من ذاكرة الرحلات
تراثنا – كتب د . محمد بن إبراهيم الشيباني : لم أتخلى منذ عام 1964 في سفراتي عن الذهاب إلى المتاحف والمعارض وأسواق الأنتيك ومحلاتها والأسواق التي تقام مرة في الأسبوع في المحافظات والمدن والقرى في البلد التي أحل بها .
إنها بالنسبة لي متعة ، أي متعة ، فهي لي كعلاج وعقاقير من كل مرض و نازلة ، فأكثر حياتي أقضيها في مركزي ” مركز المخطوطات والتراث والوثائق ” بالجابرية ، وحزني حين أفارقه لرؤى الأولاد – وهو واجب من الواجبات – آخر النهار والاجتماع بهم ثم الأكل والنوم .
عبق الماضي ، أي ماض لأي حضارة ، يدهش ولاسيما حضارة أمتنا الإسلامية ،من تراث عظيم معطاء تركته اليوم وراءها ظهرياً ، ولو عملت به لكانت أسعد أمة على الأرض اليوم وأحكمها وأعلمها مع أخذها بالوسائل التقنية والحديثة .
تعود معرفتي بمتحف والاس في لندن إلى صيف عام 1994 عندما قطنت في شقة قريبة من المتحف ، مما جعلني أخصص يوماً ووقتاً طويلاً للاطلاع على محتوياته المهمة المتنوعة المنتقاة لحضارات الأمم المختلفة ، ومنها الحضارة الإسلامية حيث كان نصيبها من جمع صاحبه سير ريتشارد والاس ” بيت هاركفورد ” كبيراً ولا بأس به .
لقد احتوى بيت هارتفورد على مئات اللوحات الأصلية ومئات الأسلحة والدروع والساعات التاريخية والمخطوطات ، وهو منسق ومنظم بطريقة علمية دقيقة وجميلة مفرحة للبال والصدر، في موقع طيب حيث الحديقة المقابلة له ومساحته الكبيرة وأدوار مبناه أهلته لأن يحتوي أغلب المقتنيات فيه بترتيب محكم .
- نُشر المقال في تراثنا العدد رقم 13 بتاريخ مايو /يونيو 1999م