الحلقة (25)
تراثنا – التحرير :
في الحلقة (25)، تواصل تراثنا نشر متفرقات منتقاة من كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية*) لمؤلفه : محمد بن علي ابن طباطبا (1260 – 1309 هجرية).
يواصل ابن طباطبا في تقديم إرشاداته ومشورته لمن وكل إليهم أمر سياسة العباد ،ويحكي بعض الأمثلة التي تعضد كلامه على فراسة بعض الحكام فيمن وسد لهم المهام ، فيقول :
حكاية
وها هنا موضع حكاية ، تقدم نور الدين صاحب الشام * إلى أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين يوسف بن أيوب بالتوجه إلى مصر لأمر ندبه إليه ، فقال اسد الدين شيركوه : يا مولانا ما أتمكن من هذا دون أن يجيء صُحبتي يوسف ابن اخي ، يعني صلاح الدين ، قال : فتقدم نور الدين صلاح الدين بالتوجه صُحبة عمه أسد الدين شيركوه .
فاستعفاه صلاح الدين من التوجه وقال : ليس لي استعداد ، فتقدم نور الدين بإزاحه علله (فند مبرراته) وجزم عليه في التوجه .
قال صلاح الدين : فخرجت مع عمي كارهاً وأنا كمن يُقاد إلى المذبح ،فلما وصلنا مصر وأقمنا بها مدة ، كان مني ما كان من تملّك مصر ، ثم تملّكها صلاح الدين ، وعُرضت مملكته ، وتملك الشام بعدها ، وسيأتيك نبأ هذا مفصلاً مشروحا عند الكلام على الدولة الصلاحية إن شاء الله تعالى ووَفّق .
العدو عدوان
قالوا : العدو عدوان ، عدو ظلمك وعدو ظلمته ، فأما العدو الذي ظلمته فلا تثق إليه ، واحترز منه مهما أمكنك ، وأما العدو الذي ظلمك فلا تخفه كل الخوف ، فإنه ربما استحيا من ظلمك ، وندم فرجع لك إلى ما تحبه منه ، وإن أصر على ظلمك انتصف لك منه من إليه يلجأ المظلومون .
وربما نفع العدو وضر الصديق ، قال الإسكندر : انتفعت بأعدائي أكثر مما انتفعت بأصدقائي ، لأن أعدائي كانوا يعيرونني ويكشفون لي عيوبي وينبهوني بذلك على الخطأ فأستدركه ، وكان أصدقائي يُزينون لي الخطأ ويشجعوني عليه .
وقال الشاعر :
وما ساءني إلا الذين عرفتهم
جزى الله خير كل من لست أعرفه
-مُنتقى من الصفحات : (52-52) .
هامش :
*الأصل في الكتاب الشأم ! وتكررت .. فتم تعديلها الى الشام .
كاتب وكتاب
* كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية)، للمؤلف محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية) ، يقع في 360 صفحة ، نشر دار صادر – بيروت ،مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق .
تواصل مع تراثنا