توفيت عن 96 عاما قضت 70 منها بين دفتي المصحف
قدِم الطلاب إليها من ارجاء البلاد المختلفة لتعلم علوم القرآن واحكامه وحفظه
تراثنا – التحرير :
تناظر النجولي ..اسم لسيدة مجهولة تماماً ، لم نعرف عنها شيء من قبل قط ، ولم تتصدر اخبارها يوماً عناوين الصحف والسوشيال ميديا ..
لأنها مجهولة .. لم تخطو قدماها قط على سجادة حمراء .. بين حشود المصفقين عن اليمين والشمال ، المسربلين بثياب السهرة المعبقة بعبير أفخر العطور الباريسية.
تناظر النجولي ..
-
نعاها شيخ الأزهر أحمد الطيب ووصفها بأنها أكبر القارئات سناً وكانت نموذجاً مضيئاً أنار بصيرتها بالقرآن .
-
لم يمنعها كفاف بصرها من تعلم علوم القرآن وحفظه في سن العاشرة وتعلم التجويد والقراءات العشر .
-
قَدِم الطلاب إليها من أرجاء البلاد المختلفة لتعلم علوم القرآن على يدها وأحكامه وتحفيظه، فاجازت شيوخ وقراء كُثر .
-
لم تتقاض أجراً على الاجازات التي تمنحها لطلابها ، رغم اسنادها العالي ، وكانت تعطي أحياناً طلبتها اجرة المواصلات .
ولأنها مجهولة ..لم تقف يوماً أمام كاميرات التلفاز ، ولم تلاحقها ومضات فلاشات كاميرات الاعلام ، بكافة قنواته العامة والخاصة ، عند خروجها ودخولها إلى الأسواق والمولات الفاخرة والأزقة والميادين .
فهي لم تكن قط من هؤلاء أو سواهم ..من مشاهير عوالم الاستثمار والمال ، أو ناظمي الاشعار ولا من منظري الخطب على مختلف المنابر او غيرهم .
ورغم كل ذاك ، إلا ان تلك السيدة المجهولة بين لحظة وضحاها ، دخلت عوالم الشهرة ولكن بين السطور ، وفي مواقع لا تكاد تقرأ ، بحروف صغيرة متوارية خجولة ، حين جاء نعيها على لسان مرجعية دينية عالية في العالم الإسلامي ألا وهو الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر، ونقل خبر وفاة ( الشيخة المقرئة ) على الملاْ ، مترحماً على رحليها بكلمات طيبة ، داعيا الله أن يجعل القرآن شفيعاً لها .
لماذا استحقت التقدير
ولكن ما الذي جعل هذه المرجعية العالية أن تترحم على تلك السيدة المجهولة ، التي وافاها الأجل السبت (*) ..فما الذي كانت فيه من نعمة لتستحق هذا التقدير والإجلال والتكريم ؟
وُلدت النجولي في عام 1924 ، في بيت متواضع في قرية الناصرية ” مركز سنمود ” بمحافظة الغربية في مصر ، ولم يمنعها كفاف بصرها في سن متقدمة ومسئوليتها تجاه أسرة مكونة منها وزوجها وأربعة أبناء وبنتين متفوقين في الدراسة من تعلم علوم القرآن وحفظه في سن العاشرة والمثابرة عليه ، حتى تعلمت التجويد والقراءات العشر ، على طريقتي الشاطبية والدرة على يد شيوخ اسنادهما عال جدا .
طلابها شيوخ
وقد قدم الطلاب إليها من أرجاء البلاد المختلفة للتعلم على يدها علوم القرآن واحكامه وتحفيظه، فأجازت شيوخ وقراء كُثر ، من مصر والسودان والسعودية والعراق وتونس والكويت والصومال وغيرها .
فأصبح يذكر في بيتها اسم الرحمن ليلا ًونهاراً ، فارتفع ذكرها عند ربها بذكرها له ، وعند مقام أعلى من مقام البشرية لأنه (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) ، واستحقت -بإذنه تعالى- ان تكون من جملة (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ).
لا تتقاض أجر
لم تتقاض الشيخة تناظر – يرحمها الله – أجراً على الاجازات التي تمنحها لطلابها ، رغم اسنادها العالي ، ولا على تعليمهم احكام القرآن وعلومه ، بل أنها كانت تعطي أحياناً طلبتها اجرة المواصلات نظير تكبدهم الحضور إليها لتلقي علوم القرآن وتلاوته .
ماتت على المصحف
وتذكر إحدى بناتها أن والدتها كانت تفتح المصحف بعد صلاة الفجر ، وتقرأ فيه ولا تغلقه حتى يحل موعد نومها في العاشرة مساء ، وبقيت على ذلك حتى توفاها الله .
وفي الختام
نسأل الله أن يتغمد الشيخة تناظر التجولي ومن سار على هذا النهج المبارك واسع رحمته ومغفرته ، وأن يسكنهم واسع جناته ، وأن يجعل القرآن شفيعاً لهم وجليسهم وأنيس لهم وحجة لهم لا عليهم ويظلهم بظله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله ، ويسكنهم واسع جناته بلا حساب ولا سابق عذاب.
ونختم بأقوال من رسول البشرية عليه الصلاة والسلام في ثنائه وبيان فضل تلاوة القرآن وتعلمه والعمل به :
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق ويتتعتع فيه له أجران» (رواه مسلم)،
- ويقول عليه الصلاة والسلام: «اقرأوا القرآن فإنه يأتي شفيعا لأصحابه يوم القيامة» (رواه مسلم)،
- ومن اقواله عليه الصلاة والسلام: «القرآن حجة لك أو عليك» خرجه مسلم .
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه». رواه البخاري .
(*):الوفاة يوم السبت المواقع 9 يناير 2021م
( تسجيل مرئي صوتي عن سيرة حياة الشيخة تناظر النجولي – يوتيوب )