الحلقة 17
من عجائب وغرائب روايات التاريخ
تراثنا – التحرير :
لا تخلو كتب التاريخ من نوادر وغرائب ، فيها الكثير من العبر ، والاستفادة ، والسمر ، ومن بين دفتي سجلات التاريخ وقع اختيار تراثنا على تلك المقتطفات منتقاة من كتاب ” عجائب من عصور مختلفة ” من مطبوعات مركز المخطوطات والتراث والوثائق ، نسند احداثها لمصادرها لمن أراد الاستزادة والتوثق من صحتها ، ومتابعة رواتها .
-
فتنته الرومية بجمالها ، فسألها السبيل إليها ..فقالت تنصر ! فترك صيامه وقيامه وقرآنه لأجلها.
-
كشفت عن ابدانهم السيول ، فإذا رائحة المسك تفوح منهم ، وشاب لا تزال شفتاه مبللتان كأنه شرب الآن !
-
تنبأ بقرب موته لأن عصافير داره الجديدة صاحت بوجهه سيق سيق ..فرأى أنه السياق إلى الموت !
-
علت الكوفة ظلمة، فأمطرت وأرعدت ببروق لم ير مثلها وسقط البَرَد بحبات كبيرة دمرت الشجر والنخيل .
قارئ للقرآن تنصر !
قال عبدة بن عبدالرحيم ، خرجنا في سرية (1) إلى أرض الروم ، فصحبنا شاب لم يكن فينا أقرأ للقرآن منه ، ولا أفقه و لا أفرض ، صائم النهار قائما الليل .
فمررنا بحصن (2)، فمال عنه العسكر ، ونزل بقرب الحصن ، فظننا أنه ( الشاب ) يبول ، فنظر إلى أمرأة من النصارى تنظر من وراء الحصن ، فعشقها .
فقال لها بالرومية : كيف السبيل إليها ؟
قالت : حين تُنصر ويفتح لك الباب ..وأنا لك !
ففعل ، فأُدخل الحصن .
قال (الراوي ) فقضينا غزاتنا في اشد ما يكون من الغم ، كأن كل رجل منا يرى ذلك بولده من صلبه ، ثم عدنا في سرية أخرى ، فمررنا به ( الشاب المتنصر ) ينظر من فوق الحصن مع النصارى.
فقلنا : يا فلان ؟ ما فعلت قراءتك (3) ؟ ما فعل عملك (4)؟
قال : اعلموا أني نسيت القرآن كله ، ما أذكر منه إلا هذه الآية (رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) سورة الحجر .
المنتظم 5/121
البداية والنهاية 11 /64
صحوة الموت
عن علي بن العباس النوبختي قال : بلغني أن أبا الحسن علي بن العباس بن جريج الرومي عليل ، فمضيت إليه أعوده :
فقلت له : أي شيء خبرك ؟
قال : أي شيء خبر من يموت !
فقلت : ما أرى سحنتك إلا صافية حسنة !
قال : هكذا من يموت ، يكون قبل ذلك بيوم حسن الوجه !
فقلت : يعافي الله .
فقال : خذ حديثي .. فإن لم يقطع أن اموت في هذه – العلة – فاصنع ما شئت !
أحببت أن أسكن في مدينة أبي جعفر ، فشاورت صديقاً لي يُكني أبا الفضل وهو مشتق من الإفضال فقال لي : إذا عبرت القنطرة فخذ عن يدك اليمنى ، وهو مشتق من اليمن ، عن سكة النعيمية ، وهو مشتق من النعيم ، وسل عن دار أبي المعافي ، وهو مشتق من العافية .
فخالفت لشؤمي واقتراب أجلي ، فشاورت صديقاً يقال له جعفر ، وهو مشتق من الجوع والفرار ، فقال : إذا عبرت القنطرة فخذ يسرة ، وهو مشتق من اليسر ، وسل عن سكة العباس ، وهو مشتق من العبوس ، واسكن في دار أبي قليب ، وهو مشتق من الانقلاب .
وقد انقلبت بي الدنيا كما ترى ! وأعظم ما علي يجتمع في هذه السدرة في داري في كل يوم عصافير فيصيحون في وجهي سيق سيق ، فأنا في السياق !
ويقول الراوي .. فعاودته من الغد ، فإذا هو قد مات ! توفى ابن الرومي في هذه السنة ، وقيل في سنة اربع وثمانين .
المنتظم 5 /168
بَرَدة وزنها خمسون ومئة درهم
في ربيع الأول من خمس وثمانين ومئتين يوم الأحد لعشر بقين منه ، ارتفعت بنواحي الكوفة ظلمة شديدة جداً ، ثم سقطت أمطار برعود، وبروق لم ير مثلها ، وسقط في بعض القرى مع المطر حجارة بيض ، وسود ، وسقط بَرَد كبار وزن البردة مئة وخمسون درهماً ، واقتطعت الرياح شيئا كثيراً من النخيل والأشجار مما حول دجلة ،وزادت دجلة زيادة كثيرة ، حتى خيف على بغداد من الغرق .
المنتظم 6 /2
البداية والنهاية /78
الموتى الأصحاء
في سنة ست وسبعين ومئتين انفرج تل بنهر الصلة في أرض البصرة ، يُعرف بتل بني شقيق عن سبعة أقبر في مثل الحوض ، وفيها سبعة أبدان صحيحة أجسادهم وأكفانهم ، يفوح منهم ريح المسك .
أحدهم شاب وله جمة (5)، وعلى شفته بلل كأنه قد شرب ماء الآن ، وكأنه عينيه مكحلتان ، وبه ضربة في خاصرته ، وأراد أحدهم أن يأخذ من شعره شيئاً ، فاذا هو قوي الشعر كأنه حي ، فتُركوا على حالهم .
المنتظم 5/100
البداية والنهاية / 1/56
هوامش
1- السرية : ما بين خمسة أنفس إلى ثلاث مئة ، وقيل :هي من الخيل نحو أربع مئة ، والسرية قطعة من الجيش ، يقال : خير السرايا أربع مئة رجل . ( لسان العرب 2 /141 ) .
2- الحصن : كل موضع لا يُوصل إلى ما في جوفه ، والجمع حُصون ،وحِصن ، حصين ، من الحصانة . ( لسان العرب 1/655 ) .
3- قراءتك : يقصد به قراءة القرآن .
4- عملك : يقصد به قيامك في الليل وصيامك وصالح عملك .
5- الجمة : من الإنسان مُجتمَعُ شَعْرِ ناصِيَتِهِ أوما ترامَى من شعر الرأْس على المَنكِبَيْن .
حلقات سابقة
مسك الختام
#مايقال_عند_لقاء_العدو :
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوماً قال : اللهم أنا نجعلك في نحورهم ، ونعوذ بك من شرورهم “.
صحيح – رواه أبو داود
الأذكار / د . الشيباني
تواصل مع تراثنا