• Post published:01/08/2024

الحلقة (34)

 

ما تبقى من أيوان كسرى
بوابه هي كل ما تبقى من أيوان  إمبراطورية كسرى الفارسية

 

تراثنا – التحرير :

 

في الحلقة (34)، تواصل تراثنا نشر متفرقات منتقاة من كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية) لمؤلفه : محمد بن علي ابن طباطبا (1260 – 1309 هجرية).

يستكمل ابن طباطبا تقديم إرشاداته ومشورته لمن وُكل إليهم أمر سياسة العباد، ويحكي بعض الحكم والأمثلة من الاقوال والروايات التاريخية التي تعضد كلامه، ويتناول في هذه الحلقة كيفية تهياه الله للأمور والتمهيد بإنذارات تنبأ بقرب تبديل ممالك قائمة بأخرى غيرها ، كما جاء في ص (76 – 77)، إذ يقول : 

انتقال الملك من الأكاسرة إلى العرب

 

فرسان الإسلام وحروب الفتوحات
فرسان الإسلام وحروب الفتوحات

 

شرح مبدأ الحال في انتقال الملك من الأكاسرة إلى العرب :

 

إن لله تعالى بسابق علمه وبالغ حكمته وعزة قدرته إذا أراد أمراً هيأ أسبابه ، وقد وصف نفسه عز وجل بقوله :(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) آل عمران – (26) .

 

جيوش الإسلام في حروب الفتوحات
جيوش الإسلام في حروب الفتوحات

ولما أراد جل شأنه، وعز سلطانه ، نقل المُلك من فارس إلى العرب ، أصدر المنذرات بذلك ما ملأ به قلوبهم وقلوب أوليائهم رعباً ، فأول ذلك ارتجاس الإيوان وسقوط الشُرُفات منه ، وذلك عند ميلاد الرسول عليه الصلاة والسلام ، وخمود نار فارس ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام ، وذلك في عهد أنوشروان العادل .

 

فلما راي أنوشروان سقوط الشرفات وانشاق الإيوان غمه ذلك ،ولبس تاجه وجلس على سريره ، وأحضر وزراءه وشاورهم في ذلك ، ففي تلك الحال وصل كتاب من فارس بخمود النار ، فازداد كسرى غماً إلى غمه ، وفي تلك الحال قم المُؤبَدان وقص الرؤيا التي رآها ، قال : رأيتُ ، اصلح الله الملك ، كأن أبلاً ضِعافا تقود خيلاً عراباً، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها .

 

فقال له كسرى : فأي شيء يكون تأويل هذا ؟ قال : أصلح الله الملك ، حادث يحدث من جهة العرب ، وفشا الحديث بذلك بين العجم ، وتحدث به الناس فسكن الرعب قلوبهم ، وثبتت هيبة العرب في نفوسهم ، ثم تتابعت أمثال هذه المنذرات الخواذل إلى أخر الأمر ، فإن رستم لما خرج لمحاربة سعد بن أبي وقاص ، رأي  في منامه كأن ملكا قد نزل من السماء وجمع قسِي الفرس وختم عليها وصعد بها إلى السماء ، ثم أنضم إلى ذلك ما كانوا يشاهدونه من سداد منطق العرب وطمأنينة نفوسهم وشدة صبرهم على الشدائد .

 

ثم ما جرى في آخر الأمر من اختلاف كلمتهم بعد موت شهريار وجلوس يزدجرد على سرير الملكة ، وهو صبي حَدَث ضعيف الرأي ، ثم الطامة الكبرى وهي انعكاس الريح عليهم في حرب القادسية حتى أعمتهم بالغبار ، وعمَّتهم بالدمار ، وفيها قُتل رستم ، وانفلَّ جيشهم ، فانظر إلى هذه الخواذل ، واعلم أن لله أمراً هو بالغه.

 

 

طالع الحلقة 33 :

 

رسول الحاكم مرآته لدى الآخرين 

 

 

 

كاتب وكتاب

* كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية)، للمؤلف محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية) ، يقع في 360 صفحة ،  نشر  دار صادر – بيروت ،مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق .

 

تواصل مع تراثنا 

 

 

اترك تعليقاً