الحلقة ( الأولى )
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني : مثلت زيارة الشيخ احمد الجابر الصباح في عهد الأمير الشيخ سالم المبارك الى لندن في عام 1919 منعطفا هاماً حرصت “تراثنا” على مرافقة خط سير الجولة واجلاء غموضها وكشف اوراق الزيارة من واقع تقارير استخباراتية بريطانية لم يسبق الاطلاع عليها.
• “تراثنا” تكشف اوراق منسية من واقع تقارير استخباراتية بريطانية لزيارة الشيخ أحمدالجابر الى لندن .
• “تراثنا “تحذف الكثير من التعبيرات القاسية التي كتبت بها التقارير البريطانية بصياغة حاقدة .
• زيارة الشيخ أحمد الجابر الى لندن جاءت تلبية لحضور دعوة تتويج الملك جورج الخامس.
• أهمال تسبب في قضاء الوفد الكويتي برئاسة الشيخ احمد الجابر لساعات في الطرقات بحثاً عن فندق مناسب .
• الكولونيل ويلسون في تقريره الاستخباراتي: يتمتع الشيخ احمد الجابر بشعبية بالكويت وعادت عليه رحلته الى لندن بقدر عظيم من النفع .
• التقرير الاستخباراتي : لقاء الشيخ احمد الجابر في مكة بملك الحجاز” الحسين ” دلالة على ادراكه بتطورات الاحداث .
أعدت ابنتنا الكبرى أروى دراسة في عام (1425هـ/2004م) عن الشيخ أحمد الجابر الصباح (1340-1370هـ/1921-1950م) تحت عنوان من تاريخ الكويت “أوراق منسية من حياة الشيخ أحمد الجابر الصباح”, وهي دراسة عن شيء من حياة الشيخ أحمد الخاصة غير معروف إلا في الكتب أو حوادث غير مركز عليها وكان من خلال الدراسة تطرقت إلى رحلته عام (1337هـ /1919م) أيام حكم الشيخ سالم المبارك الصباح (1336-1340هـ/1917-1921م) إلى لندن وكان الوفد مكون من أحمد العبد الجليل التميمي (1) وقاسم (جاسم) بن يعقوب السلطان بن كاسب وقبطان جاسم الشريفي وذلك للتهنئة بالنصر وحفل تتويج الملك جورج الخامس (1328-1355هـ/ 1910-1936م) . وقد ذكرت في كتابها مراسيم التتويج لحظة بلحظة وعرجت على بعض الزيارات إلى أماكن ومعالم في لندن وغيرها وقد غطت في رسالتها هذه جوانب عزيزة ومهمة لم يغطها أحد قبلها وفقها الله في حياتها.
في رسالتنا هذه سنلج بابا آخر من أبواب هذه الزيارة , كيف بدأت وماهو برنامجها وحوادثها منذ مغادرة الوفد الكويت حتى الرجوع إليها ولكن من تقارير استخباراتية بريطانية ربما لم تنشر من ذي قبل في كتاب .
وكعادتي في أغلب مؤلفاتي الوثائقية أبوب لحوادثها وأعنون لفقراتها حتى لا تكون قراءتها مملة للقارئ و تكون سهلة عليه .
ولعلم القارئ الكريم بأني قد حذفت الكثير من الألفاظ التي تفوه بها من كتب التقرير التي تنم عن الحسد والحقد وقلة الذوق والحياء وعدم وضع الرجال في مواضعهم التي يستحقونها وهذا ما فعلته عندما ترجمنا تقرير الجندي (فوجان) الذي لم ينشر من ذي قبل مترجماً وذلك في موقعة (الرقعي) وهو الذي صور الموقعة كاملة عام (1347هـ/1928م) فقد حذفت مما يشبهه من كلام غيرلائق في هذا التقرير . ومن الله نستمد العون والتوفيق.
نص الرسالة : (برقية)
من : سياسي بغداد .
إلى : سياسي الكويت .
رقم : 8698
تاريخ : 3/8/1919
نستهل بما يلي للشيخ سالم .
