اعرف عدوك تاريخياً قبل أن تُطبع
صوت من أعماق التاريخ (2/1)
تراثنا – التحرير :
في الوقت الذي تتسابق التطورات الإقليمية نحو الدخول في علاقات تطبيعية مع الكيان الصهيوني ، تحرص تراثنا على التعريف بهذا الكيان من قبيل ( أعرف عدوك ) عبر أحداث تاريخية وثقها القرآن الكريم ، تكشف عن تركيبة عقلية مشوبة بالخداع والحقد والتلون ، والخنوع عند الحاجة ، وتحين الفرص للانقضاض الشرس على المخالف عندما يعلو شأنهم .
-
كلما أنس اليهود فرصة للغدر غدروا ،وآيات القرآن شاهد عليهم (وكانوا يعتدون ) فهي سمة ملازمة لهم تاريخياً.
-
لا يمانع اليهود إيقاع الغدر بشعوب استضافتهم وأحسنت إليهم ومعاونة الطغاة على التنكيل بهم .
-
كلما أحست أمة اليهود بالضعف استكانوا أمام الأقوى .. وكانوا أذلاء صاغرين منكسرين “مستضعفين” .
-
اللجوء إلى الإنزواء في حارات والتكتل داخلها أحدى مراحل التكتيك المتبعة لديهم بانتظار فرصة أخرى للغدر.
-
كلما زاد عددهم والثروات في أيديهم أشتد خطرهم ، حينها يبدأ النزاع بينهم ويبن القوى التي مكنتهم .
-
السؤال : هل سيبلغ اليهود أعلى قمة مع التطبيع يتلوها الإنتكاس ..أم ثمة قمم أخرى ليكون السقوط من العلو أشد ؟
وقد كفانا الباحث الأستاذ محمد لبيب البوهي مؤونة البحث عن طبيعة وسمة هذه القومية ، التي تتحكم بمواقفها تجاه الآخرين ، عبر تاريخهم السحيق الممتد منذ القدم وإلى اليوم ، بمقال سطره بعنوان ( الصهيونية تحفر قبرها ) في مجلة ( الوعي الإسلامي ) الصادرة في عدد (مارس/ ابريل ) من عام 1983 م .
لا يعرفون معروفاً
في البدء ، نعلم ان عدد أبناء النبي يعقوب عليه السلام اثنى عشر ولداً من أربع زوجات ، وقد تمكن الشر وغلب على طبائعهم ، فهم على حد قول البوهي : ” الذين غدروا بيوسف وأخيه وكذبوا على أبيهم ولم تأخذهم به رحمة ، ولا هم ولا ندم ، إلا بعد أن ذاقوا وبال أمرهم ، بل أنهم مع شرهم رموا أباهم بأنه في ضلال قديم ، ولما انكشف أمرهم واحيط بهم ، واعادتهم الظروف قسراً إلى سواء الطريق ” !!
الاعتداء طبع غالب عليهم
ويتساءل الكاتب محمد البوهي : ” ترى هل هذه هي طبيعتهم في كل ظرف وكل حال وكل حين “؟
غير أنه يجزم بأن هذه الصفة ملازمة لهم عبر القرون والأزمنة ، مستشهداً بقوله تعالى : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ) 78 المائدة ، فالاعتداء ملازم لهم وطبع وسمة غالبة عليهم .
ترقب وترصد
ويستطرد الكاتب البوهي: ” ولقد روت أحداث التاريخ عن بني إسرائيل أنهم كلما أنسوا فرصة للغدر غدروا ، فإذا أُحيط بهم رفعوا أيديهم وخروا أمام الاحداث ساجدبن ، ربما في استسلام لانتهاز فرصة أخرى لغدر جديد ” !
خنوع للأقوى
ويذكرنا البوهي بموقفهم الخاضع عندما شعروا بالهزيمة اثر تولى أخاهم يوسف خزائن الحبوب في عهد الهكسوس “حكموا فترة من التاريخ أرض مصر ” حيث أصابهم القحط ، فيقول :” وهكذا قضت الحكمة التي جاءت بعصبة الشر لالتماس المعونة عند أخيهم أمر الخير ، وهم يجهلون أمره ، حتي ينتهي الأمر بأن يخروا لمن غدروا به ساجدين “!!
