دفاعا عن السنة النبوية (2)
الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام
تراثنا – التحرير :
تستأنف تراثنا نشر جانب من المخالفات للسنة النبوية وردها بآراء مذهبية وقياسات عقلية وتقديم آراء رجال على نص ثابت من السنة بدعاوي عدة منها أنه آحاد او بخلاف من عليه العمل .
العلامة الألباني :
-
شكوك البعض في ثبوت السنة النبوية سببا في تقديم القياس القائم على الرأي والاجتهاد والمعرض للخطأ مقابل النص .
-
الشافعي ” (لا يُحل القياس والخبر موجود) ، ابن القيم : كلما اشتد توغل الرجل في القياس اشتدت مخالفته للسنن .
-
السبكي : الأولى عندي أتباع الحديث، وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمع منه ، أيسعه التأخر عن العمل به ؟
-
ابن حزم : السنن والآثار عند الآرائيين والقياسيين خاوية على عروشها ، معطلة أحكامها ، معزولة عن سلطانها وولايتها ، لها الاسم ، ولغيرها الحكم ، لها السكة والخطبة ، ولغيرها الأمر والنهي .
وقد تصدى العلامة ناصر الدين الألباني في كتابه ( الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام ) لمناقشة تلك الأطروحات ،والتي ذكرنا جانبا منها في الحلقة الأولى ، ونواصل معه معرفة أسباب منشأ هذه المعارضة للنصوص الشرعية فيقول الألباني ” رحمه الله عليه ( بحوث عن الألباني ) ” :
ومنشأ الخطأ في تقديم القواعد المشار إليها على السنة في نظري ، إنما هو نظرتهم إلى السنة أنها في مرتبة دون المرتبة التي أنزلها الله تبارك وتعالى فيها من جهة ، وفي شكهم في ثبوتها من جهة أخرى ، وإلا كيف جاز لهم تقديم القياس عليها ؟
ويستطرد قائلاً : علماً بأن القياس قائم على الرأي والاجتهاد ، وهو معرض للخطأ ، كما هو معلوم ، ولذلك لا يُصار إليه إلا عند الضرورة ، وكما تقدم في كلمة الشافعي – رحمه الله : ” لا يحل القياس والخبر موجود ” .
ويستنكر الألباني حالهم بقوله : وكيف جاز لهم تقديم عمل أهل بعض البلاد عليها ، وهم يعلمون بأنهم مأمورون بالتحاكم إليها عند التنازع كما سلف ؟ وما أحسن قول الإمام السبكي في صدد المتمذهب بمذهب يجد حديثاً لم يأخذ به مذهبه ، ولا عِلم قائلاً به من غير مذهبه : ” والأولى عندي اتباع الحديث ، وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد سمع ذلك منه ، أيسعه التأخر عم العمل به ؟ لا والله ، وكل احد مكلف بحسب فهمه (2) .
طالع الحلقة ( الأولى ) : خدعوك بقولهم لا نقبل إلا متواتر الأحاديث دون الآحاد
مخالفة مئات الأحاديث
قلت (الألباني) : وهذا يؤيد ما ذكرنا من أن الشك في ثبوت السنة هو مما رماهم في ذاك الخطأ ، وإلا فلو كانوا على علم بها ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها ، لم يتفوهوا بتلك القواعد ، فضلاً عن أن يطبقوها ، وان يخالفوا بها مئات الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا مستند لهم في ذلك إلا الرأي والقياس واتباع عمل طائفة من الناس كما ذكرنا .
ويمضي قائلا : إنما العمل الصحيح ما وافق السنة ، والزيادة على ذلك زيادة في الدين ، والنقص منه نقص في الدين ، قال أبن القيم ” (1/299 ) مفسراً للزيادة والنقص المذكورين :
” فالأول القياس ، والثاني التخصيص الباطل ، وكلاهما ليس من الدين ، ومن لم يقف مع النصوص ، فإنه تارة يزيد في النص ما ليس منه ، ويقول هذا قياس ، ومرة ينقص منه بعض ما يقتضيه ، ويخرجه من حكمه ويقول : هذا تخصيص ، ومرة يترك النص جملة ، ويقول : ليس العمل عليه ، أو يقول : هذا خلاف القياس ، أو خلاف الأصول . ( قال ) : ونحن نري انه كلما اشتد توغل الرجل في القياس اشتدت مخالفته للسنن ، ولا نري خلاف السنن والآثار إلا عند أصحاب الرأي والقياس ، فلله كم سنة صحيحة صريحة قد عُطلت به ، وكم من أثر درس حكمه بسببه ، فالسنن والآثار عند الآرائيين والقياسيين خاوية على عروشها ، معطلة أحكامها ، معزولة عن سلطانها وولايتها ، لها الاسم ، ولغيرها الحكم ، لها السكة والخطبة ، ولغيرها الأمر والنهي ، وإلا فلماذا ترك :
أمثلة من الأحاديث الصحيحة التي خولفت بتلك القواعد
1- حديث قسم الابتداء وأن للزوجة حق العقد سبع ليال إن كانت بكرا ، أو ثلاثاً إن كانت ثيباً ، ثم يقسم بالسوية ؟
2- وحديث تغريب الزاني غير المحصن .
3- وحديث الاشتراط في الحج ، وجواز التحلل بالشرط .
3- وحديث المسح على الجوربين .
5- وحديث ابي هريرة ومعاوية بن الحكم السلمي في أن كلام الناسي الجاهل لا يبطل الصلاة .