تدعو حكومة جلالته سعادتكم لإرسال الشيخ أحمد بن جابر إلى لندن , كما ترسل دعوة مماثلة إلى ابن لصديق مشترك .سيكون بصحبة المجموعة ضابط بريطاني خاص , وسيكونون ضيوفا على حكومة جلالته .
وأرجو أن أعبر عن أملي ـ من خلال إرسال هذه الدعوة إلى سعادتكم ـ أن تنال قبولكم . وسيبذل كل ما هو ممكن لجعل الزيارة ممتعة ومفيدة للطرفين . وأعلم الشيخ شفوياً أن الشخص الآخر المسافر والمشار إليه أعلاه , إنما هو ابن سعود (2) .
إذا قبل الشيخ سالم والشيخ أحمد ـ كما هي عليه توقعاتي ـ فإن الأخير ينبغي أن يكون مستعداً لمغادرة الكويت على السفينة (لورانس) في الخامس عشر من مارس (آذار) تقريباً . وبإمكانه أن يأخذ معه رجلاً . وبالإضافة إلى إيصالك ما ذكر أعلاه ينبغي لك أيضاً أن تُعلم الشيخ أحمد على انفراد .
سياسي بغداد
هاتف : 617 – بتاريخ 7/8/1919م.
الرد عليها (برقية):
الوكيل السياسي في الكويت (3)
28 ديسمبر (أيلول) 1919 السجلات السرية
عزيزي الكولونيل :
لاشك في أن تقريرا عن تجربة الإرسالية التبشيرية في الكويت سيكون مصدر سرور لكم . ومن أجل الشروع في ذلك علي أن أوضح كيف انتقلت المسؤولية عنها إلي .
انتهت إجازتي كما تعلمون في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) , لكن دائرة الهند لم تقم بترتيبات مروري حتى الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) وربما كان ذلك بسبب إضراب عمال سكك الحديد في انجلترا في تلك الآونة , لقد تلقيت برقية في الثامن والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول ) من (فلبي) (4)يقول فيها: «متى أنت قادم إلى (لندن) , أشخاص من الكويت يريدون رؤيتك « . فغادرت منزلي في اليوم التالي , ووصلت (لندن) في الرابع والعشرين حيث تناولت العشاء في ذلك المساء مع (فلبي) ومع مبعوثي الإرساليتين التبشيريتين في الكويت ونجد, ولم يكن لدي وقت كثير من أجل الشيخ أحمد تلك الليلة, إلا أني زرت منزله في اليوم التالي حيث بقيت معه ساعات عدة .
الشيخ أحمد يشكو تصرف باومان وفلبي معه : لقد كان مكتئباً جداً , أفصح لي عن قائمة طويلة من الشكاوى وكان قد أمضى أسبوعين في لندن عندئذ , وكان واضحاً عليه أنه لم يحب (باومان) (5)و(فلبي)… كما كانت هناك بعض الأحاديث الأخرى ذات العلاقة بـ (باومان) أيضا , كانت محل كراهية الشيخ أحمد . بعد ذلك (6)ـ عند الوصول إلى (إنجلترا) ـ وضع (فلبي) فكان أولها أن هذا الأخير لم يبرق لي حتى الثاني والعشرين على الرغم من أنه (أي الشيخ) كان يطلب منه أن يقوم بذلك كل يوم منذ وصوله إلى (إنجلترا) وكانت الشكوى الثانية أن مبعوث إرسالية نجد عومل على نحو متحيز وباعتقادي أنه بصدد الشكوى الأخيرة كان (فلبي) يبذل ما بوسعه ليكون غير متحيز , وأن السبب الحقيقي للاستياء هو أن الشيخ ” أحمد “لم يكن يرغب في أن يكون بصحبة أناس من نجد , فذهبت إلى دائرة الهند ووضعت القضية بكاملها بين يدي أمين السر السياسي الذي أصدر تعليماته بأنه لاعلاقة بعد الآن لا لـ (فلبي) ولا لـ (باومان) بالإرسالية التبشيرية في الكويت, وأنه علي أن أشرف عليها فمن تاريخ 27من أكتوبر (فبراير) كنت أشرف عليها إشرافاً كاملاً .
