في الزوايا خبايا
قصاصات مطوية بين الكتب في رفوف مكتبتي
تراثنا – كتب د . محمد بن إبراهيم الشيباني * –
نادراً ما تجدفي الكتب القديمة أوراقاً وقصاصات وأسراراً وأشياء لا تتوقع أن تجدها أو تحصل عليها .ولاسيما ما تخص زيداً من الناس ، تبحث عنه ، أو عمراً ، أو معلومات تتعلق بحادثة طواها الزمان .
..لا يدري كيف وقعت ، وكيف ختمت ..أو معرفة موقع من المواقع أو سياسة من السياسات ، إلى آخر الفوائد التي لا تحصي من قصاصة صغيرة ، ليست في العين شيئاً عند غير المتخصصين أو المهتمين .
-
خبايا الزوايا .. قد تكون قصاصات في كتب قديمة تحوي أسرار لا تتوقعها لأحداث وأناس وسياسات .
-
أحداث طواها الزمن أحيتها قصاصة في ثنايا كتاب اعدها الأديب محمد الخولي لإلقائها في مؤتمر صحفي .
-
خطاب الخولي ندد بمطالبات قاسم العراق ضم الكويت مؤكدا استقلالها : عاش الأمير .. ويسقط قاسم .
-
كنا قوميين ناصريين وحملنا السلاح وخرجنا في المظاهرات وتحادثنا مع الجيش البريطاني في الاسواق .
-
اخزى الله سبحانه عبدالكريم قاسم ودحره فسجن نفسه في وزارة الدفاع خوفاً من شعبه فأُخرج منها مقتولاً !
في الزوايا خبايا ، وفي ثنايا الكتب أسرار ، وجدت ورقة صغيرة ، هي مشروع خطبة ألقيت في الكويت ، في مؤتمر الإعلام أمام اصحاب السعادة الأمراء والوزراء ، ورجال مؤتمر الإعلام ورئيس المجلس التأسيسي .
يقول منشئ الخطبة : ” إن من تمام استقلال الكويت وسعادتها ، اعتراف جميع الدول العربية والأجنبية ، وإن انعقاد مؤتمر الأعلام الخامس فيها ، واشتراكها في تلك الدورة دليل واضح على استقلالها التام ، وعلى حبها ومساندتها للدول العربية ، فيما تصبو إليه من عز وكرامة ضد المعتدين والطامعين “.
وقال : ” وأكبر شاهد على ما تكنه الكويت من الإخلاص في سبيل التعاون والتناصر ، طلبها انعقاد المؤتمر في دورته الخامسة ،وإن الكويت لتفخر بوجودكم يا رجال الدول العربية والإسلامية ” .
عاش الأمير ويسقط قاسم
وقد ختمها بقول : ” عاش أمير دولة الكويت وعاشت الأمة العربية ، وعاش رجالها المخلصون ، وليسقط قاسم العراق بدعواه الباطلة على الكويت ، البلد الحر المستقل .. والسلام “وجدت هذه الرسالة في كتاب الأدب النبوي ، لمحمد عبدالعزيز الخولي ” يرحمه الله ” في الصفحة (181) ، ومحمد الخولي توفي 14 من إبريل 1931م ، وأكمل كتابه الشيخ مصطفي الخفاجي ” يرحمه الله “، وقد طبع طبعته الثانية في1937 م.
وهذا الكتاب من كتب مكتبة الشيخ محمد حامد الفقي ( من مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق ) وكذلك الشيخ الفقي” يرحمه الله ” توفي قبل هذا التاريخ (1961م ) .
قومية ناصرية
فلعل أحدهم استعار الكتاب من الفقي ،ولم يرجعه بعد ذلك ، أي بعد وفاته ، عموما هذا الخطاب يسلط الضوء على الفترة التي حاول قاسم العراق أن يطالب بالكويت (61-1963 م ) والتي على ضوئها جاءت الجيوش العربية ، وقبلها الجيش البريطاني ،وقد رأيناها في الأسواق والأماكن العامة ، وتحادثنا معهم على اعتبار أننا كنا قوميين عرباً ، بل قبلها ناصريين .
سبق الجيش البريطاني الجيوش العربية في الوصول إلى الكويت والحكومة البريطانية ،و في هذا تنفيذ معاهدة الحماية الجديدة مع الكويت والتي بدأت في عام 1961 م .
استنفار الشعب الكويتي
كانت تلك الأيام ايام استنفار للشعب الكويتي ، وفي مقدمتهم الشبيبة الذين تسابقوا للتطوع لتسجيل أسمائهم للذود عن الكويت وحمايتها ، وأخذوا في التدريب في المراكز التي حددتها وزارة الداخلية آنذاك ، وكنت أنا وبدر
عبدالله العمر نحرس القطعة (3) من منطقة كيفان ، ومعنا بنادقنا ( الذاتية ) ، وقد اخزى الله سبحانه عبدالكريم قاسم ودحره ، وسجن نفسه بنفسه في وزارة الدفاع خوفاً ، ليس من الكويت وأهلها ، وإنما من شعبه الذي هدم عليه وزارته بالمدفعية ، وأخرج منها مقتولاً .
والأيام تدور
وظهر في تلك الأثناء في الأعلام صدام حسين وهو قطع رأسه أمام الملأ ، كبداية لظهور عميل جديد لأعداء الأمة ، وكان وقتها يدرس في القاهرة ، ويسكن مع طلبة كويتيين ، وبلمح البصر يذهب إلى العراق ليكون له هذا الدور ، بعد التقاء بوش الأب به ( آنذاك كان مديرا للمخابرات الأمريكية ) حيث اجتمع به قبل ذهابه إلى العراق ، وبدا دور هذا العميل الشاب منذ ذلك اليوم .
ومن المفارقات أن يتم سقوط نظام صدام على يد بوش الأب نفسه وابنه عندما توليا حكم الولايات المتحدة … بعد أن اعاد صدام ما فعله سلفه قاسم ..ولكنه لم يكتفي بالمطالبات كسابقه .. بل احتل الكويت وطرد حكامها وشعبها !!
وفي الزوايا خبايا عندنا منه الكثير ما يصلح للنشر ، ومالا يصلح .
والله المستعان ..
البيان الأول :
” أن الكويت دولة عربية مستقلة ، ذات سيادة معترف بها دولياً ، وحكومة الكويت وشبعها مصممان على الدفاع عن استقلال الكويت ، والحكومة مقتنعة بان الدول الصديقة والمحبة للسلام ، ولاسيما الدول العربية الشقيقة ، ستساند الكويت في الحفاظ على الاستقلال ” ( الشيخ عبدالله السالم الصباح امير الكويت – 1961 م ) .
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا