الحلقة 13
أوراق مضيئة في مسيرة المبارك طوتها السنون
تراثنا – التحرير :
يواصل د . راشد عبدالله الفرحان “وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأسبق ” عبر زاويته “ تراثيات د . الفرحان ” سرد ما سطره في كتابه النادر عن حياة ( الشيخ أحمد المبارك المطوع ) المطبوع في نيودلهي (الهند) الطبعة الأولى الوحيدة التي خصنا به.
-
د.الفرحان : فاجأ المبارك ضيفيه المدعوين عنده على الغداء بعد الصلاة بأنه سبقهم وتغدا..!!
يلقي د . راشد الفرحان الضوء في هذه الحلقة محبة الشيخ أحمد المبارك المطوع للمزاح وروح الدعابة ، وذلك في اطار استعراض معالم شخصيته وصفاته فيقول : ذكر لي سلطان عبدالله الشيبة ، ان الشيخ “رحمه الله ” يحب المزاح كثيراً ليسلي جلساءه والحاضرين عنده ، من الذين له مونة عليهم من المقربين لديه ، يقول : كان من كرمه وأخلاقه أنه إذا وضع الأكل وفيه حلو ، مثل الرز ( المحمر ) وهو الذي يوضع فيه الدبس ، أو التمر ليحلي ويحمر لونه ، وكان لديه ضيوف ، وإذا قيل له يا شيخ هذا كله حلو ، وأنت عندك مرض السكر ، يقول مازحاً : والله آكل من هذا ومن هذا ، وتراه يضحي بصحته ليرغب ضيفه في الأكل ، لأنه يخشى أن يمتنع الضيف عن الأكل ونفسه تشتهيه .
ممازحة الصغار
ويواصل د . الفرحان : وأخبرني حفيده الأخ خالد محمد الشيبة ، أنه شاهده يمازح الأولاد كثيراً ، وكان في المناسبات يعطي الصغار ما يفرحهم به من المال ( عيدية ) فإذا قال أحد الأولاد أو الأطفال في الشارع يا شيخ أنا ما أعطيتني ، يقوله : مد لسانك وقل ما أعطيتني ، فإذا فعل ضحك الشيخ وضحك الحاضرون معه ، وقد شاهدته كثيراً ، وهو يلاعبهم ويسليهم ولا يمل منهم ، ولو كانوا في أحضان أمهاتهم .
مداعباته على الغداء
ويستطرد د . الفرحان قائلا : وذكر الشيخ محمد الشيبة ، أن أول لقاء مع الشيخ كان بالديوان للسلام عليه ، ليتعرف عليهما هو وأخوه سلطان ، أخذ يسألهم عن وطنهم عجمان ، وأصر عليهما من الغد على الغداء بعد الصلاة يقول : قدم لنا الشاي والقهوة كما هي العادة ، انتظرنا ولم يأت الغداء ، ولما رأى الشيخ أننا أحرجنا قال : أحنا من عادتنا أن نتغدى قبل الصلاة فسامحونا ما في غداء !!
يقول فهممنا بالخروج ، فقال : انتظر قليلاً لدي معكم سالفة يعني حكاية ، فإذا بصينية الطعام تدخل وعليها ما لذ وطاب من اللحم والأرز والفواكه والخير الكثير ، كما هي العادة التي تقدم للضيوف ، فتعجبنا من ذلك ، وزال عنا العجب بعد أن قربنا من الشيخ أكثر ، وعرفناه وصاهرناه .
المريض النفسي
وذكر لي سلطان عبدالله الشيبة ، وهو من عمل مع الشيخ مساعداً في الكتابة ، قال جاءه رجل مريض من أهل الفحيحيل ، والله أعلم أن عنده مرض نفسي مزمن غير عادي ، فقرأ عليه أول يوم ( الرقية الشرعية ) ، ولكنه لم يشف ، وحضر ثاني يوم وقرأ عليه الشيخ ، ثم صار يأتيه على فترات متعددة ، في كل أسبوع أو كل شهر ، والشيخ لا يمل ولا يسأم من القراءة عليه كلما جاءه وطلب منه ذلك .
وقيل للشيخ لا فائدة من القراءة على هذا الشخص ، وقد أتعبك بتردده عليك ، فرد الشيخ وهو يبتسم فقال : هذا مريض مرض نفسي ، وعندما يشعر بالألم لا يجد من يلجأ إليه إلا عندنا ، فنخفف عنه ونواسيه ، ويذهب وهو مرتاح بعض الشيء ، وقال الأخ سلطان لقد شاهدت كثيرا مثل هذه الحالات .
بيت علم
وعن بيته يقول د .الفرحان : لقد كان بيت الشيخ أحمد بيت علم وأدب ، وذلك من تأثيره على أهل بيته وأقاربه وأصهاره ، في أقواله وأفعاله ، فقد كانت زوجته الثالثة أم يوسف راويته التي تحفظ له ما يقوله أمامها من علم ودعاء ، حتي أنه كان إذا نسي شيئاً يرجع إليها لتذكره به ، وذلك ما ورثته لأولاده من بعده .
ويستأنف موضحا : هكذا كانت أبنته شريفة أم هيثم بعد وفاة والدتها ، فقد حلت محلها في تذكير والدها ما ينساه ، وهي المرأة التقية الصالحة ، الصابرة المؤمنة القانتة ، وكان الشيخ يرحمه الله يعلم أولاده جميعاً لا يفرق بين البنين أو البنات ، ومما علمه لابنته أم هيثم قراءة القرآن وتجويده .
ذكر لي الأخ سلطان عبدالله الشيبة ، أنه كان يأتي للشيخ بعد صلاة الفجر ، وقبل أن يحضر الشيخ يستمع كل يوم من وراء الجدار إلى صوت أم هيثم وهي تقرأ القرآن بالصوت الجميل ، واللحن الصحيح فيخشع .
يتبع لاحقا..
مصادر الصور:
- موقع غرس الزمن
- سبكة الانترنت
الحلقة السابقة (الثانية عشر) : الشيخ المبارك المطوع شفاعته ومساعداته للناس