• Post published:16/02/2020

الحلقة 5

خماسيات الباحث منصور الهاجري

 

بوم المهلب لحظة انزاله عام 1937 م
بوم المهلب لحظة انزاله عام 1937 م ( الصورة )

 

تراثنا – التحرير :

 

تستضيف تراثنا الكاتب والباحث في التراث الكويتي منصور الهاجري ، متحدثا في كل حلقة عن فريد ما لقاه وسمعه وحدث معه في لقاءاته مع ضيوفه ، وذلك في ( خماسية ) تلقي الضوء على شخصيات انتقاها من ذاكرته ومشواره الإعلامي الطويل .

 

 

الكاتب والباحث التراثي منصور الهاجري
الكاتب منصور الهاجري

الهاجري :

  • لحق البحار عبداللطيف بالهندي لإعادة حقيبة مثقلة بالروبيات نسيها فطار فرحاً واعطاه عشرة روبيات !

  • تضاعفت بركة الروبيات المعدودة  جراء صدقه وأمانته واثمرت 100 روبية شكلت له ثروة .

  • أشاد نوخذة المهلب حسين العسعوسي بصدق وامانة عبداللطيف واثني عليه .

  • خرج عبداللطيف بحاراً بسيطاً قاصداً بومبي وعاد يملك سيارة تاكسي يستنفع بها وتكفيه حاجته .

  • نسي زبائن سيارته بالطواً يحوي كافة مصاريف سفرهم فلحقهم إلى داخل الطائرة وأعاد لهم الأموال !

 

يستعيد المؤرخ منصور الهاجري من ذاكرته أحدى الأحداث التي التقى بصاحبها عام 1999 م وفيها الكثير من العبرة .

 

يقول الهاجري : التقيت بالسيد عبداللطيف أحمد ، ودار بيننا٨ حديث مطول حول ذكرياته عندما كان يعمل بحاراً عام 1942 م على مركب المهلب المملوك للتاجر ثنيان الغانم ، وحرقه العراقيون عند غزوهم الكويت عام 1990 م ،واعيد تجديده .

 

مالك بوم المهلب التاجر ثنيان الغانم
مالك بوم المهلب التاجر ثنيان الغانم

ويستأنف : وقعت لهذا الرجل البسيط المعروف بأمانته وصدقه ، احداث تكشف ما للأمانة والصدق عند الله من عاقبة حسنة في الدارين ، (وليجزي الله الصادقين بصدقهم ) الأحزاب.

 

يقول الهاجري : جرت عادة نوخذة المركب ( القبطان ) عند الوصول إلى احد الموانئ السماح لعدد من بحارته ، يتراوحون من 3 إلى 5 ، النزول إلى الأسواق والمقاهي والتبضع لأهاليهم ، في كل مرة .

 

وتصادف أن مركب المهلب قد رسى في ميناء بومبي – الكلام للهاجري – ونزل صاحبنا البحار عبداللطيف مع زمرة من صحبه البحارة للتبضع والتنزه ، فقصد عبداللطيف مقهى يطلق عليه البحارة ( مقهى الكويتيين ) لما يشكله من ملتقى وتجمع لقاصدي بومبي من الكويت.

 

الهندي والحقيبة

 

ويقول : وفي اثناء احتساء البحار عبداللطيف الشاي منهمكاً بالحديث مع صحبه ، جلس بجواره رجل هندي كبير في العمر، يحمل حقيبة بنية اللون، حرص على يضعها بينه وبين صاحبنا ، لكي لا تغيب عن ناظره ، ثم ما لبث أن غادر مسرعاً لحاجة ما .

 

وعندها انتبه عبداللطيف إلى أن الهندي قد نسى حقيبته، حيث أتضح انها ممتلئة بمبلغ كبير من الروبيات ، لم تقع عيناه على مثلها من قبل ، فانتفض قائماً ، وطفق يبحث عن صاحبها الذي ضاع بين جموع الناس في السوق .

 

ومع الحاحه واصراره في البحث، لاح له الهندي من بُعد ، فلحق به وأوقفه ، وسلمه حقيبته ، فطار الهندي فرحاً حتى كاد أن يغشى عليه ، ومنح البحار الكويتي 10 روبيات مكافأة على أمانته ، وكانت تُعد حينها ثروة لبحار بسيط ، طموحاته بسيطة .

 

مطار النزهة في الكويت عام 1956
مطار النزهة في الكويت عام 1956م ( صورة )

اشادة وتقدير

 

وانطلق بالخبر واشاعه أصحابه ، فأصبح حديث بحارة المركب ، الذين استغربوا كيف لم يحتفظ عبداللطيف بثروة جاءته من السماء..وعلم بالخبر كذلك نوخذة مركب المهلب حسين العسعوسي الذي كان يصاحبه في رحلته ابنه علي ، فأثنى على فعلته ، وأشاد به وأمانته وصدقه .

 

ربح مضاعف !

 

ويواصل المؤرخ الهاجري قائلا : فانطلق صاحبنا البحار إلى السوق فرحاً لشراء هدايا ولوازم والدته واخته ،وخطرت له خاطرة أن يشترى ببعض المبلغ بضاعة هندية بقصد الانتفاع ، فباعها لاحقاً عند رسو المركب في ميناء عدن ، حيث حققت له ربحاً وفيراً ، ضاعف العشر روبيات إلى 100 روبية فأصبحت (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ) !

 

تاكسي كروة

كان ذلك الربح غير المتوقع ، حافزاً له لبدء حياة جديدة ، بعيداً عن متاعب البحر ومغامراته ، فكان ان ترك مهنة البحار عام 1952م وتعلم قيادة السيارة ، وعمل عليها مقابل أجر ” تاكسي ” .

 

سالفة البالطو

ويشاء الله أن يتكرر الابتلاء ،واختبار امانة وصدق عبداللطيف في موقف آخر ، ليزيده من فضله ، فبينما كان ذات يوم يركن سيارته ” الكروة ” تحت ظل شجرة بجوار مسكنه في ( جبلة ) إذ بأحد ما يناديه مع صاحب له، ومعهما حقيبتين، بقصد توصيلهما إلى مطار النزهة للسفر إلى مصر .

 

رحلة غوص على اللؤلؤ في عباب اعماق البحر
رحلة غوص على اللؤلؤ في عباب أعماق البحر

 

 

فكان لهما ما ارادا ، فأخذهما إلى المطار ، وعندما اقفل عبداللطيف عائدا ، انتبه إلى نسيان احدهما بالطوه في السيارة ، وفي جيوبها جميع مصاريف السفر !

 

وسرعان ، ما ظهر معدن الصدق النقي وتقوى الله في داخله ، واستدار بسيارته عائدا إلى المطار ، في سباق مع الزمن لإدراك الطائرة قبل إقلاعها ، وشاء الله ان يلحق بهما ، ويصعد على الطائرة بنفسه بعد جدال مع المضيفين ، مما لفت أنظار ركاب الطائرة ، وجاءت دهشة الراكبين اشد ، عندما شاهداه وهو يعيد لهما البالطو الذي يحمل مصاريف السفرة ، متكبداً كل هذا العناء للوصول إليهما .

 

هكذا كان أهل الكويت ، الطيبة والأمانة والبساطة ، والقناعة بالرزق البسيط ، الذي يأتي معه خير وفير ورضا من رب العالمين .

 

اقرأ : الحلقة السابقة ( الأولى )

 

 

تواصل مع تراثنا

 

اترك تعليقاً