مقتطفات – الحلقة الثالثة
من كتاب (طبعات السفن والقرصنة عليها في تاريخ الكويت)
تراثنا – التحرير :
نستل لكم من كتاب ” طبعات السفن والقرصنة عليها في تاريخ الكويت ” من منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق ، مقتطفات من أحداث دامية رافقت الموروث البحري في الكويت والخليج بحثاً عن الرزق والتجارة والغوص على اللؤلؤ و صراعهم مع قراصنة الخليج …وهي تمثل أحداث وقصص دامية من تراثنا البحري .
-
غرقت سفينة النوخذة خالد بن اسفيح فتشبث هو وصاحبه بخشبة طافية أوصلتهما إلى الساحل منهكين .
-
ضربت موجة عاتية الماشوة “مركب الإنقاذ ” فقلبتها بمن فيها ، فتناثر البحارة في عرض البحر كل يحاول الحفاظ على حياته .
-
أستقبل ثنيان الغانم صاحب السفينة الغارقة البحارة العائدين بالأحضان وهو يصيح : ليت كل مالي وحلالي ذهب وسلمتم جميعكم .
غرق سفينة الدوسري
غرقت سفينة خالد بن اسفيح ” يرحمه الله ” فكان أهل البحري يؤرخون بها فيقولون طبعة بن اسفيح في عام “1303 هجري- 1973 ميلادي ” ،من بين العشرة الذين كتبت لهم النجاة من الموت ( خالد بن محمد الجابر القحطاني ) منسكان قرية ابي حليفة من نواخذة الغوص فيها .
تحدث خالد الجابر عن كيفية غرق السفينة ، وما جرى لهم بعد ذلك ، وكيف أنه تشبث بقطعة من الخشب من أدوات السفينة تساعده على السباحة في البحر ومعه أحد أصحابه ، فكان مرة يصعد على الخشبة يدفعها خالد وهكذا دأبهما ، وأقرب نقطة من الساحل قريبة إليهما من حالة المشعاب .
وكان خالد في ذلك الحين صغير السن عمره حوالي خمسة عشر عاماً ، وكان عمله في السفينة عبارة عن ” رضيف ” نصف بحار أو بحار صغير يساعد الكبار في عملهم ،وظل يسبح مع صاحبه في الجهة الجنوبية من المشعاب قرب بندر ظلوف ، بندر معروف يؤمه الغواصون وغيرهم .
وصلا الى ساحل البحر وكانا متعبين جداً بحيث لم يستطيعا السير من السباحة الطويلة والتعب، ومن عدم الطعام والماء، ومن الشمس المحرقة التي كانت تلهب جسميهما ومن ملوحة البحر نفسه..وفي ظلوف أنقذهما – بعد الله – من الموت السفن الكويتية التي كانت راسية واعتنوا بهما عناية طيبة ، فسقوهما مريس التمر حتي قويت أجسامهما (1) .
طبعة جالبوت الغانم
في عام 1932 م كان النوخذة ناصر جاسم الغانم وهو شاعر شعبي في جالبوته على هير خلالوه من هيرات الكويت قبل القفال بأيام ، فحدثت ضربة السابعة قوية وثار البحر ليلاً ، فغرق الجالبوت وتوفى أكثر بحارتها غرقاً ، كما غرق النوخذه ناصر وهو في عنفوان شبابه .
النوخذة يوسف الصقر
ذكر الأستاذ جاسم محمد الصقر أن النوخذة خليفة شاهين الشاهين أخبره أن جده الأول يوسف الصقر كان يملك سفينة شراعية كبيرة بلغت حمولتها حوالي 10 الأف مَن من التمر “750 طناً ” وكانت من نوع البغلة ، وكان النوخذة يوسف الصقر يحمل التمور من البصرة إلى الهند ، ثم يستمر حتي يصل خليج البنغال ليشتري الرز ، ويبحر عائداً إلى كاليكوت ، وفي إحدى رحلاته هذه صادفته عاصفة قوية بالقرب من ميناء كوجين على الساحل الغربي للهند ، فغرقت سفينته ، وكان ذلك في عام 1845 م ، وأصيب النوخذة يوسف بخسارة كبيرة ،ولكن أملاكه في البصرة ساعدته على اجتياز هذه المحنة ، أما التاجر والنوخذة محمد ثنيان فيذكر في المقابلة أن النوخذة يوسف الصقر كان يحمل الملح من جزيرة هينجام (2) على الساحل الفارسي إلى كلكلتا في الهند لبيعه (3) .
طبعة النوخذة بلال الصقر
بدأت رحلة النوخذة بلال المفجعة في 3 مايو 1943 م من ميناء بومباي ، وبعد أن قطعت السفينة 250 ميلاً على الساحل ( حوالي يوم وليلة ) هبت عليها عاصفة كالطوفان ، تُعرف عند أهل البحر بعاصفة ” غيوب الثريا ” فطاش البحر عليهم من كل جانب ، ولم تسعفهم الحال في التخلص من حمولة السفينة حتي تستطيع مصارعة الأمواج ، فركب الموج السفينة من كل جانب ،عندها أصدر النوخذة بلال أمراً بإنزال قارب النجاة “الماشوه ” و نزل بعض الركاب فيها بعد أن بدأت السفينة تختفي شيئاً فشيئاً تحت سطح الماء ، وركب معهم النوخذة بلال ، لكن موجة عاتية ضربت الماشوة فقلبتها بمن فيها ، فتنائر البحارة في عرض البحر كل يحاول الحفاظ على حياته ، وكانت تمر بالقرب منهم سفينة صغيرة من نوع البوم لأحد النواخذة من ساحل فارس في الخليج ، فألقت إليهم بحبل ، أمسك به القليلون منهم فسلموا ، وأخطأه الكثيرون ، ولم يسلم من بحارة “الوسمي ” الأربعين إلا 13 بحاراً ، كان من بينهم النهام المعروف سعد العبكل ، أما أخوه الذي كان يسبح بجانبه فلم يسعفه الحظ ليكون من الناجين ، كما لم يسعف الحظ النوخذة بلال ، فابتلعته الأمواج ، ومات النوخذة الكريم والحذر بلال الصقر .
أما الناجون فقد عادت بهم السفينة إلى بومباي ، وكان في استقبالهم هناك صاحب السفينة ثنيان الغانم ، الذي ضمهم إلى صدره وقبلهم وهو يصيح : ليت كل مالي وحلالي ذهب وسلمتم جميعكم (4) .
هوامش :
1- تاريخ الغوص على اللؤلؤ : 2/232 وانظرأعلام الغوص عند العوازم خلال قرن ، ص 158 .
2- سنجام – هنجام من جزر سلطنة عمان
3- نواخذة السفر الشراعي ، ص 247
4- نواخذة السفن الشراعية ، ص 252 ، 240 وانظر منصور الهاجري ص 133 حيث يحكي قصة غرق سفينة بلال الصقر النوخذة محمد الراشد .
تواصل مع تراثنا