الحلقة الرابعة
نصوص ملتقطة لمعركة الرقعي وحوادثها (1928-1930)

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
بين أيدينا الجمع الثالث لأحداث معركة الرقعي ( 1346 هجري – 1928م) في طبعة جديدة مزيدة ومنقحة أعددتها لحوادث معركة الرقعي التي وقعت عام (1346هجري – 1928م)،تحت عنوان (من تاريخ الكويت .. موقعة الرقعي) ، برواية الشيخ عبدالعزيز الرشيد نشرها في مجلته ( مجلة الكويت) .
وقد سبقتها الطبعة الأولى في عام (2003) ، والطبعة الثانية بعنوان (مذكرات الجندي البريطاني فوجن في الكويت) صدرت عام (2021م) مزيدة ومنقحة ، وفيها تفصيل البيان في أسباب معركة الرقعي ، مع ذكر آراء الجندي البريطاني فوجن المشارك فيها والمعايش لها من وجهة نظره.

في الطبعة الثالثة الجديدة تناول الرشيد أحداث معركتين خاضتها الكويت مع الإخوان ، وذكر أحداثها وكيفية تدارك أمير الكويت بحكمته تلك الاحداث بتواصله مع جلالة الملك ابن سعود ، وجرت الأحداث التي نشرتها مجلة “الكويت” وفق الاتي :
هجوم الإخوان ابن شقير

في جمادي الثانية من تلك السنة ، هجم ابن شقير ، احد زعماء الاخوان من مطير وشيخ (قرية الجهراء) المعروفة ، بنحو مئة وخمسين مقاتلاً على الأفداوية في (أم الرحم) ، فقتلوا ثلاثة من رجاله واستاقوا بعضاً من أبلهم واغنامهم ،وقد حاول الكويتيون مصادرتهم ،ولكن سمو أميرنا الجليل المعروف بتأنيه وبالابتعاد عن كل ما يثير حفيظة جلالة الملك ابن سعود ، لم ير من الصواب أن يسمح لهم قبل أن يراجع جلالة الملك ابن سعود في الأمر ، ويبسط له الحادث كما هو ، استطلاعاً لرأيه فيما حدث ، وقد جرت المخابرة بين الاثنين فعلاً ، فكان جلالته ما عرفناه آنفاً .
هجوم ابن عشوان
أو حادثة (الرقعي)

في 5 من شعبان ، هجم علي بن عشوان ، أحمد زعماء الإخوان من قبيلة مطير في نحو خمس مئة مقاتل على (الأفداوية) في ( أم الرويسات) ، التي تبعد عن الجهراء نحو ست ساعات ، وقد أصيب هناك بخسائر طفيفة من قتل وتجريح ،وأخيراً استاق الاخوان ما وصلت إليه أيديهم من أبل القوم وأغنامهم بعد أن قتلوا رئيس ( لافداوية) مبارك بن هيف .
وقد رأت الحامية التي في الجهراء عندما بلغها الحادث مطاردتهم ، أخذا للثأر منهم ، واسترجاعاً لما اغتصبوه ، فجهزت نحو ستين رجلاً في نحو اثنتى عشرة سيارة ، بقيادة الشيخ علي آل خليفة أل صباح ، الشيخ المشهور ، وكان في معية الحملة من الأسرة المالكة ، المشائخ الأتية : سلمان الحمود ، عبدالله بن جابر ، صباح الناصر ، عبدالله بن الشيخ أحمد إبراهيم آل فاضل ، وغيرهم من شباب الكويت المتحمس .

ساروا ينهبون الأرض نهباً ، متعقبين أثر العدو المغتصب ، وقد أدركوه في فيافي (الرقعي) ، ولم يكتفوا بمناوشته القتال من بعيد ، بل جشموا سياراتهم في جموعه المحتشدة ، ففرقوا صفوفه يميناً وشمالاً ، بنار بنادقهم ،واثخنوا فيهم القتل والتجريح من قريب ، حتى لقد كانت عجلات سياراتهم لها ن الفتك فيهم مثل ما لهم من أيديهم ، وهذا ما أطار قلوب الأخوان ،وغادرهم يركنون إلى الفرار ، لا يلوي أحد على أحد ، تاركين في الميدان قتلاهم وجرحاهم ، وكل ما أخذوه من الغنائم والأموال .
والحق أن الأخوان لم يشاهدوا مثل ذلك اليوم العصيب حياتهم كلها ،وأن الكويتيين ابدوا شجاعة في تلك المعركة ، يسطرها لهم التاريخ بمدد الفخر والإعجاب ، شجاعة مدهشة تدل على مقدار روح الاقدام التي يتحلى بها الكويتي ذوداً عن الحمى ، ويكفي أنهم على قلتهم كانوا هم المهاجمين لذلك العدو المتكاثر ، الذي أرهب العالم ببأسه وبطشه ،وأنه لم يباشر القتال منهم إلا نحو أربعين مقاتلاً ، وأنهم قتلوا من الأخوان ما يزيد على ثلاثين شخصاً ، عدا الجرحى الكثيرين في الوقت الذي كان عدد قتلى الكويتيين لا يتجاوز العشرة ، على أن جلهم لم يقتل إلا غدراً ، وأما جرحاهم ، فلم يزيدوا على ستة من بينهم قائد الحملة الشيخ على آل خليفة ،والشيخ عبدالله بن جابر رئيس النادي الأدبي في الكويت .
ولولا أصابة قائدهم الهمام ، وتورط بعض سياراتهم في رمال منعتها عن السير ، لتم لهم الانتصار النهائي على عدوهم ، ولأرجعوا منه كل ما أخذه غنيمة باردة ،غير أن هاتين الحادثتين الفجائيتين فتتا في عضدهم ، وتركتا الإخوان يتراجعون إليهم ، ويتجمهرون على بعض سياراتهم ، التي كان يتقدمها الشيخ علي بن سالم آل صباح ، وما كان في وسع الإخوان ان ينالوا منه ومن إخوانه الذين قاتلوا معه قتال الأبطال شيئا ، لولا نفاد ذخيرتهم واستنزالهم لهم من معتصمهم بعد الله وميثاقه ، ثم قتلهم إياهم بالرصاص خيانة وغدراً .
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
طالع الحلقة الثالثة :
بن سعود لأمير الكويت ..خذوا ما نهبه الإخوان من خزينتي
يتبع لاحقا ..
–المزيد من التفاصيل في مذكور في العدد .
نقلا عن تراثنا – العدد 92
احجز نسختك
تواصل مع تراثنا