رأي
وقفات على الطريق
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
عرفته مضارباً في سوق الأسهم بدءاً من سوق المناخ إلى البورصة ،وأما في العقار فيشار إليه بالبنان ، ومن تفوقه وحضوره المزادات الممتدة من أول الكويت حتى آخر مناطقها وقراها ومحافظاتها .
-
عرفته في عافيته كثير الصدقات له اليد الطولى بين أقرانه، محافظ على قراءة القرآن ومن أول الداخلين للمساجد .
-
أما اليوم اقعدته الشيخوخة عن ارتياد المساجد وتوقفت نشاطاته الاجتماعية وأصبح الخدم وأبناءه البررة من حوله .
أما عن بذله المال للقريب والصديق والجار ، أي صدقاته وزكاته فكانت له فيها اليد الطولى والمثل الطيب بين أقرانه وشركائه وقرابته .
وأما عن صلاته وطاعته فلا تسأل ، فهو أول الداخلين المساجد في سوقه وعند بيته في الصلوات الخمس .
وأما عن قرآنه ، فمصحفه يشهد له لكثرة قراءاته ومحافظته عليه وختماته الكثيرة التي يختمها في الشهر وحبه المفرط لذلك .
أما عمراته وحجاته فكثيرة لا تعد ولا تحصى في السيارة والحافلة والطائرة ، قليل الكلام ، كأن الصمت خلقه وعادته ودأبه ، مع أنه كان كما ذكرت بداية المقالة في التجارة لا يجاريه أحد ، يتكلم بالخير ويبتعد عن سفاسف الأمور وصغائرها .
صاحب ابتسامة عريضة لا تكاد تفارقه حينما تلقاه وتتحاور معه اطراف الكلام المختلف عنده .
ليس جافاً أو حقوداً أو حسوداً ، لا ينظر إلى ما في يد الآخرين من متاع الدنيا الفائت ، لأنه يراه عارية من يد إلى أخرى ، ومن ميت إلى حي ، وهكذا ينتقل حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
قنوع بما يسر الله له ورزقه ووفقه إليه ، وهو من الحامدين الشاكرين ، اكتسب الخير الذي بين يديه من حلال المال وطيبه ، لم يحتل ليسقط غيره ، ولم يتنافس مع المتنافسين للحصول عليه بالوسائل المحرمة والدنيئة الذميمة .
لا أزكي على الله سبحانه أحداً ، فهو ولي نعم كثير العباد ، صغيرهم وكبيرهم ، مؤمنهم وكافرهم ، المظلوم منهم والظالم ،كان هذا حال صاحبنا – جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء – حين الصحة والعافية والروح النشطة العالية .
أما اليوم فأصابه مرض الشيخوخة الذي يسقط كل قوي وجبار ، فهو لا يقوى على المشي ولا الذهاب إلى مسجده ولا إلى نشاطاته الاجتماعية المتنوعة ، توقف كل ذلك لا لمرض عضال إلا من هذا المرض (الشيخوخة) ، وأصبح الذين حوله هم الخدم والاحفاد وأحفادهم ومن بعض أولاده البارين يترددون عليه بين الفينة والأخرى !
هذه هي الحقيقة التي ينبغي أن لا يجهلها أو ينساها ويغفل عنها كل أحد منا ، وهي الرجوع إلى ارذل العمر الذي لا يغفل أحدا .
والله المستعان ..
- دعاء
اللهم إني اعوذ بك من البخل ،وأعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك من أرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ، ومن عذاب القبر “.
رواه البخاري من دعاء رسولنا عليه الصلاة والسلام .
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
تواصل مع تراثنا
أرذل العمر, أول الداخلين المساجد, التبكير في الصلاة, الشيخوخة والتقدم في العمر, الصمت, المحافظة على الصلاة, الورد اليومي من القرآن, اليد الطولى في الصدقات والعطاء, بذل العطاء, بذل المال, بر الأبناء في الشيخوخة, تكرار العمرة, تلاوة المصحف, ختم القرآن, سفاسف الأمور وصغارها, صاحب ابتسامة, قلة الكلام, كثير العمرة, ماذا أعددت لأرذل العمر, متاع الدنيا