(الحلقة الثامنة)
مُنتقى من (شفاء الأسقام بالطب النبوي الأصيل بين النظرية والتطبيق)
تراثنا – التحرير :
تستأنف تراثنا نشر حلقات ومقتطفات من دراسة (شفاء الأسقام بالطب النبوي الأصيل بين النظرية والتطبيق) أهدته الباحثة الأستاذة السعودية سلوي صقر حسين المحمد (*) لمركز المخطوطات والتراث والوثائق بغرض تعميم الفائدة للباحثين والمهتمين .
-
افتقرت الجزيرة العربية في الجاهلية للأدوية والمعارف الطبية فتوسلوا بالأصنام واستعانوا بالجن والشياطين لعلاج أمراضهم المستعصية .
-
علق أهل الجاهلية الودع وقرأوا التعاويذ لمعالجة أمراضهم الروحية فيما زاولت فرق مسيحية طقوس خاصة لطرد الأرواح الشريرة.
المبحث الثالث
نشأة الرقية
في هذه الحلقة ، تستكمل الباحثة المحمد دراستها ، وتحت عنوان التبويب أعلاه توضح :
لقد كان الطب في العصر الجاهلي ضعيفاً، لضعف الرسائل العلمية التي تكشف النقاب عن أسباب المرض وعوامله ، والتي تفرق بين ما تشابه منها في الأعراض والعلامات .
وتمضي بالقول : وكان الطب فقيراً بالأدوية النوعية والفعالية ، التي لم يكشف معظمها إلا في القرنين الأخيرين ،وكانت الجزيرة العربية فقيرة بالأطباء ذوي المعارف الواسعة.
فكان من الطبيعي – بسبب انتشار الجهل والديانات الباطلة – أن يلجؤوا في أمراضهم إلى غير الأطباء ، ممن يتعاطون بعض الطرق العلاجية ، ولوكان كيَّاً مؤلماً ، ومعالجة روحية ، تقوم على التوسل بالأصنام ، أو الاستغاثة بالجن والشياطين ، أو قراءة التعاويذ على المريض ، أو تعليق أشياء غير كتابية يُعتقد أن لتعليقها خواص وقائية أو علاجية .
وتضرب الباحثة أمثلة دالة ما ذهبت إليه بالقول : كتعليق الودع لدفع الإصابة بالعين مثلاً ،وأفادت بأن الناس كانوا يفضلون اللجوء إلى العرافين والسحرة ، وخصوصاً عندما تكون الأمراض عقلية أو نفسية أو عصبية ، لأن الاعتقاد السائد حولها في المجتمعات المتأخرة أنها تحدث بسبب دخول الجن والشياطين في جسد الإنسان أو مسهم له ، وكذلك عندما تكون الأمراض مجهولة الدواء ، أو مفقودة أو مزمنة أعيت الأطباء .
وتستأنف دراستها بالقول : فالعرب كانوا في الجاهلية يستعملون الرقية من زمن بعيد لتخفيف معاناتهم من الأمراض النفسية ، ولوقاية أنفسهم من الأرواح الشريرة ، وكانوا يستندون إلى عقائد زائفة وموغلة في البدائية والقدم .
أما عن تاريخ الرقية ، فتقول الباحثة المحمد : إنها قديمة جداً ، قبل الطب القديم ، بزمن بعيد ، أما كيف بدأت الرقي ، فهذا مالم يدون بدقة كالأحداث التاريخية .
غير انها توضح : إلا أن الدكتور الدباغ في مقال له يقول : ” إن دراسة الحياة الاجتماعية ألقت الضوء على سلوك الإنسان القديم ومعتقداته ، والأطر الاجتماعية والدينية والروحية التي كانت سائدة بين المجموعات المتفرقة بين البشر ، فتبين أن الرقى والتعاويذ احتلت مساحة ما بين السلوك البشري وأفكاره “.
طالع حلقات :
دراسة الإستشفاء والعلاج بالطب النبوي من الأسقام
ويستأنف الدباغ :” فنلاحظ أن عملية طرد الأرواح الشريرة ، والوقاية من غضب الآلهة الناقمة كانت بالطقوس والرقى ، وكان يقابلها منذ القدم عمليات تملك من قبل الإلهة والأرواح الطاهرة الخيرية ، مشيراً إلى ان الجماعات البشرية البدائية ، وحتى بعض الناس المتحضرين والمنتمين إلى فرق دينية مسيحية تقوم بطقوس خاصة ، من موسيقي ورقص لأجل حلول الأرواح .
وعن المصطلح اللغوي للعوذة بالرقية تقول المحمد : فيظهر مما تقدم أن صاحب اللسان فسر الرقية بالعوذة ،والعوذة بالرقية ، فالتعويذ في اللغة هو الالتجاء والاستعاذة ، يقال : عاذ به يعوذ ، أي لاذ به ولجأ إليه واعتصم به ، وعذت بفلان واستعذت به ، أي لجأت إليه ، وفي الحديث : “أنما قالها تعوذاً “(1) ، أي إنما أقر بالشهادة لاجئاً إليها ، أو معتصماً بها ، ليدفع عنه القتل ، وليس بمخلص في إسلامه .
فكأن الراقي التجأ إلى الله بالرقية ، أو التجأ إلى من جعل الرقية سبباً للشفاء ، أو المرقي التجأ إلى الراقي من أجل أن يكون سبباً في شفائه بإذن الله .
وذكر الرازي بأن الرقية هي العزيمة ، حيث قال : عزمت عليك بمعني أقسمت عليك ، والعزائم هي الرقى ، وقال ابن فارس :” الجِنَّي وذلك أن تقرأ عليه من عزائم القرآن و الآيات التي يرجي بها قطع الآفة عن المؤوف .
غلاف الدراسة
(*) : الباحثة السعودية الأستاذة .سلوى صقر حسين المحمد ،باحثة في الطب النبوي ، عضو كرسي الشيخ يوسف عبداللطيف جميل – جامعة عبد العزيز ، عضو منظمة الطب الأصيل العالمية ،عضو في الجامعة الطبية الإلكترونية، ومرشحة لجائزة الشيخ زايد في دورتها الثالثة .
هامش :
1- – وعن أُسامةَ بنِ زَيْدٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: بعثَنَا رسولُ اللَّه ﷺ إِلَى الحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَصَبَّحْنا الْقَوْمَ عَلى مِياهِهمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنهُمْ، فَلَمَّا غَشيناهُ قَالَ: لا إِلهَ إلَّا اللَّه، فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصارِيُّ، وَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدينَةَ بلَغَ ذلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ لِي: يَا أُسامةُ! أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ؟! قلتُ: يَا رسولَ اللَّه إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَقَالَ: أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ؟! فَما زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذلِكَ الْيَوْمِ. متفقٌ عَلَيهِ.
يتبع لاحقا ( الرقية في الاصطلاح ) .
انتم يامجلت تراثنا نعم النشر ونعم الانتقاء تعطرون الحاضر بالماضي لله دركم ونفع بكم الامه وبارك لكم وفريقكم المتميز وعلي راسها الشيخ المبدع الشبانى شكر من الاعماق