• Post published:17/10/2024

 

ثقافة وسياحة (الحلقة الثانية) والأخيرة

جولة بين المكتبات والتراث العربي والإسلامي في العالم 

 

لقطات بوست كارد تحوي "نفق الأمل" الذي يمر عبر بيت السيدة شيدا البوسنية لنقل الجنود والمواطنين للطرف الآمن في حرب البلقان والصرب
لقطات ل “نفق الأمل” الذي يمر عبر بيت السيدة شيدا البوسنية لنقل الجنود والمواطنين للطرف الآمن في حرب البلقان والصرب

 

تراثنا – د. محمد بن إبراهيم الشيباني * :

 

في الوقت الذي آلمنا ما حل من دمار بالموروث التاريخي لأهل البوسنة والهرسك في حرب البلقان (1992-1995م)، قررنا في الشق الثاني من جولتنا في تلك البلاد المسلمة التي تتعافي من أثار المأساة التعرف على المسنة البوسنية المسلمة التي جعلت بيتها نفقا لعبور المقاتلين والمواطنين الفارين من معارك الحرب إلى الشق الآخر الأمن من البلاد .

 

د .الشيباني 

  • التقيت بالسيدة “شيدا” صاحبة البيت المتواضع الذي حُفر فيه “نفق الأمل” وساهم بنصر البوسنيين في حرب البلقان !

  • حرصنا على اقتناء نسخة مصورة ملونة لمصحف قديم لإضافته إلى مقتنيات مركز المخطوطات والتراث والوثائق.

  • صلينا في مسجد غازي خسرو بك خلف الشيخ العفاسي الذي أمتلأ بالمصلين وضجت بهم الطرقات في سوق البوسنة القديم.

 

سيدة نفق الأمل 

 

د . محمد بن إبراهيم الشيباني رئس مركز المخطوطات والتراث والوثائق يزور السيدة شيدا البوسنية الذي حفر "نفق الأمل " عبر بيتها لعبور الجنود والمواطنين في حرب البوسنة والصرب
د . محمد بن إبراهيم الشيباني يزور السيدة شيدا البوسنية الذي حفر “نفق الأمل ” عبر بيتها

تعارف البوسنيين على تسمية هذا الممر ب (نفق الأمل) وهو يمتد من بيت هذه السيدة حتى 800 متر إلى الطرف الآخر ، ولها صور تظهرها وهي تقدم الماء لسقي القائمين على الحفر ، وكانت عمليات الحفر تجري ليلاً تحت جنح الظلام ، خشية تعرضهم لقصف الصرب الذين يتمركزون على قمم الجبال ، المطلة على المدينة في ألأسفل ، إذ مات الكثيرين اثناء العمل به ،أما من التعب والانهاك ، أو القنص الصربي لهم .  يُذكر في هذا السياق – كما نمى إلى علمنا – ان الصرب عرضوا على السيدة شراء البيت لموقعه الهام ، غير أنها رفضت بإصرار.

 

لم نعثر في طريقنا إليها ما يشير إلى موقع سكنها ، أو حتى أشاره ما تدل عليه ،  فلم يكن هناك أي مظاهر تكريم على مستوى الدولة كأطلاق اسمها على الشوارع التي ترشد إلى مسكنها مثلاً ، اللهم إلا بطاقات بريدية تظهرها وهي تسقي الجنود وحفاري النفق أثناء حقبة الحرب الشرسة الخالية من تحكيم الضمائر والإنسانية !

 

وصلنا أخيراً.. وصلنا إلى حيث تقطن تلك السيدة المسنة المدعوة (شيدا) البالغة من العمر نحو 96 عاماً ، التي افضل أن أدعوها “سيدة نفق الأمل” ، كان سكنها عبارة عن شقة صغيرة متواضعة الأثاث، تتكون من صالة وغرفة ومرافقها ،  ، حيث يقطن معها ابنها (بوتمير) وزوجته ، كان لقاء بسيطاً طيباً ومثمراً ، وحكت لنا ذكرياتها عن تلك الفترة الصعبة عبر مترجم ، ما عانت به بلادها من عنت وجبروت وتشريد وقتل عشوائي للآمنين على يد الصرب وحلفاءهم ،

 

 

مكتبة البوسنة 

 

وفي الشق الثالث من جولتنا بحثاً عن مظاهر التراث والتاريخ في البوسنة والهرسك ، او ما تبقى منها، عرجنا على مكتبة البوسنة داخل السوق القديم، تضم  بين مقتنياتها مخطوطات أصلية ،ولكن ليست بذاك القدم ، وكلها جاءت بعد الألف واكثر، كما تحتوي بعض الشعارات والرايات القديمة .

 

 

السوق القديم في البوسنة
السوق القديم في البوسنة

 

 

ولم نخرج من هذه المكتبة خالي الوفاض ، إذ بعد تجولنا في أرجاءها واقسامها ، حرصنا على اقتناء نسخة مصورة ملونة ، لمصحف قديم من مقتنيات المكتبة ، كان معروضاً للبيع ، فاشتريناه لإضافته إلى مقتنيات مركز المخطوطات والتراث والوثائق .

 

 

جامع غازي خسرو بك في البوسنة
جامع غازي خسرو بك في البوسنة

 

 

العفاسي كان هناك

 

وكانت الجولة في سوق البوسنة القديم أحد أهدافنا المدرجة على برنامج زيارتنا، وهي الشق الرابع والأخير منها ، حيث زرنا المحلات والمقاهي المتوزعة في إرجاءه ، وتوقفنا ملياً عند محلات الأنتيك والتذكارات القديمة، حيث انتقينا منها ما يلبي احتياجات المركز من النوادر .

  

 

المقرئ الشيخ مشاري العفاسي في ربوع البوسنة والهرسك
المقرئ الشيخ مشاري العفاسي في ربوع البوسنة والهرسك

 

قادتنا جولتنا الأخيرة إلى مسجد غازي خسرو بك ، وكانت ليلتنا الأخيرة حافلة إذ ضج الجامع بالمصلين ، واحتشد الألوف خارج الجامع ، حيث يحي الصلاة فيها هذه الليلة الشيخ المقرئ مشاري العفاسي ،وكنا سبق أن ألتقينا به على نفس متن الطائرة عند قدومنا ، وغادر معنا إلى الكويت على متنها ، أثر زيارة تفقدية قام بها لمشاريع خيرية ودعوية تقام في بلاد البوسنة والهرسك..وهكذا كانت خاتمة الجولة خير ختام  . 

 

 

طالع الحلقة الأولى :

 

د .الشيباني في البوسنة بحثاً عن أطلال التراث بعد حرب البلقان

 

 

 

 تواصل مع تراثنا

 

 

اترك تعليقاً