في ذكرى وفاة والدي الفريق محمد البدر
كتبت : فاطمة محمد البدر (الجريدة *) :
في هذا التاريخ ،قبل خمس سوات انطفأ النور الذي كان يضيء أسرتنا ورحلت عن الدنيا إلى الموتي ،لقد كان فقدانك مؤلماً، ليس لنا كأسرة، كنت لها عمود الخيمة، بل كان غيابك وفقدك خسارة للوطن بأكمله لما كنت وما زلت تمثل فيه من قيم نادرة في حب الوطن والتفاني في العمل والالتزام والعطاء.
لكم افتقدناك يا والدي، رغم انك كنت عسكرياً حازماً ملتزماً بمفاهيم الضبط والربط في كل مناحي حياتك، ولم تستثنِ منزلك من ذلك، إلا أن ذلك لم يوقف تدفق الحب العارم الذي كنت تختزنه للكويت. لم يمنعك ذلك الالتزام العسكري وما يتطلبه من صرامة ظاهرية، أن تكون زوجاً وأباً محباً لعائلته، صديقاً صدوقاً ناصحاً لأصدقائك، وأخاً معيناً مسانداً لكل أقاربك، وداعماً لكل المحيطين بك حتى من اختلفت معهم في الرأي. وكم كنت يا والدي تستجيب بكل إخلاص وصدق لحل أي مشكلة أو خلاف أو نزاع يتم طلبك لحلها، سواء أكان ذلك في إطار العمل أو العائلة، أو ما أبعد من ذلك، فقد كنت معروفاً بمصداقيتك وموضوعيتك، وعدم تحيزك لهذا الطرف أو ذاك، ومسطرتك هي قول الله تعالى «وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ».
ولعل افتقادنا لك يزيد في هذه الأيام الصعبة، التي تمر بها الكويت، حيث فقدت البوصلة، وافتُقِد احترام القانون وتطبيقه بعدالة على الجميع من دون استثناء. وهو ما عملت عليه طوال حياتك، فكم تاهت الصورة وتاهت الرؤية.
ولكم افتقدنا نضالك الدؤوب، من أجل الوطن، وأمنه، على جميع المستويات والأصعدة. ولكم افتقدنا في غيابك صوت الحق الذي كنت تجهر به دائماً، ولم تكن تخشى فيه لومة لائم أو مصلحة شخصية. افتقدنا نضالك الذي سطرته باقتدار أنت ورفاقك في المقاومة الكويتية وأهل الكويت إبان الغزو والاحتلال، مع كل ما كنت تعاني منه من اعتلال صحة، وتمكن المرض منك، وتركك لعائلتك من أجل الوطن.
نستشعر غيابك بقوة يا والدي، فقد ربيتنا على حب الوطن، وما نرى اليوم إلا وطنا ضائعا، ولكم ربيتنا على الصدق والإخلاص، وما نراه اليوم أن تلك القيم تتراجع، أما المخلص فهو من تتم محاربته ومحاسبته، ولكم ربيتنا على الالتزام بالأمانة، بينما اليوم يفلت الفاسد من العقاب.
هكذا يا سيدي، ولذلك يا أبي، يزداد افتقادنا لك، من محيط أسرتك الصغيرة، إلى اتساع أسرتك الكبيرة، وطنك الكويت الذي أحببته، وبذلت كل ما لديك للتضحية في سبيله، فقدمت روحك الغالية دفاعاً عن الوطن، ولا أغلى من الوطن.
وداعاً يا من كنت القوي الأمين في جنات الخلد يا أبي..
*نقلا عن الزميلة (الجريدة) في عددها : 4977 بتاريخ 10 مارس 2022
د. الشيباني معقباً
لا انسى مواقفه في الاحتلال
نعم ، رحم الله أخي وصديقي الفريق ركن محمد البدر ، لا أنسى مواقفه أيام الاحتلال العراقي للكويت في أغسطس 1990 م ، ولا أنسى الاجتماعات التي عقدت بمشاركته في اللجنة العليا التي شكلت لإدارة أمور البلاد ن والتي كانت تعقد كل يوم السبت في ديوانيتي بمنطقة كيفان .
ثم انتقلت الاجتماعات بعد ذلك إلى ديوان آخر في المنطقة نفسها ، إثر التخوف والشكوك من مراقبة وعيون المحتل لها .
جزى الله أبنته فاطمة محمد البدر خيراً ،على مقالتها التي ذكرتني به، وقد ذكرت مواقفه ودوره الكبير في كتابي ( كيفان أيام الاحتلال ) ، رحمه الله وغفر له .
(**) : د محمد بن إبراهيم الشيباني رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ورئيس مجلة تراثنا .