تراثنا : كتب د. محمد بن إبراهيم الشيباني
الكتب الصفراء …يتكرر كثيراً على ألسنة الحاقدين على الحضارة العربية والإسلامية وأقلامهم عبارة ” الكتب الصفراء “ويعنون بذلك ميراث السلف العلمي والديني والتراثي المتنوع من طب وبيطرة وعلم حيوان وفلك ورياضياتوكيمياء وعلوم القرآن والحديث والفقه والجغرافية والتاريخ وغيرها كثير وكثير جداً لاتحصى ، قد وصلت مخطوطاتها كما هو معروف عند علماء الحضارة والتراث من العرب والمسلمين والغربيين اليوم إلى ثلاثة ملايين مخطوطة موزعة في الشرق والغرب ، منشور بعضها في فهارس تسمى فهارس المخطوطات وهي تمثل جزءاً بسيطاً من الأعداد الكبيرة غير المفهرسة في العالم ، سواء كانت في المكتبات أم في القرى والمدن النائية مثل الجزائر والمغرب ومصر وغيرها من البلدان .
-
اكثر من ثلاثة آلاف مستشرق دخلوا بلاد المشرق ونقلوا مخطوطاتها العربية والاسلامية لبلدانهم وأثروا مكتباتهم .
-
إذا كانت الكتب الصفراء لا نفع منها فلماذا يحرص الأميركان والإنكليز والفرنسيون وغيرهم على شرائها والقيام بدراسات حولها ؟
-
مازالت وفود بلاد الغرب تحرص على اقتناء ما يسميه اعداء الحضارة الاسلامية بالكتب الصفراء بمبالغ ضخمة .
-
تبنت د.سعاد الصباح قديماً.. والزبيد حديثا مشروع جمع المخطوطات الأصلية وتصويرها وتوفيرها للباحثين في مركز المخطوطات والتراث والوثائق .
-
تضم مكتبة تشستربتي بدبلن “2600” مخطوطة عربية ومكتبة الكونغرس الامريكي “21000 ” مخطوطة ومكتبة الدولة في برلين أكثر “10000” مخطوطة.
فقد أحصى العلامة نجيب العقيقي في كتابه «المستشرقون» ( يقع في ثلاثة مجلدات ) أعداد المستشرقين الغربيين الذين دخلوا الشرق ودرسوا أحواله ونقلوا المخطوطات العربية والإسلامية بثلاثة آلاف مستشرق تقريباً، ورتب كتابه على البلدان وأحصى لكل مستشرق دراساته وتحقيقه المخطوطات المتنوعة العلوم والفنون ومقتنياته من هذه المخطوطات التي تحول أغلبها إلى المكتبات العامة في بلدانه ،فأثرت بها تلك المكتبات ومازالت الدراسات عليها إلى يومنا مثل مكتبة تشستربتي بدبلن بها ( 2600 ) مخطوط، ومكتبة الكونغرس الأميركي بواشنطن دي سي ( 21000 وأكثر) مخطوطة ومكتبة الدولة في برلين بها (١٠٠٠٠ وأكثر) مخطوط والمكتبة الوطنية بباريس وبها ( 3000 وأكثر) مخطوط والمكتبة البريطانية وبها ( 3500 ) مخطوط وغيرها من دول الغرب وبيوت المستشرقين ودور النشر والبحث العلمي .
التراث المنكوب
ومازالت الوفود العلمية الغربية تجوب البلدان الإسلامية وغيرها، تشتري بآلاف الدولارات ونقداً المخطوطات من الأماكن المنكوبة وغير المنكوبة في العالم ، وهناك جهات أخرى تحرص على اقتناء المخطوطات التي كتبت أو أعدت للخلفاء والسلاطين والوجهاء والأعيان آنذاك من مصاحف وكتب جميلة وهي صالات المزادات في لندن ونيويورك وهولندا وباريس وألمانية وسويسرا وغيرها ، تباع بها بمئات الآلاف من الجنيهات والدولارات ولهذه الصالات كاتلوجاتها النصف الشهرية التي تصف المخطوط وقيمته ..