6- وحديث إتمام صلاة الصبح لمن طلعت عليه الشمس وقد صلى منها ركعة .
7- وحديث إتمام الصوم لمن أكل ناسياً .
8- وحديث الصوم عن الميت .
9- وحديث الحج عن المريض الميؤوس من برئه .
10- وحديث القضاء بالشاهد مع اليمين .
11- وحديث قطع السارق في ربع دينار .
12- وحديث من تزوج أمرأه أبيه يضرب عنقه ويؤخذ ماله .
13- وحديث لا يُقتل مؤمن بكافر .
14- وحديث لعن الله المُحلل والمَحلل له .
15- وحديث لا نكاح إلا بولي .
16- وحديث المطلقة ثلاثاً لا سكنى لها ولا نفقة .
17- وحديث أصدقها ولو خاتماً من حديد .
18- وحديث إباحة لحوم الخيل .
19-وحديث كل مسكر حرام .
20- وحديث ليس فيها دون خمسة أوسِق صدقة .
21- وحديث المزارعة والمساقاة .
22- وحديث ذكاة الجنين ذكاة الأم .
23- وحديث الرهن مركوب ومحلوب .
24- وحديث النهي عن تخليل الخمر .
25-وحديث لا تحرم المصة والمصتان .
26- وحديث أنت ومالك لأبيك .
27- وحديث الوضوء من لحوم الأبل .
28- وأحاديث المسح على العمامة .
29 – وحديث الأمر بإعادة الصلاة لمن صلى خلف الصف وحده .
30 – وحديث من دخل والإمام يخطب يوم الجمعة يصلي تحية المسجد .
31- وحديث الصلاة على الغائب .
32- وحديث الجهر بآمين في الصلاة .
33- وحديث جواز رجوع الأب فيما وهب لولده ، ولا يرجع غيره .
34- وحديث الخروج إلى العيد من الغد إذا علم بالعيد بعد الزوال .
35- وحديث نضخ بول الرضيع الذي لم يأكل الطعام .
وغيرها مما ذكره الشيخ الألباني في هذا الباب ..
طالع حلقات : دراسة تناقش حجية أحاديث الآحاد في العقيدة والأحكام للعلامة الألباني .
قلت ( الألباني ) : هذه الأحاديث كلها أو جلها ، إلى أضعافها ، تركت من أجل القياس أو القواعد التي سبق ذكرها ، بعضها عزاها ابن حزم للتاركين للسنة من أجل عمل أهل المدينة ، وإليكم أمثلة أخرى من مخالفة هؤلاء للسنة ، فمن ذلك مخالفتهم ل :
1- حديث قراءته صلى الله عليه وسلم بالطور في (المغرب ) و (بالمرسلات ) في آخر عمره صلى الله عليه وسلم .
2- تأمينه صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة .
3- سجوده صلى الله عليه وسلم في ( إذا السماء أنشقت ) .
4- صلاته صلى الله عليه وسلم بالناس جالساً وهم جلوس وراءه ، فقالوا : صلاة من صلى كذلك باطلة !
5- حديث ان أبا بكر الصديق رضي الله عنه ابتدأ بالناس الصلاة ، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم ، فدخل فجلس إلى جنب ابي بكر رضي الله عنه ، فأتم عليه السلام والصلاة بالناس ، فقالوا : هذا ليس عليه العمل ، ومن عمل هكذا بطلت صلاته !
وغيرها مما استشهد به الشيخ العلامة الألباني في الباب ( مبسوط في الكتاب ) ، واختتمها بالقول :
إلى غير ذلك من الأحاديث التي خالفوا فيها أوامره صلى الله عليه وسلم ، التي لو تتبعها المتتبع لربما بلغت الألوف ، كما قال أبن حزم رحمه الله تعالى ، وقد درسنا مسألة تقديم القياس وغيره على الحديث فيما مضي ، فلندرس الأمرين الأخرين ، على ضوء الكتاب والسنة ، والنصوص المتقدمة لنتبين منها حقيقتها ، في فصلين أثنين ( حديث الآحاد حجة في العقائد والأحكام ).
يتبع لاحقا
هامش :
1- ص (17-24) كتاب ( الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام ).
2- رسالة ( معني قول الإمام المطلبي : إذا صح الحديث فهو مذهبي ) ( س102 ج3 – مجموعة الرسائل المنيرية ) .
3- الذكاه هي الذبح الشرعي .
تواصل مع تراثنا
أصحاب الرأي, أصحاب الرأي والقياس, ابن القيم, الآرائيين, الألباني والدفاع عن السنة النبوية, الأمام السبكي, التحاكم عند التنازع, التخصيص الباطل, الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام, الرأي والاجتهاد و القياس, الرأي والقياس, الزيادة في الدين, الشك في ثبوت السنة, القياس عرضة للخطأ, القياس والرأي والاجتهاد, القياسيين, النقص في الدين, تعديل آلاف الأحاديث بالقياس, تقديم القياس على الحديث, تقديم القياس على النص, تقديم قول المذهب على الحديث, خاوية على عروشها, خلاف الأصول, خلاف القياس, شكوك البعض في ثبات السنة, عمل أهل المدينة, عمل اهل المدينة, قواعد مخالفة للسنة النبوية, لا يحل القياس والخبر موجود, ليس العمل عليه, مخالفة الثابت عن الرسول عليه الصلاة والسلام, مخالفة السنة النبوية بالقياس, مخالفة السنن, ناصر الدين الألباني