الحلقة (12)
شفاء الأسقام بالطب النبوي بين النظرية والتطبيق
تراثنا – التحرير :
في الحلقة الثانية عشر ، تواصل تراثنا نشر حلقات ومقتطفات من دراسة (شفاء الأسقام بالطب النبوي الأصيل بين النظرية والتطبيق) أهدته الباحثة الاستاذة السعودية سلوي صقر حسين المحمد (*) لمركز المخطوطات والتراث والوثائق بغرض تعميم الفائدة للباحثين والمهتمين.
معني الحجامة عند أهل اللغة
قال ابن منظور : (الحجم : المص ، يقال : حجم الصبي ثدي أمه إذا مصه ، وثدي محجوم ، أي ممصوص ،والحجام : المصاص ) .
قال الأزهري : يقال للحجام حجام لامتصاصه دم المحجمة ، والمحجم والمحجمة : ما يحجم به وقال الأزهري : المحجمة قارورته وتطرح الهاء فيقال محجم ، وجمعه محاجم ) .
قال ابن الأثير : المحجم ( بالكسر ) : الآلة التي يجمع فيها دم الحجامة عند المص ، قال : والمحجم أيضا مشرط الحجامة ، وحرفته وفعله :الحجامة ،والحجم فعل الحاجم ، واحتجم : طلب الحجامة ، وهو محجوم ، وقد احتجمت من الدم .
الحجامة عند أهل اهل الفقه
هي إخراج دم معلوم ، من مكان خاص ، في وقت محدد ، بعد الشرط لمحجم ومص الدم ، وبالحجامة نكون قد أعدنا الدم إلى نصابه الطبيعي ، وبالتالي نشطنا الدورة الدموية ، وتم إزلة ما ازداد من الفاسد ( الهرم ) من الدم ، الذي عجز الجسم عن التخلص منه من توالف دموية وشوائب وسواها .
الفصد غير الحجامة
وفي إنهاء وإزالة هذه الشوائب نعمة عظيمة ، تعود بفوائد عظيمة على الجسم ، ومن بعد ذلك يحدث الشفاء ، إن شاء الله ، والحجامة تختلف عن الفصد ، وهو إخراج دم الوريد من العرق مباشرة ، كما يتم من خلال التبرع بالدم ، وفيه تكون كمية الدم كبيرة ، وليس له فوائد الحجامة .
ملاحظة : الدم الفاسد يطلق هذا التعريف على الدم الحاوي على نسبة عظيمة من الكريات الحمراء الهرمة وأشباهها وأشكالها الشاذة ، ومن الشوائب الدموية الأخرى .
حدُّها عند أهل الصناعة
هي صناعة يأخذ بها الحجام مقداراً من دم الجسم ، وذلك بشرط الموضع المراد ، وتسمى الحجامة بالشرط أو الرطبة أو الدموية ، أو استعمال المحجم بدون مشرط ، وتسمى الحجامة بلا مشرط ، أو الحجامة الجافة .
الفائدة منها
حفظ الصحة حاصلة ، أو استغلالها زائلة .
تاريخ الحجامة
استعمال الحجامة تطبيباً بها من الممارسات القديمة في أماكن كثيرة من العالم ، فقد عرفها الصينيون والبابليون والفراعنة ، وكذلك الهنود والعرب .
كان المعالجون بالحجامة سابقاً يقطعون أطراف القرون المجوفة لبعض الحيوانات ، وتسعمل في حجم المواضع المرادة من الجسد ، وكذلك أشجار البامبو للغرض نفسه .
وبمرور السنين استبدلت القرون وغيرها بكاسات من الزجاج ، وذلك بتفريغها من الهواء عن طريق قطنة أو قطعة من الورق أو الصوف داخل الكأس .
وحديثاً بعد اقتناع كثير من علماء الطب بفوائد الحجامة ، بدأت الشركات العالمية المتخصصة في صناعة الأجهزة التكنولوجية بتطوير آلة الحجامة إلى أشكال متعددة من الأجهزة الإلكترونية ، على أيدي خبراء متخصصين فيها ، بمقاسات مختلفة ، وأصبحت هذه الأجهزة تقوم بعملية شفط الهواء أتوماتيكياً بدلا من الاستعمالات القديمة .
الحجامة عند العرب
عرف العرب الحجامة والكي ووصف الأعشاب منذ زمن بعيد ، وللحق فقد غُبن أطباء العرب ، ولم يدرسوا بطريقة علمية صحيحة ، وكان من أشهر أطبائهم ابن حزيم ، الذي ضرب المثل ببراعيته وسعة معارفه الطبية .
وهذا النضر بن الحارث بن كلدة المتوفي سنة 13 هجرية أشهر أبطاء العرب ( من ثقيف ) من قرى الطائف ، عندما سأله كسرى عن الحجامة ، فقال : ( في نقص الهلال وفي يوم صحوة لا غيم فيه والنفس الطيبة ،والعروق ساكنة ، لسرور يفاجئها وهم يباعدك ) .
الحجامة في الإسلام
وعرف العرب في الجاهلية كثيراً من الأمراض والعقاقير ، ووضعوا لكل عضو من اعضاء الإنسان والحيوان أسماً ووصفاً ، وعند ظهور الإسلام اشتهرت الحجامة بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام لها ، وحثه عليها وكان معجزته في تحديده لموعدها بدقة متناهية لشهر هجري ، حيث أثبت الطب والمعامل المخبرية الحديثة هذه المعجزة .
طالع حلقات دراسة :
شفاء الأسقام بالطب النبوي الأصيل
أول من ألف في الحجامة
أما أول من فصل دور الحجامة فهو الطبيب أبو الفرج ابن موفق الدين ابن إسحاق الكركي الملكي ، وكان كتاب العمدة في الجراحة من مصنفاته المهمة في علم الحجامة .
أما الطبيب الأندلسي الزهراوي ، فقد برع في استخدام العلق ، حيث يتعذر استخدام كأس الحجامة.
ووصف ابن سينا الحجامة علاجاً لمزيد من ثلاثين مرضاً في كتابه القانون ، كما ألف ( بختشوع بن جبريل ) كتاباً كاملاً في الحجامة .
أما الرازي ، فقد وصف الحجامة في اسلوب خاص ، للوقاية من الجدري والحصبة .
غلاف الدراسة
(*) : الباحثة السعودية الأستاذة .سلوى صقر حسين المحمد ،باحثة في الطب النبوي ، عضو كرسي الشيخ يوسف عبداللطيف جميل – جامعة عبد العزيز ، عضو منظمة الطب الأصيل العالمية ،عضو في الجامعة الطبية الإلكترونية، ومرشحة لجائزة الشيخ زايد في دورتها الثالثة .
يتبع لاحقاً..