الغرب وكتبنا الصفراء
فإذا كانت هذه الكتب صفراء لانفع منها اليوم فلماذا يحرص الأميركان والإنكليز والفرنسيون والألمان وغيرهم إلى يومنا على شرائها واقتنائها والقيام بدراسات حولها ؟ ينال أغلب الباحثين فيها في جامعاتهم الماجستير والدكتوراه والجوائز العالية وعندنا قوائم بهذه الرسائل في الغرب التي تنصف العلماء العرب والمسلمين ، وتثبت لهم حقهم في الريادة العلمية الإنسانية وتحرير الغرب من سيطرة الكنيسة المغلقة على نفسها والمحرمة للعلم على طلابه ، وهذه لاتحتاج إلى بيان وتعريف فطلاب العلم الصغار يعرفون ذلك ناهيك عن الكبار من عرب وأجانب .
فضل المسلمين على العالم
لا أريد أن أعرّف بفضل العرب والمسلمين على العالم ولاسيماً الغرب ، فهذا قد أغنانا الغربيون مؤنته أمثال المستشرقة آن ماري شيمل (توفيت أخيراً) وسيجرد هونكه وبروكلمان وغوته وميلر وشاخت وجولد تسيهر وغيرهم من الأموات ولكن أردت أن أعرف قارئي العزيز بالكتب الصفراء التي يحاربها أعداء الحضارة العربية ، وغطوا أعينهم عن غيرهم الذين مازالوا يحرصون عليها .
جهود كويتية مشرفة
ويكفينا فخراً أن عندنا في الكويت مجموعة طيبة خيرة تحرص على اقتناء التراث وحفظه أمثال الشيخ ناصر صباح الأحمد وزوجته الكريمة الشيخة حصة صباح السالم ، والوجيه جاسم الحميضي (يرحمه الله)الذي باع أخيراً جميع مقتنياته على قطر بمئة وأربعين مليوناً ، والوجيه طارق الرجب (يرحمه الله) والشيخة الدكتورة سعاد محمد الصباح التي قد تبنت قديماً مشروع جمع المخطوطات الأصلية من العالم وتصويرها على الميكروفيلم وتذليلها للباحثين في مركز المخطوطات والتراث والوثائق بالجابرية ، والذي صور للباحثين منه حتى الآن أكثر من سبعة آلاف مخطوطة ، و على نفس الخطى ، تولى حديثا رجل الأعمال علي الزبيد رعاية تذليل مهمة توفير المخطوطات وصورها لمرتادي مركز المخطوطات .
ماذا يقول من يستهزئ بالكتب الصفراء بهذه القمم التي جعلت جزءاً من أموالها وجهدها خدمة للعلم وأهله ولكن الحقد مرض ومرض باطني خطير ولكني أرى أنه لايهلك إلا صاحبه فميراث الحضارة الإسلامية الجبل الأشم لن يوقفها هذا ولا من هو أشطر منه فالمحاولات قديمة ولكن صخرتها كسرت قرون الوعول الهائجة حتى وصلتنا سليمة أي ردت إلينا بضاعتنا ونحن على العهد والوفا في المحافظة عليها وإشاعتها بين أهلها وأحبائها .
مرجعية الصور :
• موقع أنباء روسيا • العربي الجديد
*تابعنا هنا * اشترك في ايميل خدمة تلقي الاخبار المجاني هنا * اعداد مجلة تراثنا هنا * اصدارات مركز “المخطوطات هنا * جولة بين فهارس مكتبات المركز هنا * مقتنيات تحف معرض مركز المخطوطات هنا
ما تنشره الروابط الخارجية لا تمثل بالضرورة رأي تراثنا