الفتنة سائرة لم تقف ..( 1/2 )
إن الأفكار الدخيلة على المجتمع الإسلامي كانت سبباً في بلائه ،فقد عاشت الأمة إبان العهد النبوي في استقرار واعتدال وسعادة وبناء ، حتى بدأت بذور الشر تطل برأسها عندما أتاه ذلك الزاهد المتعبد من الخوارج بعد انتصار المسلمين في غزوة حنين يقول له : اعدل يا محمد فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله أو قال اتق الله ، فيرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ويحك إن لم أعدل فمن يعدل ؟ فقال له الصحابي الجليل عمر : دعني أدق عنق هذا المنافق ، قال : “لا ..اتركه فإنه يخرج من ضئضئ – نسل – هذا اقوام يتلون كتاب الله رطباً لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان ” .
-
جذور الخوارج منتشرة في عصرنا تحمل أفكارها بعض الأدمغة الجاهلة والعالمة والكبيرة والصغيرة .
-
همهم الأوحد التكفير و البحث عن الفتن وإشاعتها بين الناس ولا يهمهم النتائج ..
-
يقتلون أهل الإسلام ويقولون لأهل الأوثان : إن الله قد أوصانا بكم خيراً ..!!
فكانت الطامة الكبرى عندما انتشرت ذرية هذا وذاك من الخوارج ينافحون كل من يتولاهم ويستخلف عليهم ، يحصبونه بالحصى ويسبونه بأقذع الألفاظ ،و يخرجون عليه ، فلم يسلم منهم ثالث الخلفاء ولا رابعهم ، وقد ذبحهم علي رضي الله عنه شر ذبحة ، وسد عليهم كل مسد و شردهم شر تشريدة حتى قتلوه ، ومع أن هذه الفرقة قد ماتت وانتهت إلا أن جذورها مازالت باقية وأفكارها مازالت تحملها بعض الأدمغة الجاهلة والعالمة والكبيرة والصغيرة ، همها التكفير والبحث عن الفتن وإشاعتها بين الناس ، لا يهمها النتائج المهم أن يسقط من ناصبوه العداء من الولاة ، وهل في مناصبتهم لعدائه خير للأمة وحقن لدمائها أو شر لها وهدر لدمائها ، لا يهم كما قال نبينا : يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان ، ويقولون إن الله قد أوصانا بكم خيراً- أي أهل الأوثان – ومن قبل كانوا قد قتلوا الصحابة وذويهم وذراريهم .
فهؤلاء اتبعوا أهواءهم بما شربوا من زيغ كما قال تعالى : “فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ “، قال ابن تيمية : ” زاغوا فزيغ بهم ، ولا يجوز أن يكون أمر بقتلهم بمجرد قتالهم الناس كما يقاتل الصائل من قاطع الطريق ونحوه كما يقاتل البغاة لأن أولئك إنما يشرع قتالهم حتي تنكسر شوكتهم ويكفوا عن الفساد ويدخلوا في الطاعة .
وقال : فإن القوم لم يتعرضوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل كانوا يعظمونه و يعظمون أبا بكر وعمر ، ولكن غلوا في الدين غلواً حادوا به حيدة لنقص عقولهم ، صاروا كما تأوله علي فيهم من قوله عز وجل ” قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” وأوجب ذلك عليهم عقائد فاسدة ترتب عليها أفعال منكرة كفر بها كثير من الأمة .
كتب : د . ابراهيم الشيباني
رئيس التحرير
يتبع لاحقاً