فقال : ما رأيت أحدا يفعله ، وعن أبي المُهزم : صحبت أبا هريرة عشر سنين ، فما رأيته يقنت في وتره ، وكان عروة لا يقنت في شيء من الصلاة ،ولا في الوتر ، إلا أنه كان يقنت في صلاة الفجر ، وسُئل مالك عن القنوت في الوتر في غير رمضان ، فقال : ما أقنت أنا في الوتر في رمضان ولا في غيره .

 

وقال أبو بكر بن خزيمة رضي الله عنه : ” ولست أحفظ خبراً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر ” (3)

القول الثالث

القول الثالث : يُسن قنوت الوتر في النصف الآخر من رمضان ، قال المروزي – رضي الله عنه  : ” وعن علي أنه كان يقنت في النصف الآخر من رمضان ، وعن الحسن أن أُبي بن كعب أم الناس في رمضان ، فكان لا يقنت في النصف الأول ، ويقنت في النصف الأخر ، وكان ابن عمر لا يقنت في الصبح ، ولا في الوتر ، إلا في النصف الآخر .

 

وكان الحسن ومحمد وقتادة يقولون : القنوت في النصف الآخر من رمضان ، وعن ابن شهاب : لا قنوت في السنة كلها ، إلا في النصف الآخر من رمضان (4)

 

وقال النووي رضي الله عنه : “والمذهب أن السُنة أن يقنت في الركعة الإخرة من صلاة الوتر في النصف الأخير من شهر رمضان ، هذا هو المشهور في المذهب ، ونص عليه الشافعي رضي الله عنه ”  (5)

 

القول الرابع

 

القول الرابع : يستحب قنوت الوتر في رمضان ، خاصة دون بقية السنة ، قال النووي رضي الله عنه ” ” وفي وجه (6) يستحب  في جميع رمضان ، وهو مذهب مالك (7) ، وقال الشوكاني رضي الله عنه :” وذهب مالك فيما حكاه النووي في شرح المهذب ،وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي ، كما قال العراقي إلى مشروعية القنوت في جميع رمضان دون بقية السنة “ (8) .

القول الخامس

 

القول الخامس : يُسن قنوت الوتر في ليالي السنة كلها دون فرق بين رمضان وغيره ، قال المروزي رضي الله عنه : ” عن الأسود : صحبت عمر ستة أشهر ، فكان يقنت في الوتر ، وكان عبدالله (9) يقنت في الوتر السنة كلها ، وعن علي أنه كان يقنت في رمضان كله ، وفي غير رمضان في الوتر (10) .

 

وقال النووي رضي الله عنه : ” ووجه ثالث أنه يستحب في الوتر في جميع السنة ، وهو قول أربعة من كبار أصحابنا ..” ، ثم قال : “وهذا الوجه قوي في الدليل لحديث الحسن بي على رضي الله عنه السابق  في القنوت “.

 

وقال الشوكاني رضي الله عنه :” والأحاديث المذكورة تدل على مشروعية القنوت بهذا الدعاء المذكور في حديث الحسن وفي حديث علي ، وإلى ذلك ذهبت العترة وابو حنيفة وبعض الشافعية من غير فرق بين رمضان وغيره ، وروى ذلك الترمذي عن ابن مسعود ، ورواه أيضا عنه محمد بن نصر ، قال العراقي : باسانيد جيدة ، ورواه محمد بن نصر أيضا عن علي وعمر ، وحكاه أبن المنذر عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي وأبي ثور ورواية عن أحمد “(11) .

 

الخلاصة

 

الراجح من هذة الأقوال ما ذهب إليه جمع من أهل العلم ، من أن القنوت في الوتر مشروع في ليال السنة كلها ، ولكن الأولى أن يفعه أحياناً  ويتركه أحياناً ، في رمضان وغيره ، لأنه لم يُحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت في الوتر دائماً ،واكثر الصحابة الذين رووا إيتار النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرضوا لذكر القنوت فيه ، وإنما جاء في حديث أُبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :” كان يوتر فيقنت قبل الركوع ” والله أعلم .

 

هوامش:

 

1-سنن الترمذي (2/ 329) .

2- مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر (1/ 316) .

3- صحيح ابن خزيمة ( 2 /150) .

4-مختصر قيام الليل وقيام رمضان  وكتاب الوتر ( (1 /314)  (1)  315 (بتصرف) .

5-المجموع (4/ 15) .

6-أي عند الشافعية .

7-المحموع (4/ 15) .

8- نيل الأوطار ( 3/ 55) .

9- أي ابن مسعود .

10-مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر ( 1/ 314) .

11- نيل الأوطار (3 /55) .

 

 

طالع الحلقة الثانية :

أخطاء ومخالفات الأئمة في دغاء القنوت

 

 

يتبع لاحقا ..

 

 

كاتب وكتاب

 

 

مفتطفات منتفاة من مطبوعة صادرة عن وزارة الأوقاف والشئوون الإسلامية الكويتية بعنوان (تنبيهات حول ما يقع في دعاء القنوت من مخالفات) جمعها الشيخ أحمد بن ياسين الأسود في 43 صفحة (حجم وسط) ، ونشرتها (إدارة مساجد محافظة الأحمدي) ، طُبعت عام 1440 هجري – 2019م) ، النسخة مهداة إلى مركز المخطوطات والتراث والوثائق بالكويت .

 

 

تواصل مع تراثنا