الحلقة ( 16)
تراثنا – التحرير :
في الحلقة السادسة عشر ، تواصل تراثنا نشر متفرقات منتقاة من كتاب ( الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية ) لمؤلفه : محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية )، مقدماً نصائحه ومشورته لما يُعين الملوك والسلاطين في شأن سياسة الراعي والرعية.
-
كان الخليفة الناصر يشيع بين الناس عزمه تولية منصب لفلان فتنقل إليه العيون قول الناس فيه مدحاً أو قدحاً ، فيختار أرجح القولين لتولية الرجل .
الناصر واختيار رجاله
وعن أساليب بعض الخلفاء في معرفة أحوال من ينوون توليتهم المناصب ، يذكر بن طباطبا حال الخليفة الناصر ، فيقول( ص 39 ) * :
كان الناصر آية الدنيا في اختيار الرجال ، فكان من توصلاته إلى معرفة الرجل إن أشكل عليه حاله ، أن يشيع بين الناس أنه يريد أن يوليه المنصب الفلاني .
ثم يتمادي في إبرام ذلك أياماً ، فيمتليء البلد بالأراجيف لذلك الرجل ، فيفترق فيه الناس ، فقوم يصوبون ذلك الرأي ، ويصفون فضائل الرجل .
وقوم يغلّطون الخليفة ، ويذكرون عيوب الرجل ، وللخليفة عيون ، وأصحاب أخبار ، لا يُؤبه لهم ، يخالطون أصناف الناس ، فيكتب اصحاب الأخبار إليه بما الناس فيه نم الغليان إلى ذلك .
فيعرف بصحة نظره وتمييزه ، أي القولين أرجح وأصوب ، فإن رجح في نظره تفضيل الرجل ولاهُ وخلع عليه ، وإن ترجح عنده قول الطاعنين عليه ، وتبين له نقصه ، تركه وأعرض عنه ، وفي الجملة فحسن الاختيار أصل عظيم .
قال الشاعر :
من راعيه ذئبا في حَلُوبته
فهو الذي نفسه في أمره ظَلَما
يرجو كفايته والغدر عادته
ومن يُرِ خائناً يستشعر الندما
طالع ( الحلقة 15) : الرياسة عروس مهرها الأنفس .
(*) : صورة : فيلم المماليك .
يتبع لاحقا / ما يكره للموك
هذا الكتاب
* كتاب ( الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية)، للمؤلف محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية ) ، يقع في 360 صفحة ، نشر دار الصياد – بيروت ،مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق