قروي دُعى للعشاء فاصبح مهراجا لولاية هندية
سويلفات ملوك الشرق والغرب 6
تراثنا – التحرير :
” في يقيني أن لا شيء يحل محل النادرة اللطيفة ، فهي تقرب منا أولئك الذين يجعل البعد منهم أناساً عظاماً ، أو أناساً مشوهين ، انها في الواقع ، الرسوم التي تزين مجلداً ضخما ..” التاريخ الصغير ” لمؤلفه سمير شيخاني (*) ( الحلقة 6 ) .
لم أجد السعادة
الخليفة الأموي عبدالرحمن الثالث الناصر ( 891-962 م) حكم أقوى إمبراطورية في العالم مدة 39 سنة ، من (912-961 م ).
وكان دخله السنوي ما يوازي 336 مليون دولار (1) وكان له أقوى جيش ، وأقوى أسطول بحري ، وكان حريمه يضم 6321 امرأة (2) اختيرت من أجمل نساء الإمبراطورية المترامية الأطراف .
وكان حكيماً ، وعاش عيشة بذخ وفخفخة لا تُوصف ، وبلغت الأموال التي جمعها ما قيمته مليار و600 مليون دولار ، ولكنه مع ذلك كله ، عندما فُتحت وصيته ، وجدوا فيها بخط يده : طوال مدة حكمي الطويل المجيد ، حسبت الأيام التي تمتعت فيها بالسعادة التامة ، فوجدتها لا تزيد عن أربعة عشر يوما فقط !
وقد اتخذ عبد الرحمن الثالث الناصر لنفسه لقب أمير المؤمنين ، وكان من أكبر ملوك القرون الوسطى ، وهو من الخلفاء الستة عشر الذين حكموا الأندلس ، بعد انتقالهم إليها إثر قضاء العباسيين على الأمويين في الشرق .
خليفة يستجدي
الخلفية العباسي القاهر ، الذي كان خليفة مرتين ، وسُملت عيناه وسُجن بعد خلعه عن العرش ثانية سنة 934 ، أطلق ابن أخيه سراحه لما ولي الخلافة .
ولكنه قضى السنوات الست عشرة الأخيرة من حياته يطوف شوارع بغداد مستجدياً أكف المحسنين .
عصمت بك شبيه السلطان
كان عصمت بك (1842 -1906 م) الذي وُلد في اليوم نفسه الذي وُلد فيه السلطان عبدالحميد العثماني – عاهل تركيا – يشبهه شبهاً كبيراً ، بحيث أنه كان يقوم مقامه في الظهور أمام الجماهير أحيانا ،وإلى اليوم لم يُعرف بالضبط من منهما عاش أطول من الأخر !
من مائدة الطعام إلى العرش
في سنة 1875 م ، شغر عرش ولاية بارودا الهندية الشهيرة بغناها الخيالي ، فأذنت الحكومة البريطانية لزوجة المهراجا السابق أنت تختار حاكماً جديداً من بين القرويين الصغار في قرية كفلانا الصغيرة .
فجمع رجال الشرطة نفراً من صغار القرويين الفقراء الأميين، وقادوهم إلى بارودا ، لاجتياز الامتحان.
فقررت المهراني جمنابي أن تقوم باختبار الطعام الذي يكشف أفضل وأسوأ ما في هؤلاء الأحداث .
وكانوا جميعاً غير مصقولين ، تعوزهم الرقة ، وغير ملمين بآداب المائدة ، ولكن واحداً منهم نجح في الامتحان ، وكان يدعي غوبلراو .
وكان خشناً كالباقين ، ولكن كان على جانب من الذكاء والدهاء ، بحيث أنه راح يراقب المضيفة ،ويقلد تصرفها وهي تأكل ، فكانت مكافأته الجلوس على عرش ولاية بارودا الغنية ، واتخذ لنفسه أسم غايكورا سابا جيروي الثالث ، وحكم مدة 64 سنة !
هامش
1- تعادل تلك القيمة السائدة في سنة طباعة الكتاب عام 1983 م
2- من اقاويل الرواة والحكاة غير المسندة .
*– سمير شيخاني ” يرحمه الله ” : مؤرخ وأديب لبناني (1923 -1996 ) رئيس الدائرة الثقافية في لبنان “إذاعة لبنان” له مئات الأبحاث والمقالات والتحقيقات المنشورة في كبريات الصحف اللبنانية مثل النهار والبيرق وغيرها ، وله 47 كتابا.
طالع الحلقة السابقة ( الخامسة ) : الملك الذي صاهر نفسه مئة مرة !
صور – موقع ساطور – شبكة الأنترنت