شذرات القلم

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
قديما قالوا إن عظماء الأرض يجلّون قدرهم ويعظمون اسمهم أحياء كانوا أو مواتاَ ..

يتخطف الموت في اليوم والليلة الكثير من البشر،ولكن ليس كل البشر لهم ذكر وصيت او لوعة وحزن عليهم كمن تفقد الأمة من لهم آثار أو بصمات تركوها على عظم قدرهم.
مازالت أمتنا تتغنى وتعتز وتترحم كلما ذُكر على سبيل المثال صحابة نبينا عليه الصلاة والسلام ، وتتذكر علماء المسلمين الافذاذ من الذين كانت لهم بصماتهم على العالمين ، لما أغنوا به البشرية في حياتهم وما تركوه من علوم و آثار وأعمال تذكرهم وتذكر بهم كلما نُسوا .
لا تحزنن على ميت له أثر ، كلمة رددها الألولون ، وما زال الاحياء يرددونها ، فآثار الميتين حية باقية ، مادامت السموات والإرض ،لا سيما ما يكون نفعها على للبشرية مستمراً دائماً ، تتلققه بالقبول والشكر والدعاء والرحمة لهم وعلى مر السنين .
أذا جلس أحدنا إلى مكتبته ، أو أمام حاسوبه أو اجهزة التواصل الاجتماعي ، واعني بذلك شريحة الباحثين الساعين إلى المعرفة والتزود بعلوم الأولين والآخرين ، فإنه سيجد أمامه أعلام أمتنا والأمم الآخرى من علماء دين وسياسة واقتصاد وتاريخ وجغرافية واجتماع وآثار ،وغير ذلك مائلة مؤلفاتهم وأعمالهم الكاملة ، أو اجزاء منها ، قد رُصت إما في رفوف المكتبة أو جُمعت في قلب الحاسوب ،وبرامج التواصل الاجتماعي ، كأنهم يعيشون بيننا ، نأخذ من معين علومهم بسهولة ويسر ، على عكس ما كانوا عليه في حياتهم من معاناة ، عندما صنفوا هذه المصنفات ، حيث شح الورق والمداد والوراقين (المطابع) في بعض دول الإسلام وغيرها ، من الذين ينسخون مؤلفاتهم الأصلية إلى النسخ الجميلة المرتبة ، او ما يعانونه من قلة الموارد المالية ، أو وسائل النقل آنذاك ، لا سيما في القرى والمدن الصغيرة والبعيدة .
فقدنا ومازلنا فقد من أصحاب الآثار ، سواء على مستوى البلدان ، معروفين بشكل عام ، أو في أوطانهم فقط ، أو على مستوى الأمة ، أو ما فاقت شهرتهم حدود أوطانهم إلى حدود العالمية .
كان من أسباب شهرة الأواخر وانتشار علومهم ، قرنهم العلم بالعمل ، وقد اشتهروا بالأخص حتى إنك ومن خلال الكم الهائل من المصنفات للعالم الواحد لتقول إنه لو قيست أعمارهم بكمية الورق في التصنيف ، لوحدت أن اليوم الواحد يساوي تأليف ما بين الورقات الست إلى العشر فأكثر !
فكان بجانب قرنهم العلم بالعمل كانت البركة في أوقاتهم شيئا لا يضاهيه شيء آخر ، كانوا للعلم وكان العلم لهم .
والله المستعان ..