البحث عن فندق
ويبدو أنه لخطأ ما لم تصل الأخبار إلى الدائرة الهندية ..!!حول توجه مبعوثيي الإرساليتين التبشيريتين إلى (إنجلترا) إلا قبل يوم من وصولهم الفعلي إلى هناك . حيث كانت الفنادق كلها مليئة فلم يجد سبيلاً إلى قضاء كل الليلة الأولى إلا في فندق صغير في (نوروود) في الخارج , وكانوا قد أمضوا ساعات وهم يتجولون في السيارات قبل وصولهم إلى هناك وكان في ذلك إزعاج لهم(7) . وفي اليوم التالي استطاع تأمين مبيت في بيت خاص في (بيميلوكو) ـ 49 , شارع القديس جورج ـ وكان عليهم أن يقيموا هناك حتى السابع والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) عندما أصبحت سبل الإقامة منفرة في (كارلتون) . ومن ذلك الوقت فصاعدا توفرت لهم سبل إقامة ممتازة في كل مكان توجهوا إليه , وخلال إقامتهم في البيت الخاص في (بيميلوكو) تناولوا وجباتهم في مطعم (سافوي) وكان في ذلك شيء من الإزعاج أن يخرجوا من أجل كل وجبة , وكان مبعوثو تبشيرية الكويت يبقون بلا طعام في أغلب الأحيان لأنهم كانوا يميلون إلى عدم الخروج .
الإقامة في فندق كارلتون
أقام المبعوثون في (كارلتون) من السابع والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) حتى الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) حينما ذهب مبعوثو نجد إلى (كامبردج) بينما توجهنا ـ نحن ـ إلى (جلاسكو) حيث كان علينا أن ننزل بعد ذلك بخمسة أيام. تناولنا طعام العشاء في (كارلتون) , كل على حدة , ولم نجتمع إلا بالقليلين من مجموعة نجد . وقد أمضينا آخر أسبوع لنا في (لندن) بالتسوق كشراء بعض الحوائج, مثل الأقمشة وسروج الخيل والسجاجيد والساعات والمباذل وبنادق الصيد من ذخيرة لها , وبناطيل رياضة ومناظير, وغيرها , وبما وصلت قيمته إلى 700 جنيه. وقد شاهدوا مرصد (جرينويتش) و مبنى البرلمان وكاتدرائية (ويستمنيستر) وما في (لندن تحت الأرض) أخذتهم إلى بلاط (هامتون) وإلى حدائق الحيوانات .. إلخ. وكان في مسرح الغموض عرض جميل جداً فأخذتهم إلى هناك في إحدى الليالي, وقد سروا هناك ودهشوا فعلا لما رأوا . أما المسارح العادية فلم تنل إعجابهم كثيراً , لذلك كنا نملأ أمسياتنا بالذهاب إلى دور السينما التي نالت منهم اهتماماً بالغاً .
زيارة قصر بكنجهام
وفي الثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) أخذتهم إلى قصر (بكنجهام) وقد ألحق تقرير مفصل عن ذلك . وقد قدمت مجموعة نجد (8) قبلنا , حيث استمعوا إلى الملك مدة ثماني دقائق , في حين أننا حظينا بسبع عشرة دقيقة , نال هذا التوقيت اهتمام المجموعة الكويتية واعتبروا أنهم أحرزوا نصراً كبيراً على الآخرين .
وأخذت مجموعتي ـ في الحادي والثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) لزيارة أمين سر دولة الهند , ولا شيء ذو أهمية خاصة يحتاج إلى تسجيل فيما يتعلق بهذه الزيارة عدا أن المقابلة كانت ممتعة جداً .
