الحلقة الثانية
إنتقاءات من مجلة تراثنا
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
بعد أن تناولنا في الحلقة السابقة رواية مؤرخ الكويت الأول عبدالعزيز الرشيد لمعركة الرقة ، تتوقف تراثنا في الحلقة الثانية ، عند الحادثة بقراءة أخرى تكاد متوافقة مع سابقته للدكتور راشد عبدالله الفرحان في كتابه (من تاريخ الكويت) .
مختصر تاريخ الكويت (حادثة الرقة)
براوية د . راشد عبدالله الفرحان (1)
د . راشد الفرحان
-
تذرع بنو كعب بحيلة لاحتلال الكويت فخطبوا مريم أبنة الشيخ عبدالله بن صباح لأحد أبناؤهم وهم يعلمون بأن طلبهم لن يجاب !
-
الكويتيون استعدوا للقتال فأودعوا نساءهم وأموالهم في السفن حتى إذا ما هُزموا يهرب الآخرون بالنساء والأولاد ، ويتركون البلد خاوية .
-
ندم الشيخ عبدالله .. فأرسل رسولاً يأمر برجوع الجيش إلا أن الرسول أبلغهم أن الأمير يأمرهم بالاجهاز على الأعداء فانتصروا !
-
رجع الكويتيون تخفق على رؤوسهم ألوية النصر والظفر ومعهم عدد من الذخيرة والمدافع وقد نصبوها على ساحل البحر تذكاراً لنصرهم .
حرب وقعت في البحر قرب جزيرة فيلكة ، في مكان يُقال له (الرقة) يقل فيه الماء وقت الجزر ، بحيث لا تطيق السفن الكبيرة أو المتوسطة المرور منها ، وقعت هذه الحرب بين أهل الكويت (2) وقوم من بني كعب (3) وهي قبيلة كانت تسكن البصرة ، قضى أهل الكويت في هذه الحادثة على سفن بني كعب واحدة بعد الأخرى ،ولم يسلم منها إلا القليل ،وغنم الكويتيون منها خيراً كثيراً (4) .
تعليق : تولي الشيخ عبدالله الأول الحكم عن عمر قارب السبعين سنة (1155هجري – 1743-1813م) ، عاصر الشيخ عبدالله الصباح العلامة الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي النجدي ، كانت بينهما مراسلات قد ذكرتها في رسالتي ( نص وثائق نادر)(5) .
أشهر الحوادث
في عهد الشيخ عبدالله الأول بن صباح بن جابر
بعدما كبرت الكويت ، طمع فيها الطامعون وعلى رأسهم بنو كعب ، وبنو كعب قبيلة شهيرة من سبيع ، كانت تسكن البصرة ونواحيها ، وفي سنة (1178هجري – 1731م) حدث خلاف بينها وبين الدولة العثمانية ، فطردتها من البصرة ، فسكنت الأحواز ، وتشيعت وصارت تابعة لإيران ، وكانت لها إمارة كبيرة ، آخر أمرائها الشيخ (خزعل خان بن مرداو) سجنه الشاة رضا بهلوي ، وتوفي بسجنه في طهران .
في سنة (6)ما ، طمع بنو كعب في احتلال الكوبت ، وتذرعوا لذلك بحيلة وهي أن يخطبوا (مريم) ابنة الشيخ عبدالله لأحد أبنائهم ، وهم يعلمون أن طلبهم لن يجاب ، فاستشار الشيخ عبدالله أعيان الكويت في ذلك ، فأظهروا عدم موافقتهم ،وحذروه من الانصياع لهم .
وبعد ذلك جاء بنو كعب لاحتلال الكويت بسفنهم ، فهناك استعد الكويتيون لهم ، وأودعوا نساءهم وأموالهم في السفن حتي إذا ما هزموا يهرب الآخرون بالنساء والأولاد ، ويتركون البلد خاوية .
وساروا بسفنهم لقتالهم بعد مسيرهم ، ندم الشيخ عبدالله على ذهابهم للقتال ، بعكس سفن الكويتيين الصغيرة ، فأرسل إليهم رسولاً يطلب منهم الرجوع للكويت ، ولكن الرسول رفع راية سوداء ، وقال لهم : ( عبدالله يقول سود الله وجوهكم إلى الأن لم تناجزوهم القتال ؟ أتطنون أن المرء يموت قبل يومه..) .
حرك هذا الكلام هممهم وآثار نخوتهم ، فجرت المعركة بينهم في مكان يدعى (الرقة) نُسبت إليه المعركة ، قرب فيلكة والماء يكون عليه ضحلاً ، لا يسمح لمرور السفن الكبيرة ، وقد اختلف في كيفية انتصارهم مع قلة عددهم ، فقيل إنهم هاجموا أولاً سفن الزعماء ، ثم السفن الأخرى ، وكان عملهم هذا محبطاً لهمة بقية الجنود حيث قُتل زعماؤهم فخارت قواهم .
وقيل إن الماء كان جزراً ، فلم تستطع سفن بني كعب التحرك لكبر حجمها ، أما السفن الكويتية فكانت صغيرة وأحاطت بسفن الأعداء من كل جانب،وأخذوا يجهزون على كل سفينة .
وقيل أن الهواء كان ساكناً فلم تطق سفن بني كعب الثقيلة التحرك بعكس سفن الكويتيين الصغيرة ،والتي كانوا يسيرونها بالمجاديف ، فرجع الكويتيون تخفق على رؤوسهم ألوية النصر والظفر ومعهم عدد من الذخيرة والمدافع (7) وقد نصبوا المدافع على ساحل البحر تذكاراً لهذه المعركة وانتصارهم فيها . (8)
طالع الحلقة الأولى :
معركة الرقة برواية المؤرخ عبد العزيز الرشيد
أول مدفع في الكويت
أول مدفع قتال شوهد في الكويت(9) هو الذي غنمه الكويتيون في مع مدافع عدة أخرى من الكعبيين في موقعة الرقة عام (1198 هجري – 1783م) في عهد الأمير عبدالله بن صباح الأول (10) .
هامش :
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا .
1- مكتبة دار العروبية ، القاهرة ط 1 : 1380هجرية/1960 م ،ص 63 .
2- أهل الكويت : تعاضد أهل الكويت كلهم جميعاً في صد الشر القادم عليهم ، والكويت في بداية نهضتها ونموها ، ولكن الله سلم ونصر أهلها بتضافرهم، وكما يقول المثل الشعبي (أخوة تعاونوا ما ذُلوا ) .
3-قوم من بني كعب : لأن من قام بذلك الإعتداء الشخصي فئة من القبيلة لم ترع جيرة أو دين فأخذتهم أنفسم المعتدية إلى شر أعمالهم فهزموا من أهل الكويت قاطبة .
4- مختصر تاريخ الكويت ، ص 63 .
5- من مطبوعات مركز المخطوطات والتراث والوثائق – الكويت .
6- أي بعد أثنتي عشرة سنة من حكمه .
7-ظلت هذه المدافع سنين طويلة منصوبة أمام قصر السيف ، حتى فُقدت بعد ذلك ، ثم أثناء حفريات مشروع الكورنيش ،وُجدت ضمن آثار أخرى ، احتفظ بها متحف الكويت ، وقد كتبت عنها قديماً مقالات في جريدة القبس .
8- من تاريخ الكويت ، ص 120.
10-من كتاب (من هنا بدأت الكويت) تأليف الأستاذ عبدالله بن خالد الحاتم – يرحمه الله – ص 165 ، ط 2 ، 1400هجري / 1980 م ، وهذا الرأي في الطبعة الأولى ، ولم يغيره أو يصححه أو يزد عليها عام 1382هجري / 1962 م ، الثالثة عام 1425 هجري – 2004 م .
11-الأصل 1192 هجري – 1778 ، وهو خطأ .
نقلا عن تراثنا العدد 84
أنقر الغلاف لتفاصيل العدد