أصبح الحلال والحرام عند البعض من التراث الذي أكل الدهر عليه وشرب !!
تراثنا – كتب : د . محمد بن إبراهيم الشيباني *:
كل ما كانت تحرمه الأمم في الديانتين اليهودية والمسيحية، فضلاً عن الإسلام، حرمته كثير من الحكومات، حيث بلغ من اهتمام الحكومة الأميركية بمنع اليانصيب، أن نهت عن جلب تذاكر اللوتريات وإعلاناتها من الخارج إلى أميركا، وجاوزت حدود الولايات المتحدة، فحرمت اللوتريات في البلاد التابعة لها، مثل ألاسكا وهاواي وبورتوريكو، وذلك في عام 1917.
وقد حرمت هاتان الديانتان، في بدايات القرن الماضي إلى نهايته، اليانصيب أو اللوترية، ولكنه أصبح مباحاً اليوم من الناس، بل وبتدافع كثير من الناس ممن أحله، لا سيما في أميركا التي أصبحت جوائزه فيها تفوق الخيال، بل وفي كل بلدان العالم، مثله مثل الخمرة بأنواعها، التي كانت أميركا تحارب عصابات المافيا في صناعتها له في السر، بعد منعه في العلن، فاليوم كما الناس هناك عندهم لمثل هذا يتدافعون عندنا، بل بصورة أشد وأقسى وأكثر منهم!
شعوب العالم قاطبة سائرة في ذلك الاتجاه بكل قوتها، إلا البقية الباقية منهم، ممن ما زال على العهد الأول في كل دولة من الدول محافظاً وبعيداً عن هذه الشرور وطرائقها المظلمة، بل شهدنا عند بعض غير المسلمين من لا يأكل الخنزير ولا يشرب الخمرة.
كثير من الناس اليوم لا يسأل عما اكتسبه أمن حلال هو، أمن حرام؟ والأغلب إذا تورّط قال «حطها برقبة علام واطلع سالم»، وقد يكون ذلك العالم مثلهم يشرب الباطل حتى أخمص قدميه فيحل لهم ما أحله لنفسه!
أصبحت مسألة الحلال والحرام عند هؤلاء من التراث القديم، أو من السوالف التي أكل الدهر عليها وشرب، لا مكان لها في حياة كثير من المسلمين تحديدا، ناهيك عن غيرهم.
والبشر إذا فتحت لهم الأبواب، وفي أمر من الأمور، أوّلوه لمصلحتهم، فإنهم حتما سيلجون في كل أبواب المحرمات من جميع طرائقها، مثل الرشوة والربا، والتحايل والمخادعة في البيع والشراء، والعبث بالقضايا والمخالفات وتجارة البشر (الإقامات)، وظلم العامل وأخذ حقه وعدم رعايته والرحمة به، وأمور وقضايا لا يسع المجال لذكرها، يقوم بها من غلبت عليه شقوته، فأباح لنفسه، أو قل دخل في المحرمات من أوسع أبوابها، لأنه ليس له في الحلال والحرام والحق والباطل والقانون والرأفة والشفقة طريق، لهذا فسدت كثير من المجتمعات، والمجتمع من هو؟ أليس هو الفرد والجماعات؟
والله المستعان.
- اليانصيب: «كلمة مؤلفة من يا النداء ونصيب، والنصيب الحظ والحصة من الشيء والشرع، ومنه قولهم ضرب فلان بنصيب أي فاز». (نجيب شاهين)
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا