أخطاء عقائدية شائعة
ترك الناس الأحاديث الصحيحة الكثيرة واستغنوا عنها بالمكذوب!
تراثنا – د. محمد بن إبراهيم الشيباني *:
“لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك ” ! هذا شعار رفعته أحدى الشبكات العربية مكتوباً على لافتة كبيرة خلف المسؤولين فيها ، وطبعاً كثير من الناس لا يعرفون ما هذه العبارة ولا من كُتبت له !
في تدريسي علوم الحديث النبوي ومصطلحه وإصدار رسائل فيه لطلبتي خلال السبعينيات والثمانينيات ، كنت ادرسهم معرفة درجة الحديث (الصحيح ، الحسن ، الضعيف ، الضعيف جدا ، الموضوع ..وغيره ).
-
رواية ” لولاك ما خلقت الأفلاك “مكذوبة على النبي عليه الصلاة والسلام وتخالف صريح محكم القرآن الكريم { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }.
-
لايجوز نسب الأحاديث للنبي عليه الصلاة والسلام كذباً لقوله : “إن كذباً علي ليس ككذب على أحد ، فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ” رواه مسلم .
وذاك من خلال معرفة ضعف المتن (النص) وركاكة الفاظه ، وضعف السند من رواته ، وتحذيرهم من العمل بالضعيف والموضوع ..دواوين رجال (رواة) الحديث كثيرة لا تعد ولا تحصى ، يعرفهم المتخصصون ، قد حفظت لنا اعداد رواة الحديث منذ العهد النبوي إلى الخلافة الراشدة .
هيأة مدنية للحديث
ثم انتقالاً إلى عصور الإسلام المختلفة بممالكها ،وانتقال الرواة إلى الأمصار المختلفة بعد اتساع رقعة دولة الإسلام ـ فكانت هذه المدونات التي شملت الرواة ومن درسوا على أيديهم ، أي النفوس كلها وبصورة منظمة ..كانت هناك مثل الهيأة المدنية ، وقد احصت كل أولئك الرواة ، ولم يضع اسم أي محدث كان أو راوِ ، سواء كان هذا الراوي ثقة ثبت او ثقة أو وضاعاً ( كذاباً ) أو مدلساً أو ضعيفاً أو واهماً في روايته أو خرفاً في آخر عمره أو ..
قول لا يصح
الشاهد أن هذه العبارة الموضوعة بالخط العريض الكبير (لولاك لولاك ما خلقت الافلاك) ! حديث يُنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على أنه حديث قدسي قاله الله سبحانه بأنه لم يخلق الأكوان والسموات والأرض وما فيها من خلق إلا لأجل النبي عليه الصلاة والسلام !
وهو ينافي قول الله في محكم تنزيله : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56]. فهي الغاية من خلق الاكوان والمخلوقات والجن والأنس ، ومن شأن الاعتقاد بهذا الحديث المزور أرتكاب محضورات عقائدية تُبنى على فهم خاطيء ، تعود على صاحبها بالتهلكة.
، وفي بيان صحة الحديث من ضعفه ، فهو من الأحاديث الموضوعة ، أي المكذوبة على نبينا عليه الصلاة والسلام ،وقد أورده العجلوني في كشف الخفاء 2/214 ، والصغاني في ” الموضوعات ” ص 25 ، والشوكاني في ” الفوائد ” ص 326 ، والألباني في ” سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ” 1/ 282 والسيوطي في ” اللآلئ المصنوعة ” 1 /272 .
فتوي العلامة الألباني
يرحمه الله
التحذير من الكذب
ومعلوم ان الكذب على نبينا عليه الصلاة والسلام بنسبة رواية إليه أو استشهاد بها ، ونشرها بين الناس هو اكذب الكذب ، يقول عليه الصلاة والسلام : ” من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ” . رواه مسلم ، وقال : ” إن كذباً علي ليس ككذب على أحد ، فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ” رواه مسلم .
العلماء طاردوا الدخيل والنشاز
لقد كثر في الآونة الأخيرة الأخذ والاستشهاد بالضعيف من الحديث والموضوع منه ، وترك الناس الأحاديث الصحيحة الكثيرة ، واستغنوا عنها بهذا المكذوب الذي كافحه الرواة العدول من المحدثين واساتذة الحديث في كل العصور، حتى وصلتنا السنة النبوية (الأحاديث) نقية صافية من كل هذا الدخيل النشاز والعدو الخفي ، الذي طارده العلماء في كل الأمصار والعصور ، فرحمة الله عليهم على ما قدموا لهذا الدين الخاتم .
والله المستعان ..
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ورئيس مجلة تراثنا