السفر من لندن إلى جلاسكو
غادرنا (لندن) في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) ووصلنا إلى (جلاسكو) في صباح اليوم التالي , وهنا أقمنا في فندق المحطة المركزية, وفي الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) تناولنا مأدبة غداء صغيرة مع (اللورد بروفوست) و(آلدرمين) وبعض الأصدقاء , وبعد تلك المأدبة ألقينا نظرة على حجرات المدينة , ثم ذهبنا لرؤية صالات الجامعة والفنون, وفي اليوم التالي ركبنا إلى (كوينزفري) عن طريق (إدنبرغ) وشاهدنا (الجسر الرابع ـ فورث بردج) ودخلنا إحدى
الغواصات . وكان اليوم التالي آخر يوم لنا في بريطانية, فقمنا بزيار بعض فسحات الشحن البحري , ثم ذهبنا إلى المطار الواقع في (رنفرو) حيث شاهدنا مجموعة من طائرات مختلفة الأنواع,ثم عروضا للطيران وأخيراً صعد الشيخ ومرافقوه الثلاث وأنا, كل طائرة منفصلة وقد بذلنا كل جهد لجعل الشيخ بالذات يطير, ولما لأن ذلك احتاج إلى وقت طويل لارتداء اللباس , لكن كره الطيران لما رأى أن لا حاجة لذلك فاعتذر عن ذلك ولاسيما إن البزة ليست كبيرة بما فيه الكفاية إنه يخشى أن يلمس بما يوصى بعدم الاقتراب منه في الطائرة.. إلخ (9) وأخيرا خرج. لقد تمنينا أن يطير معنا ليستمتع ولكن رأيه غير ذلك.وفي اليوم التالي ـ الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) ـ أبحرنا من (جلاسكو) .
لغم في البحر
والشيخ بحار يحب البحر ولكن إذا كان البحر هادئا , فليس بإمكاني أن أقول إنه استمتع بالفترة التي قضاهاعلى متن السفينة نظراً للدرجة الكبيرة من سوء الأحوال الجوية طوال الطريق تقريباً ومررنا بلغم طاف في البحر الأبيض المتوسط وذلك من الحروب التي مرت في المنطقة واحتج الشيخ على ذلك وأصبح من بعدها متضايقاً لعدم تطهير البحر من الألغام حتى وصلنا الإسكندرية وقد نزلناها في صباح الحادي والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) .
وصول الوفد القاهرة وزيارة معالمها
لقينا هناك الرائد (غاير آندرسون) وهو ضابط عينه مقر المندوب السامي في القاهرة في الإرسالية التبشيرية خلال إقامتها في مصر , وقد شاهدنا من الإسكندرية في ذلك اليوم أقصى ما كان بإمكاننا أن نراه , وأقمنا في فندق (سافوي) تلك الليلة ثم انطلقنا في اليوم التالي إلى القاهرة , التي وصلناها عند الظهر تقريباً, وهنا أقمنا في فندق الراعي , وحضرنا بعد ظهر اليوم الأول سباق خيول. وفي اليوم التالي ـ الثالث والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) قمنا بزيارة حدائق الحيوان والأهرامات وفي الرابع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) استقبل اللورد (اللنبي) (10) الإرسالية التبشيرية وقدم للشيخ صورتين مرسومتين ـ إحداهما له بالذات والأخرى للشيخ سالم ـ وزرنا القلعة بعد ظهر ذلك اليوم , وأدخلونا جامع محمد علي (11), وحضرنا بعد ذلك استقبالا أعده المكتب العربي على شرف الإرسالية التبشيرية واستقبل السلطان (12) الشيخ أحمد ـ وبصحبته المساعد الأول في مقر المندوب السامي وأنا ـ في الخامس والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني): وكانت مقابلة لطيفة جداً . وقد كلف الرائد (أندرسون) وبعد الظهر ـ التقى أستاذاً مسلماً لأخذ الشيخ أحمد وحاشيته إلى جامعة (الأزهر) لأننا لم نستطع مرافقتهم هناك . وفي السادس والعشرين في نوفمبر (تشرين الثاني) ذهبنا إلى المتحف قبل الظهر وطفنا حول الأسواق .
