بقية من أهل العلم (الحلقة الأولى)
العلامة المتجدد الذي رفض الجمود وتنقل بين البلدان بحثا عن العلم والتعلم
تراثنا – التحرير *:
المؤرخ الشيخ عبدالعزيز الرشيد.. من الشخصيات التي لمعت في سماء الكويت ، وأصبح أسمه رديفاً لكتابه الشهير المثير للجدل ” تاريخ الكويت ” الذي ألفه عام 1926 م ، وله رحلات عدة في طلب العلم ، ودرس الفقه الحنبلي على يد مشايخ أجلاء ، كما له كان انفتاح واسع على الثقافات بحكم كثرة سفراته، فتنوعت مؤلفاته الإصلاحية ونشراته الداعية إلى نبذ الخرافة والبدع والجمود ، المنضبطة بقواعد الشريعة وعقيدتها الإسلامية .
المؤرخ الرشيد
-
أحب القصص الخرافية فكانت مدخله للتولع بعلوم الفقه والعقائد ففر إلى الزبير في غياب والده وتتلمذ فيها على يد بن عوجان .
-
قصد الأحساء ودرس على مشايخها ثم إلى بغداد وقرأ نبذة عن ألفية بن مالك على يد محمود شكري الألوسي ثم أخوه بعد وفاته .
-
رحل إلى مصر ثم مكة المكرمة واستقر في المدينة وسعى الحنابلة إلى اسناد وظيفة الحنبلية إليه ،وعُين مدرساً في الحرم .
-
جال في بلاد كثيرة منها البحرين وبغداد والأحساء ودارين ونجد وهنديان وجاوة ، وفي جاوة أدركته المنية بعيداً عن وطنه .
مولده ونشأته :
هو الشيخ عبدالعزيز أحمد الرشيد البداح ” يرحمه الله ” ، وُلد في الكويت سنة ١٣٠٥هـ/ ١٨٨٧م ، فلما أتم الثامنة من عمره أدخله والده الكتاّب ، فتعلم القرآن الكريم والخط ومبادئ الحساب ، ولما ترك المكتب تعاطى التجارة مع أبيه، وكان إذ ذاك من تجار الكويت المعدودين ” يرحمه الله ” ، ويشتغل بتجارة الصوف وجلد البهم (الغوزي) فزاول البيع والشراء مدة وهو لا يفكر بالعلم ، لأنه لم يتذوق حلاوته ، لكنه أحب قراءة القصص الخرافية كقصة حسن الصائغ وغيرها.
ثم زاد هذا الولع حتى تحول إلى علاقة شديدة بالعلم ، فدرس الفقه والعلوم العربية والعقائد على الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان” يرحمه الله ” ، ولكنه وقد اشتد شغفه بالعلم نشأت في رأسه فكرة الرحلة في طلبه ، لكن أباه قاوم فكرة ابنه وحال دون بلوغه أمنيته، وللأب عذره في هذه المعاملة القاسية، لما كان يشاهده على طلاب العلم في الكويت من الزراية والفاقة، غير أن الجوى لا يعرف الحدود ، فإذا طفح به القلب تدله به صاحبه ، لذلك ضرب الولد بنصائح والده في الكف عن طلب العلم ، ودبر وسيلة للسفر لانتجاع الآداب والعلوم .
رحلاته في طلب العلم
انتهز الشاب النابه فرصة غياب والده عن البلد، فرحل لأول مرة طلباً للعلم إلى الزبير (من أعمال البصرة) وتردد عليها مرراً ، وقرأ في أثناءها الفقه والفرائض والنحو ، وأجل عالم أخذ عنه في مدارسها هو المرحوم محمد بن عوجان” يرحمه الله “.
ثم قصد الاحساء ، وهناك قرأ على بعض الشيوخ شرح ألفية ابن مالك ورسالة في التصوف ، ولكنه لم يجد في الزبير والاحساء ضالته، فقصد بغداد سنة ١٣٢٩هـ/ ١٩١١م ،وفي بغداد قرأ على المرحوم محمود شكري الآلوسي” يرحمه الله نبذة من شرح السيوطي على ألفية ابن مالك ، وأكمل هذا الشرح على أخيه المرحوم السيد علي علاء الدين الألوسي.
