لها رونق ولذه القراءة
القراءة من الكتاب تمنحك الشعور بالزمن والمكان وبمعاناة المؤلف
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
أصبحت المكتبة الورقية في عالم أجهزة التواصل الاجتماعي والأنترنت في عالمنا العربي بشكل عام والمحلي بشكل خاص ملغية وغير مأسوف عليها .
-
كثير من الأبناء يضيق عليهم المكان فيلجئون للتبرع بمكتبات الأباء والاجداد للمراكز العلمية بعد أن كبر الأبناء.
-
انصرف أبناء الجيل الجديد عن قراءة الكتب واستبدلوها بالمكتبات الالكترونية “الشاملة ” على الإنترنت !
-
مركز المخطوطات والتراث والوثائق يستقبل الكتب الأهلية التي يتبرع بها الأهالي وتجعلها متاحة للباحثين والدارسين .
ولكن في العالم الأخر أميركة وأوربة مازالت المكتبة الورقية تشكل عصب البحث العلمي ولا يستغنى عنها بأي شكل من الإشكال ،وذلك لأسباب عدة منها : قيمة الكتاب كتاريخ وقِدم ، وقيمة الكتاب كطباعة قديمة لها رونقها ولذة القراءة النفسية منها ،والشعور بالزمن والمكان والمؤلف ومعاناته وظروف كتابته لمؤلفاته .
كثيرة هي المكتبات الأهلية الخاصة التي تصلنا في مركز المخطوطات والتراث والوثائق الذي أترأسه ، لا أقول شهرياً حتى لا أكون مبالغاً ، ولكن أجزم أنه في السنة الواحدة يصلنا من المكتبات الخاصة المتبرع بها ما يتجاوز الثلاث والأربع ، وهذا الأمر ليس خاصاً بمركزنا فقط ، بل بسائر مراكز ومكتبات الدولة ، لا سيما المكتبة المركزية التي يصلها من غير المعلن عشرات المكتبات الخاصة بالأهالي .
لماذا الاستغناء عن المكتبات الخاصة “الأهلية”، سواء كانت مكتبات الأجداد والآباء الغنية بكتبها القديمة ، أو المكتبات التي غالبا كتبها مطبوعات حديثة ؟
الأسباب هي ما ذكره أكثر أرباب هذه المكتبات من الذين أهدونا مكتباتهم ،منها ضيق المكان في البيت ،واحتياج الأولاد إلى مكان أوسع بعد أن كبروا ، ولم يعد هناك من يقرأ هذه الكتب ، أغلب الكتب وضعت في النت ، بما يسمى “المكتبة الشاملة” والانصراف عنها بأجهزة التواصل الاجتماعي المتنوعة ، وغيرها من الأسباب ويرون أن يكون مكانها في المراكز العلمية ، فهي أحفظ لها والاستفادة منها هناك محققة .
وقد لا تكون هذه المكتبات قد شغرت مكاناً في الغرف والممرات ، وإنما في السراديب والأقبية ،و تكون في صناديق ، و حتى هذه أرادوا التخلص منها !
جيد من الأهالي أن فكروا بمثل هذا التوجه ، بإهدائها إلى المراكز العلمية ، حتى لا تتلف ، أو تنقرض وتذهب ريح من جمعها من الأولين ، ففي هذا الأسلوب تكون المراكز قد حفظت لهم كل ذلك ، حيث تتم فهرسة المكتبة ، وتسميتها باسم المتبرع بها ، أو صاحبها الأصلي ، مع ذكر شيء من تاريخه أن وُجد .
لازال يتردد علينا طائفة من الباحثين ، تسفيد من هذه المكتبات المهداة ،وتبحث فيها ، وتصور من علومها ما يعزز دراساتهم وبحوثهم ، وهذا لا شك بشارة خير في الاستمرار في البحث العلمي بأنواعه ، وأمر مفرح لنا ولهم .
والله المستعان ،،
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
نقلا عن تراثنا – العدد 61
أنقر للتفاصيل
تواصل مع تراثنا