مغادرة القاهرة
وغادرنا القاهرة لننطلق إلى السويس في السابع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) لنلتحق بسفينتا , ولكن كان علينا أن نبقى في الفندق تلك الليلة نظراً لعدم وصول السفينة في الوقت المحدد , ثم أبحرنا في صباح اليوم التالي .
الوصول إلى الخليج العربي
عاد الطقس سيئاً جداً طوال الطريق حتى وصلنا الخليج العربي (الفارسي) وقد وصلنا حدود (الفاو) عند ظهيرة العاشر من ديسمبر (كانون الأول) ودخلنا مدينتها عند منتصف الليل , وانتظرنا هناك ساعات عدة من أجل زورق الشيخ الذي شاهدناه في الطريق حيث وصل في الثامنة من صباح اليوم التالي عندئذ انتقل الشيخ ومجموعته إلى سفينتهم أما أنا فكان على أن أتابع إلى البصرة حيث كانت تنتظرني السفينة (لويس بلي) والتحقت بالمجموعة في اليوم التالي (الثاني عشر من ديسمبر ـ كانون الأول) ثم أُكرهنا على البقاء في المرفأ حتى صباح الخامس عشر بحكم رداءة الأحوال الجوية.
الوصول إلى الكويت
وصلنا الكويت قبل المغرب بقليل من ذلك المساء ملأت الزينة المدينة بكاملها ـ بترتيب مسبق وتم إكساء كل من سفينتينا عند الدخول , وكان هناك حشد كبير يقدر بما يزيد عن ستة آلاف شخص ممتدين بدءا من بناء الوكالة(13) , إلى ما بعد قصر الشيخ بمسافة . وأطلقت بطارية الشيخ (14) خمس طلقات مدفعية من أجل الشيخ أحمد عندما رست سفينته مرساتها وسبع طلقات من أجلي عندما خطوت على الشاطئ لأقوم بزيارة الوصول وتلقاني الشيخ سالم عند الدرجات ورافقني إلى حيث طلبت إذنا للذهاب إلى منزلي أما الشيخ أحمد فقد توجه إلى منزلي مباشرة ولم يدخل القصر أبداً وقد فهمت أن الشيخ سالم انزعج كثيراً لاختيارنا الشيخ أحمد وستكون هذه النقطة موضوعا لاتصال آخر .
تمتع الشيخ بشعبية كبيرة
يتمتع الشيخ أحمد بشعبية كبيرة في الكويت , وإني لمسرور لعدم إعطاء الشيخ سالم حق اختيار وريث الحكم نظراً لاحتمال أن يكون الشيخ أحمد هو ذلك الشخص . لقد عادت عليه الرحلة بقدر عظيم من النفع ولا يساورني أي شك في أننا سنجد فيه الصديق الجيد إذا ما أوليناه الانتباه الكافي في المستقبل) 15).
الشيخ أحمد يتوجه إلى لندن ( تقرير )
كتبه الطبيب ستانلي ملري(16): الكويت , الخليج
ظهر مقال في (جريدة) «الجزيرة العربية « عنوانه « الحج» من فترة مضت , وكان الموضوع الجوهري في ذلك المقال يتحدث عن وريث عرش الكويت – الشيخ أحمد بن جابر – الذي أظهر إخلاصه كواحد من الرجال القادة في هذا الجانب من الجزيرة العربية في صيف عام 1918 بزيارته التي قام بها إلى مدينة مكة المكرمة لكنه عندما كان في مكة لم يقتصر على الاحتكاك بالماضي (17)فحسب , بل كان أيضا على صلة بأحدث نقطة من الحاضر على الإطلاق المتمثلة في شخص الحسين ـ ملك الحجاز(18) ـ أو أى رجل في الجزيرة العربية في هذه الفترة الذي كان ابنه الأمير ـ فيصل ـ الموقع على معاهدة (فيرساليس) بالإضافة إلى كونه شخصية معروفة في (لندن) ويبدو أن معرفة الحسين بالعالم لم تخلف ولو تأثيرا ضئيلا على المستوطن العربي ذي الذهن الساذج(19) وعلى أية حال يمكننا القول إن استعداد أحمد ـ بالذات ـ للقيام برحلة ثانية هو الذي يعتبر خطوة سياسية وليس حجاً دينياً وذلك أنه تلقى في أوائل صيف 1919 دعوة لزيارة الملك جورج الخامس , وليمتع نفسه بكرم ضيافة الجزر البريطانية على مدى أسابيع عدة ففي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1919 وجدنا أحمد مقيماً في (لندن) .
