الحلقة (17)
سلسلة عقدية تكشف مسائل الجاهلية الدخيلة على دين الإسلام
تراثنا – التحرير :
تواصل تراثنا نشر حلقات متسلسلة من كتاب (مسائل الجاهلية ..التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الجاهلية ) في اطار سلسلة معرفية عقدية ، تظهر فيه مسائل الجاهلية التي تسللت إلى عقيدة الأمة الإسلامية من عقائد دخيلة وبدع وخرافات طارئة لا تمت للإسلام بصلة ( الحلقات كاملة ) .
المجاهرة بكشف العورات
المسألة السادبعة والعشرون : المجاهرة بكشف العورات ، قال تعالى في سورة ( الأعراف :28-29 ) ( وَإِذا فَعَلوا فاحِشَةً قالوا وَجَدنا عَلَيها آباءَنا وَاللَّـهُ أَمَرَنا بِها قُل إِنَّ اللَّـهَ لا يَأمُرُ بِالفَحشاءِ أَتَقولونَ عَلَى اللَّـهِ ما لا تَعلَمونَ﴿٢٨﴾ قُل أَمَرَ رَبّي بِالقِسطِ وَأَقيموا وُجوهَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَادعوهُ مُخلِصينَ لَهُ الدّينَ كَما بَدَأَكُم تَعودونَ ) ، قال بعض المفسرين : الفاحشة هنا الفعلة القبيحة المتناهية في القبح ، والتاء إما لأنها مجراة على الموصوف المؤنث ، اي فعلة فاحشة ، وإما للنقل من الوصفية إلى الإسمية ، والمراد بها هنا عبادة الإصنام ، وكشف العورة في الطواف ونحو ذلك .
وعن الفرّاء تخصيصها بكشف العورة ، وفي الآية حذفٌ ، أي : إذا فعلوا فاحشة فنهوا عنها ، قالوا : وجدنا آباءنا والله أمرنا بها ، محتجين بأمرين : بتقليد الآباء والأفتراء على الله .
طالع (الحلقة السابقة 16) : ادعاء كل فرقة حصر الحق فيها وأنها الناجية
وكان من سنة الحْمس أنهم لا يخرجون أيام الموسم إلى عرفات ، إنما يقفون بالمزدلفة ، وكان لا يَسْلأون ولا يأقِطون ولا يرتبطون عَنزاً ولا بقرة و لا يغزلون صوفاً ولا وبراً ، ولا يدخلو بيتاً من الشعر والمدر ، وإنما يكتفون بالقباب الحمر في الأشهر الحًرًم ، ثم فرضوا على العرب قاطبة أن يطرحوا أزْواد الحِلّ إذا دخلوا الحَرَم ، وأن يتركوا ثياب الحلّ ، ويستبدلوها بثياب الحرم ، إما شراء وإما عارية ، وإما هبة ، فان وجدوا ذلك فيها ، وإلا طافوا بالبيت عرايا .
وفرضوا على لسان العرب مثل ذلك ، غير أن المرأة كانت تطوف في درج مفرج القوائم والمآخير ، قالت أمرأة (1) وهي تطوف بالبيت :
اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أُحله
أخثم مثل القعب بادٍ ظله كأن حُمي خيبرٍ تملّه
وكلفوا العرب أن يفيضوا من مزدلفة ، وقد كانوا يفيضون من عرفة ، إلى نحو غير ذلك من الأمور التي ابتدعوها وتشرَّعوها ، مما لم يأذن به الله ، ومع ذلك أنهم كانوا يدعون أنهم على شريعة أبيهم إبراهيم عليه السلام ، وما ذلك إلا لجاهليتهم .
وغالب من ينتمي إلى الإسلام اليوم ابتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله ، فمنهم من اتخذ ضرب المعازف وآلات اللهو عبادة يتعبدون بها في بيوت الله ومساجده ، ومنهم من اتخذ الطواف على القبور والسفر إليها والنذور أخلص عبادته وأفضل قربانه ، ومنهم من ابتدع الرهابية والحيل الشيطانية ، وزعم أنه سلك سبيل الزهاد وطريق العباد ، ومقصده الأعلى شهواته الحيوانية ، والفوز بهذه الدنيا الدنية ، إلى غير ذلك مما يطول ولا يعلم ما يقول.
إلى ديّان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
يتبع لاحقا ..
هامش :
1- هي ضباعة بنت عامر بن صعصعة