• Post published:18/11/2024

 

 

رأي

 

عقل الأنسان

 

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني* :

 

ما أتعس الإنسان حين يتعمد ارتكاب ما يخالف فطرته ، أو يخالف خلقته ، بل شخصيته بين خالقه وبين الناس .

 

د . محمد بن إبراهيم الشيباني
د . محمد الشيباني

 

وعندما أقول خالقه ، أعني به أنه ساوى في تعظيم البشر والحجر والشجر مع إلهه ، وإذا قلت بين بني البشر، لأن من يقوم بكل أولئك قد عطل وأخل بشخصيته وسمته ، وذلك عندما يقوم بأفعال لا ترتضيها نفسه في الأماكن العامة ، مثل الرجوع القهقرى عندما يسلم على العظيم أو على الشجر والحجر ، أو يطير في الهواء ، أو يتنطط بطرائق غريبة تسقط سمته وهيبته كإنسان ، ولو فعله أمام العامة في الطرقات والأماكن العامة لأجمع الناس على أ نه قد جُن ، أو أصابه طائف من الشيطان . 

 

اسواق البورصة المالية

 

من شقاء البشر أنهم كلما تقدموا في العلوم والتكنلوجية تراجعوا في دينهم والعقدي ، وفي فترة من الزمان تقف عندها عقولهم كما قال أحدهم لصديقه : أتعتقد أن تركك للبورصة  في هذا اليوم ، وأنت أبوها ” فارسها ” ، أنها خسارة كبيرة عليك ، وذهابك للأمام والخطيب فلان عاكف عنده طيلة اليوم ، وأنت تعلم ما يقوله غير عقلاني ولا ديني صحيح مقبول عندك ؟ قال : أني أعلم كل ذلك ، ولكنه الاتباع من دون عقل ولا تفكير ، ، وختم بكلمة غريبة قائلاً : أنا طول السنة بني آدم ، ولكن في هذا اليوم  أنا حمار ! ولا أدري كيف يذهب عقلي في هذا اليوم  ؟!

 

لو تركنا كل أمر من أمور حياتنا قد تفقنا عليه لتأثيرات واهواء  العامة أو للجماهير من البشر ، لسقط كل شيء في حياتنا  ينظم أمورنا ، وعليه نتفق ، وبه نأتلف، فالعقل الجماعي  لا عقل له ،، لا تضبطه ضوابط ، فوضوي ، يطبق ما يراه من دون وعي وتفكير ، بل استهتار ولا مبالاة للأسس والمبادئ .

 

جامدون أو أنصاف متعلمين أو متعلمون ، ولكنهم أصحاب مصالح زائلة ، يدندنون عليها ، ويبحثون عنها ليل ونهار ، ولا يهمهم ماذا يقولون من فساد دين أو فكر أو حقيقة من الحقائق ، فهم كالنائحة المستأجرة ، تصرخ وتشق الجيب لأجل دراهم معدودة ، وفي وقت معلوم ، مع شيء من الولولة المخالفة لكل القيم والأعراف جرياً وراء المال .

 

عجيب أمر الإنسان حين يعطل عقله ، أو قل يضعه على الرف ، أو في الخارج ، حين الدخول على إنسان مثله ، يقبل يديه ورجليه ، وكل شيء طلباً للبركة والشفاء والنجاح والرزق … وهو إنسان مثله ، يمرض ويتعالج عند الأطباء ، ويأخذ الدواء ، ويبول ويتغوط ، بل ويموت !

 

كيف يُؤله من هذه صفاته ؟ وهي صفات العاجزين المحتاجين ؟! ناهيك أن هذا المخلوق ميتاً ، وقد رمَّت عظامه ، ولو كان يستطيع رد الموت لرده ليعيش حياة أطول في الحياة الدنيا !

 

 

والله المستعان ..

 

*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا 

 

 

تواصل مع تراثنا 

 

اترك تعليقاً