الحلقة 9
لا تغتر بهطول دموع أهل البدع وكراماتهم ومعسول كلامهم
تراثنا – التحرير :
يمثل كتاب ” حِلية طالب العلم ” للشيخ بكر بن عبدالله أبوزيد ” رحمة الله عليه ” ركيزة هامة لطالب العلم ، بما تضمنته من إرشادات قيمة ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم الشرعي ولهذا سميت ب “حلية طالب العلم ” .
عَدد المؤلف ” رحمة الله عليه ” نحو 66 ناقضاً من نواقض الحِلى ، سوف ننشرها تباعا لما فيها من فائدة جليلة ، وفي هذه الحلقة ( التاسعة) سوف نستكمل بقية سلسلة بنود الحلية( الحلقات كاملة ) .
-
حدث القوم ما رمقوك بأبصارهم ، فإذا رأيت منهم فترة فانزع” توقف ” .
-
من الأدب اخطار الشيخ بأنك ستكتب ما سمعته منه في درسه .
-
احذر ( أبا الجهل ) المبتدع الذي يدعوك إلى العقل والوجد والذوق ويترك النقل .
-
حذر علماء السلف من مخالطة أهل البدع ومشاروتهم ومؤاكلتهم .
20 – نشاط الشيخ في درسه
يوضح الشيخ د . ابو زيد هذا التبويب بالقول : يكون على قدر مدارك الطالب في استماعه ، وجمع نفسه ، وتفاعل أحاسيسه مع شيخه في درسه ، ولهذا فاحذر أن تكون وسيلة قطع لعلمه بالكسل والفتور ، والإتكاء ، وانصراف الذهن وفتوره .
ويستطرد : قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى :
” حق الفائدة أن لا تُساق إلا إلى مبتغيها ، ولا تعرض إلا على الراغب فيها ، فإذا رأى المحدث بعض الفتور من المستمع ، فليسكت ، فإن بعض الأدباء قال : نشاط القائل على قدر فهم المستمع .
ثم ساق بسنده عن زيد بن وهب ، قال عبدالله : حدث القوم ما رمقوك بأبصارهم ، فإذا رأيت منهم فترة فانزع ” .
21 – الكتابة عن الشيخ حال الدرس والمذاكرة
ويشير د. أبوزيد تحت هذا التبويب إلى أدب وشرط الكتابة عن الشيخ قائلا : وهي تختلف من شيخ إلى آخر فافهم ، ولهذا أدب وشرط :
أما الأدب : فينبغي لك أن تعلم شيخك أنك ستكتب ، أو كتبت ما سمعته مذاكرة .
وأما الشرط : فتشير إلى أنك كتبته من سماعه من درسه .
22 – التلقي عن المبتدع
ويحذر الشيخ د . ابوزيد تحت هذا التبويب من التلقي من المبتدع بالقول : احذر ( ابا الجهل ) المبتدع ، الذي مسه زيغ في العقيدة ، وغشيته سُحب الخرافة ، يحكم الهوى ويسميه العقل ، ويعدل عن النص ، وهل العقل إلا بالنص ؟
ويستمسك بالضعيف ويبعد عن الصحيح ، ويقال لهم أيضا ” أهل الشبهات ” واهل الأهواء ، ولذا كان ابن المبارك رحمه الله تعالي يسمي المبتدعة : ” الأصاغرة ” رواه الخطيب في الجامع .
ويمضي إلى القول : وقال الذهبي رحمه الله : ” إذا رأيت المتكلم المبتدع يقول : دعنا من الكتاب والأحاديث ،وهات (العقل ) فاعلم انه ابو جهل ، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول : دعنا من النقل إلى العقل ، وهات الذوق والوجد ، فاعلم انه إبليس قد ظهر بصورة بشر ، أو قد حل فيه ، فإن جبنت منه فاهرب ، وإلا فاصرعه وإبرك على صدره ، وأقرأ عليه آية الكرسي واخنقه ” .
وتوسع الشيخ د . بكر أبو زيد ( يرحمه الله ) في شرح تفاصيل التلقي عن المبتدع مما ينبغي العودة لمزيد من التفاصيل إلى الكتاب ، ففيه الفائدة والغنية .
وعن مواقف السلف قال : فقد كان السلف رحمهم الله تعالى : يحتسبون الاستخفاف بهم ، وتحقيرهم ،ورفض المبتدع وبدعته، ويحذرون من مخالطتهم ومشاورتهم ومؤاكلتهم ، فلا تتوارى نار سني ومبتدع ، وكان من السلف من لا يصلي على جنازة مبتدع ، فينصرف ، وقد شوهد من العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم ( م سنة 1389 هجرية ) رحمه الله تعالي ، انصرافه عن الصلاة على مبتدع ، وكان من السلف من ينهى عن الصلاة خلفهم ، وينهى عن حكاية بدعهم ، لأن القلوب ضعيفة والشبه خطافة …
فيا أيها الطالب : كن سلفياً على الجادة ، واحذر المبتدعة أن يفتنوك ، فإنهم يوظفون للاقتناص والمخاتلة سبلاً ، يفتعلون تعبيدها بالكلام المعسول ، وهو “عسل ” مقلوب ،وهطول الدمعة ، وحسن البزة ، والإغراء بالخيالات ، والإدهاش بالكرامات ، ولحس والأيدي ، وتقبيل الأكتاف ،وما وراء ذلك إلا وحم البدعة ، ورهج الفتنة ، يغرسها في فؤادك ، ويعتملك في شراكه ، فوالله لا يصلح الأعمى لقيادة العميان وإرشادهم ، أما الأخذ من علماء السنة ، فالعق العسل ولا تسل ، وفقك الله لرشدك ، لتنهل من ميراث النبوة صافياً ، وإلا فليبك على الدين من كان باكياً…
تواصل مع تراثنا