الحلقة (1)
حديث التاريخ من الكتب
كتاب : على طريق الهند – رسائل الأهالي
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني *:
الحمدلله وكفي وسلام على عباده الذين اصطفى .وبعد ..
لمعرفة أحوال البشر والدول في ماضيهم لا بد من الرجوع إلى ما كتب معاصروهم من المؤرخين والكتَّاب والمدونين ، فهم أقرب إلى المعلومة الصحيحة والخبر الدقيق ، وذلك قبل أن دخل على المعلومة الزيادة والتنميق أو النقصان والتأويل وذلك للسياسة وتغيير الممالك والدول .
منذ فترة بعيدة وأنا أجمع في تراجم الأعلام الذين مروا ، وكان لهم دورهم الكبير وعطاؤهم ألا محدود في شتى صنوف العطاء ، سواء المادي الخيري أو العملي ، فأنشاوا المطابع وصنفوا الكتب وحققوا المخطوطات وكتبوا في كل شيء وأبرزوا أفضل ما ترك الأولون من ميرات ثري طيب ، لم تعرف البشرية مثله في الصفاء والنقاء وفي الإبداع والتميز .
التاريخ لا يحابي أحداً ، فما غاب عنا لم يغب عن غيرنا ، وما لم نعرفه اليوم سنعرفه في الغد ، ولن يستطيع أحد أن يستر الحقيقة ، أو يخفيها ، ولا سيما اليوم في عصر التقنية الجديدة المتجددة المرعبة .
هذه الرسالة تحكي متابعة في الكتب والأوراق المبعثرة والوثائق وغيرها عن تاريخ الكويت وحكامها ورجالاتها من الذين كان لهم دورهم في نهضتها وعمرانها ، دللت فيه على مكانها مع ذكر عناوين مادتها وموضوعها .
أرجو أن يكون معيناً للدارسين والباحثين في هذا الشأن .
في كتابه (على طريق الهند – رسائل الأهالي) (1) يوضح المؤلف إبراهيم عبدالفتاح الظروف التي أحاطت بنشأة كيان الكويت الفتي في ظل تجاذبات وتنافس القوى الكبرى المؤثرة في المنطقة وبالأخص الدولة العثمانية وبريطانية ، فيقول في ص (3) : .. أما السواحل العربية فتشمل الكويت والأحساء وقطر والسواحل المهادنة وسلطنة عمان ..
بدء نشأة الكويت
الكويت : وهي من موانئ الخليج الحديثة إذ لا يتجاوز تاريخها مئتي سنة ، أسستها قبائل العتوب ، بعد أن نزحت من جزيرة العرب في أوائل القرن الثامن عشر .
توسع الكويت
وتدعى الكويت بالقرين أيضاً نسبة إلى شكل الفجوة التي تقوم عليها ، ومن العوامل التي ساعدت على توسع الكويت مهاجمه الفرس البصرة سنتي 1776 هجري / 1779 م ، إذ اضطرت الدوائر التجارية الأجنبية أن تنتقل إليها ، فأصبح الميناء الذي تمر منه البضائع في طريقها إلى بغداد وحلب وسورية والقسطنطينية ،ولما استولى العتوب على البحرين شاركتها الكويت في تجارة البلاد العربية ، فساعدها ذلك على النمو أيضا .
وعادت إليها الوكالة التجارية الانكليزية من البصرة عام 1793 م ، على أثر خلاف وقع بينهما والسلطات التركية .
الكويت والوهابية
وتذكر الحكومة الانكليزية في أوراقها الرسمية أن شيخها طلب الحماية البريطانية في السنة 1805 م متخلصاً من خطر الوهابيين ، فلم تجبه إلى طلبه ، ولم تكن رابطة الكويت بالدولة العثمانية قوية بالرغم من استمرار الشيخ على أداء الخراج لها حتى عام 1829 م.
الخطوط الحديدية والتدخل بالكويت
وقد مر بها الكولونيل “بلي” في السنة 1865 م في طريقه إلى الرياض لمواجهة أمير نجد ، فأدرك أهميتها البحرية والتجارية ، وكتب بذلك إلى حكومته .
على أن منشأ تاريخها السياسي يبدأ بأواخر القرن التاسع عشر ، عندما دار البحث حول إنشاء الخطوط الحديدية التي كان يُراد جعل نهايتها على الخليج العربي (2) في الكويت ، ففي السنة 1898 م ،قررت الحكومة البريطانية بالنظر إلى مساعي روسية وتركية لتوطيد نفوذها في الكويت أن تتبع سياسة جديدة ترمي إلى التدخل في شؤون الإمارة وتثبيت العلاقة بها.
صراع الأسرة واللجوء إلى مراكز القوى
وحدث أن وقع الخلاف بين أفراد أسرة الإمارة ، واستنجد فريق منهم بالدولة العثمانية فالتجأ الفريق الآخر إلى المقيم البريطاني في الخليج ، فلما أرادت الدولة أن تنزع المشيخة من المغتصب الذي ألتجأ إلى الانكليز ، أرسلت الحكومة الانكليزية بارجة حربية هددت بها الأتراك ، فلما تراجعوا عقدت في (23 من كانون الثاني -يناير 1899م) مع الشيخ مبارك من طراز المعاهدات التي عقدتها مع إمارات الخليج الأخرى ، تعهد بها الشيخ ، أن لا يتنازل عن جزء من ممتلكاته وأن لا يقبل وكلاء الدول الأجنبية ، إلا بعد الحصول على موافقة بريطانية .
واعترفت الدولة العثمانية في سنة 1904 بعلاقة بريطانية بالكويت ، وتعهد أن لا ترسل إليها قوة حربية على أن لا تحتلها إنكلترا أو تعلن عليها الحماية .
اعتراف بالاتفاقيات بين الكويت وبريطانية
غير أنها أنشأت في سنة 1902م مراكز عسكرية في أم قصر وصفوان وبوبيان ، وكان الشيخ يدعي أن هذه الأماكن داخلة ضمن أراضيه ، فأهتمت إنكلترا للأمر ، وجرت بينهما وبين الباب العالي مفاوضات انتهت بعقد اتفاقية سنة 1913 م ، التي جعلت الإمارة بموجبها قضاءاَ تابعاً للدولة العثمانية أسماً ، واعترفت فيها الدولة بالاتفاقيات المعقودة بين بريطانية والشيخ .
أسست بريطانية في الكويت سنة 1904 م وكالة سياسية ، وأخذت تتدخل في انتخابات الشيخ ، وكان أمر لا غنى لها عنه لتوطيد نفوذها (ص16-19) .
يتبع لاحقا ..
هامش :
1-الرسالة الأولى _طبعة جديدة : مطبعة الأهالي – بغداد 1354 هجري / 1935 م
2- الأصل الفارسي .
نقلا عن تراثنا العدد 86
تواصل مع تراثنا