مصر ومكة والمدينة
ويظهر أن بغداد لم تشبع شهوته الذهنية، فرحل إلى مصر ، آملا دخول دار الدعوة والإرشاد، التي أسسها السيد رضا صاحب المنار ” يرحمه الله ” ، لكن الظروف لم تتهيأ له لدخولها، فبقي في مصر نحو أسبوع، ثم غادرها لزيارة البلاد المقدسة، ولم يمكث في مكة مدة طويلة ، إذ بارحها بعد موسم الحج سنة ١٣٣١هـ/ ١٩١٢م ، وفي مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ألقى عصا تسياره وظل فيها نحو عشرة أشهر، فأكمل حفظ وقراءة ونقد ألفيه العراقي في مصطلح الحديث، ونظم الجوامع للسيوطي، وعقد الجمان للسيوطي كذلك .
مدرس في الحرم الشريف
ولما كان المترجم عنه حنبلي المذهب، فقد رغب الحنابلة في المدينة إسناد الوظيفة الحنبلية إليه ، وسعوا في الأمر لدى القاضي والمفتي لكنهم لم يفلحوا، لوجود منافس له من أهل المدينة نفسها، ثم عُين مدرساً في الحرم الشريف ، لكن المفتي علق الإذن له في التدريس على نيل شهادة من بعض علماء الحرم ، فلم يتردد هؤلاء بالشهادة له بالفضل والقدرة ، ودام تدريسه شهرين، ثم سافر إلى مكة، وهناك زاد حنينه إلى مسقط رأسه الكويت .
رحلات عدة
وقد قام كذلك برحلات أخرى إلى بلاد كثيرة منها البحرين وبغداد والأحساء ودارين ونجد وهنديان وجاوة ، وفي جاوة أدركته المنية بعيداً عن وطنه.
وشوقه إلى العلم لم يمنعه من أن ينصرف إلى بعض ما تتطلبه الحياة، فتزوج سنة ١٣٢١هـ/ ١٩٠٣م وأنجب من البنين ثلاثة ومن البنات اثنتين.
-استمدت معلومات هذه الترجمة، من مقالين نشرهما الأديب العراقي روفائيل بطي في مجلة «منيرفا» ببيروت، على اثر صدور تاريخ الكويت. وقد أضيفت إليها حوادث مستجدة.
*دراسة اعدها د . محمد بن إبراهيم الشيباني رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا .
يتبع لاحقا الجزء الثاني والأخير ..
الصور : ( الثقافة العربية ) ، ( المواطن ) ، ( الخليج )
نقلا عن تراثنا – العدد 76
–
تواصل مع تراثنا
الأديب العراقي روفائيل بطي, البحرين, البصرة, التجارة, الرحلة لطلب العلم, السيد على علاء الدين الألوسي, الشيخ عبدالله خلف الدحيان, الفاقة, القصص الخرافية, الكتاب, الكويت, المؤرخ عبدالعزيز الرشيد, المرحوم محمد بن عوجان, المرحوم محمود شكري, المعاملة القاسية, الوظيفة الحنبلية, تجارة الجلود, تجارة الصوف, تعلم القرآن, جاوة, حفظ ألقية العراقي في مصطلح الحديث, حنبلي المذهب, دار الدعوة والإرشاد, دارين, دراسة العقائد, دراسة العلوم العربية, دراسة الفقه, شرح ألفية ابن مالك, شيوخ الأحساء, ضوابط الشريعة الإسلامية, طلب العلم في الزبير, طلب العلم في بغداد, طلب العلم في مصر, عقد الجمان للسيوطي, علماء الأحساء, قراءة الفقه والفرائض والنحو, قصة حسن الصائغ, كتاب تاريخ الكويت, كويت العشرينيات, مبادئ الحساب, مجلة المنار, مجلة منيرفا ببيروت, محمد رشيد رضا, مدرس في الحرم المدني الشريف, مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم, مكة المكرمة, موسم الحج, نبذ البدع, نبذ الجمود, نبذ الخرافة, نظم الجوامع للسيوطي, هنديان