يتبع لاحقا..
الحلقة الثانية ( الأخيرة )
الهوامش :
كتاب ” أوراق منسية في حياة الشيخ أحمد الجابر الصباح ” أعداد أروى د. محمد بن ابراهيم الشيباني
1- نسبة إلى بني العنبر من بني عمر من بني تميم المضرية العدنانية ، هاجر أسلافه من حوطة سدير في الثلث الآخر من القرن 17 م
2- يعني به الملك ” الشهيد ” فيصل بن عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود ، ولد عام 1906 – 1975 م ، آخر كلمة قالها للمسؤولين الدوليين : “أننا على أستعداد لسكنى الخيام وشرب حليب النوق والاستغناء عن موارد البترول و لا نفرط مقدار ذرة بما يتعلق بديننا وشرفنا وكرامة امتنا ”
3- الوكيل أو المعمتد السياسي في هذه الفترة هو الكابتين مكلم ” (18 – 1920 م ) و كان وقت زيارة الوفد موجوداً في لندن .
4- فليبي : هاري ست بريدجر فليبي ولد في جزيرة سيلان 1885م وتوفي في بيروت عام 1960 م .
5- باومان : هو همفري بومان المرافق للوفد في السفينة من عمان الى بومبي حتي لندن .
6- إن دل ذلك على شيء فهو يدل على جشع و بخل الانكليزي وعدم و ضع الرجال في مواضعهم من الاحترام والتقدير ولاسيما ان الشيخ احمد الجابر هو نائب الحاكم بل الحاكم القادم .
7- هل كان هذا بالفعل مقصوداً، أم انه إهمال وفوضى كانت تعيشها المملكة التي لا تغيب عنها الشمس ؟ أنا ارجح أن هناك قصد بأن لا يكترث بالوفد كثيراً ! وهذه القضايا التي لم تنشر في كتاب وغطت التقارير الاخرى عليها .
8- مجموعة نجد التي كان فيه االملك فيصل طيب الله ثراه ابن أمير نجد ” عبدالعزيز” و سمى آنذاك حاكم البلاد الوسطى و مرافقوه القصيبي وأحمد الثنيان وفليبي .
9- في هذا دلالة على حرصه وان ركوب الطائرة و ارتداء لباس الطيران لا أهمية له عنده ولايشغل باله.
10- اللنبي : الفيلد مارشال اللورد اللنبي نائب ملك بريطانية في مصر .
11- جامع محمد علي : العثماني وحاكم مصر في قلعة الناصر صلاح الدين ( 1193م – 1137 هجرية )
12- السلطان
13- مبنى الوكالة أو المعتمدية البريطانية وهي بيت ديكسون سابقاً و قد تحول إلى متحف وفي الاصل هو بيت العصفور.
14- يعني به الشيخ سالم المبارك الصباح الحاكم وقتها (17-1921م).
15- ميلري : هو ستانلي ميلري أول طبيب عمل في الكويت ، ولد في لندن (1876 م ) وصل الكويت ، ومارس مهام عمله في 1913 م حتي تقاعد سنة 1941 م , وتوفى في الكويت في 1952 وهو الذي عالج جرحى الجهراء .
16- الاحتكاك بالماضي : وهو اداء مناسك الحج وفق حج النبي صلى الله عليه وسلم فهو عندهم رجوع للماضي .
17- ملك الحجاز : الحسين بن علي بن محمد بن عون الحسني الهاشمي “1853-1931م” آلت إليه إمارة مكة المكرمة .
18- ذو الذهن الساذج : عند الغربيين من يقدم الولاء لحكامه المسلمين وفق الأوامر الشرعية يسمونه ساذج ومتخلف !