الفتنة سائرة لم تقف (2/2)
تستكمل تراثنا نشر الجزء الثاني والأخير من مقال ” الفتنة سائرة لم تقف ..” لرئيس التحرير د . محمد الشيباني حيث حذر في الجزء الأول من ارهاصات فتنة التكفير التي ابتليت بها الأمة الاسلامية وقادت إلى بلاء عظيم وتدخل الأخرون في شؤونها .
كتب – د . محمد الشيباني : سارت هذه الافكار الخارجية المسمومة اليوم ،غذوا بها شباب الأمة بأسلوب ما حتي نبتت نبتتهم في أجواف هؤلاء الصبية ، فأصبح ديدن هذا الجيل التحمس إلى ما يسمى ” بالحاكمية أي ” إن الحكم إلا لله ” بالأسلوب المغلوط والتعليم الثوري الذي لم تتعود عليه أمة الإسلام ، لأنه من الفتن التي إن سرت في الأمة فأنها لن تبقي ولن تذر ، بل سيقتل الأخ أخاه والأبن أباه .
• نبتت افكار خارجية مسمومة بدعوى الثورة وهي فتنة اشد من القتل ولو كانت من عند الله لكانت ” حكمة “.
• الهوى هو رائد المفتونين الذين لم يقدموا المصالح على المفاسد و ركبوا عقولهم ظنا بأنهم على خير .
• الرجل الذي طعن بعدالة النبي صلى الله عليه وسلم في عدم المساواة في تقسيم الغنائم كان جاهلاً بالمصالح المرجوة وكان يستخدم عقله .
• كثير ممن أعطاه الله بسطة من العلم استخدموا علمهم لتأجيج شباب الأمة على ولاتهم بزعم يرونه إصلاحاً ، وهو إفساد وإعانة للأعداء .
• ما زالت البركة في الأمة وفي أرضها وفي ولاتها ما زال الناس يعبدون الله بأمان ويحجون بأمان ، فلا تقطعوا هذه البركة .
و هو ما حصل اليوم في ديار العرب والمسلمين ، وما نقلته ومازالت الأجهزة التي بين أيدينا ، ورب العزة قد نهى أيقاع الفتنة بقوله ” وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ” لأنها لو كانت من الله لكانت حكمة ، ولكنها وقعت من الإنسان بغير أمر الله ،فهي مذمومة لأنه بسببها ستسيل دماء وستشرد أسر وستُقطع أواصر المسلمين ، وسيصبح الناس في شذر مذر في تشتتهم ،لأنهم لم يقدموا المصالح على المفاسد ، فالهوى هو رائدهم وموجه عقولهم وهم يعتقدون أنهم يفرون منها ، وهم لا يعلمون بانهم قد عطلوها بسلوكهم هذا المذهب الخارجي المدمر ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الرجل الطاعن عليه في قسمة الغنائم ، ونسب له عدم العدل ، بجهله وغلوه ، ظانا أن العدل هو ما يعتقده من التسوية بين الناس ، دون النظر إلى ما في تخصيص بعض الناس وتفضيله عن سواهم من مصلحة تأليف القلوب وغيرها ، من المصالح ،علم الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل أول أولئك الخوارج ، فإنه طعن عليه في وجهه على سنته ، فهو من شأنه أن يكون بعد موته وعلى خلفائه الراشدين أشد طعناً .
يقول نبينا صلى الله عليه وسلم لأصحابه ” : أنكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها ، قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : أدوا إليهم حقهم ، وسلوا الله حقكم ” ، اي سيكون من أمور الدين ما تنكرونها فعليكم بالصبر ، أن تسألوا الله حقكم بأن يلهمهم ( الحكام ) انصافكم او يبدلكم خيراً منهم ، ولكن طالبهم أن يؤدوا حق أمرائهم ، فيسلموا بالكف والصبر ، إن اعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه تركوه ، لا ينابذونهم بالسلاح أو يقفون بوجههم به ، فإنه منهى عنه أشد النهي لما سيحصل من الفتن على هذه الأمة .أما الجانب الآخر من هذا الموضوع المفتون فيه كثير ممن أعطاه الله بسطة من العلم ، فاستخدموا ذلك العلم في تأجيج شباب الأمة على ولاتهم بزعم يرونه إصلاحاً ،وهو إفساد وإعانة للأعداء من أمتهم ، فالركون إلى الكفار والانطلاق من ديارهم بإشعال الفتن والكيد للديار الإسلامية من هناك هو الشر بعينه وهو مصداق لقول نبينا صلى الله عليه وسلم : ” يقتلون أهل الإسلام و يتركون أهل الأوثان ” ، فلا تجد دولة بعد العهد النبوي كاملة ، فهذا العهد الأموي والعباسي والعثماني لكل خلافة من تلك من الهينات والونات ما فيها ، وما فعل الأمويون بعبدالله بن الزبير معلوم في التاريخ ،وما فعله الخلفاء العباسيون بالأمويين من قتل وتعذيب ونبش قبورهم مسطر كذلك في التاريخ لم يقفل ،ولكن هل خرج اي من الصحابة على الولاة ونابذوهم بالسلاح ؟ لم يثبت شيء من ذلك ، وإن ثبت شيء منها فإنها لمجموعة من عصابات الخوارج وغيرهم ،ولكن الصحابة لم يقروا واحداً منهم الخروج بأي شكل من الأشكال حقناً لدماء المسلمين ، وحفظاً للأوطان وقطعاً لدابر كل متربص من أعداء الأمة .
ولم يسع أحد من الصحابة إلى قمة الهرم ولا طلبوه فكلهم كان يهرب من ألإمارة لأنها خزي وندامة يوم القيامة ، ليس هناك حكومة كاملة فاضلة ، فحتي دولة الخلافة الرائدة اعترض من اعترض من الصحابة على بعض أشكالها ورجالها ولكن الجميع كان رائدهم حفظ الديار وحقن الدماء والصبر على الحقوق ، واليوم تمر على ديارنا فتن جعلت من الحليم حيران لكثرتها وشدتها وكثرة القتل فيها والتهجير و التعذيب الذي لم يسمع فيه من قبل ،لقد غمت الرؤية على بعض العقول ، أنصح المرشدين من الذين يريدون خير البلاد والعباد التنبه لها وقطع الطريق عليها وعلى أربابها .
وما زالت البركة في الأمة وفي أرضها وفي ولاتها وما زال الناس يعبدون الله بأمان ويحجون بأمان ، فلا تقطعوا هذه البركة كما قطعت على ديار قريبة منا ، فتفقدوا جميع النعم منها هذا الأمان .
والله المستعان …
الصفحة الرئيسية تراثنا
خدمة تلقي الاخبار المجاني هنا
مصادر الصور : موقع فكر – موقع نون