اعانة أهل البغي ونكران المعروف
هكذا دأبهم ، وهكذا كان حالهم ومكرهم في مختلف عهودهم التاريخية ، ومازالوا ، غير أن البوهي لفت إلى منهجية ماكرة اتبعوها ، وهي الإنضمام إلى صفوف الظلمة الذين بيدهم القوة لينالوا الحظوة والتأثير في المجتمعات .
ويشير إلى انضمام اليهود لمن كانت له السلطة في مصر ، واعانته على ظلمه بقوله : ” ولما كان الحاكم غريباً عن بلاد مصر، ويحكمها بطغيان كبير ، ولكي ينال بنو إسرائيل الحظوة عنده انضموا إليه وصار اكثرهم عيوناً وجواسيس على أهل الأرض التي أوتهم ” .
ويبدو ذلك مألوفاً ومتكرراً في ثقافتهم وملازم لهم ، فقد نكلوا كذلك بالشعب الفلسطيني الذي استضافهم ، وتقبلهم كجزء مع شعبه ،واستعانوا بالقوة الدولية لطرد هذا الشعب والتنكيل به،وسحقه بكل قوة متاحة أمام ناظري العالم .
حارات اليهود
ولكن لم يطمئن الغريب المدبر للشر ( فرعون ) لهم ولغدرهم ، عندها لجأوا الى تكتيك آخر خشية كشف أمرهم ،وهو الإنزواء حتى تحين فرصة أخرى للغدر ، ويقول البوهي هنا : ” آثروا العزلة عن المجتمع ، خيفة من أن ينُال منهم عندما يكشف أمرهم ، فاتخذوا لأنفسهم مساكن منعزلة متجاورة ، واستمر ذلك حتي عصرنا الحالي ، فهم يتخذون في كل دولة تجمعاً يعرف باسمهم ..حارات اليهود ” .
السيطرة على الثروات
ولكن متى ما علا شأنهم وازدادوا تعداداً وعدة ، زاد شرهم ، فيقول : ” هكذا في ارض مصر ، حتي بلغ تعدادهم زهاء نصف مليون ، بعد أن كانوا مجرد سبعين نفساً .. ولما كثر عددهم واشتد خطرهم في أرض مصر ، وحازوا على اكثر
ثرواتها في أيديهم ، حدث النزاع الذي أشار إليه القرآن الكريم مع فرعون مصر”.
وهو نفس المشهد الذي يتكرر الان ، في سطوتهم على مفاصل صناعة القرار في الدول الغربية عبر التحكم بالاقتصاد والثروات والشركات الكبرى، والسيطرة على صناعة الأعلام الضخمة ، لبث الفساد ، وتجميل صورتهم ، والتصدي لمن يكشف حقدهم واتهامه بالعداء بالسامية واقصاءه والقضاء عليه تماما ، فهل هذه السيطرة والطغيان تنبأ عن قرب زوالهم كما يشير العنوان.. ؟؟ .
اين نقف معهم اليوم ؟
ويبقى التساؤل عن المرحلة التي نقف فيها بالضبط مع يهود اليوم ، خاصة وأنهم قد بلغوا أوج قوتهم وسطوتهم ، ،ونتساءل : ( هل الصهيونية تحفر قبرها مع التطبيع ) ؟فمن واقع شهادة القرآن عليهم في مختلف عهودهم وأحوالهم ، وكشف أحوالهم وإجرامهم وتكتيكهم (المعتاد) لكل مرحلة ،.
فهل بلغوا القمة التي يتبعها الإنتكاس و” السجود “؟ أم يتلوها قمم أخرى يعلو شأنهم أكثر علينا ، يكون فيها مزيد من الإبتلاء وتمحيص لصفوف المسلمين والتمييز بينهم ، فتأتي بعدها الإنتكاسة من أعالى القمة أشد وأعظم مهانة ووطئاً على اليهود ..؟؟ ( وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ) الآية .
هذا المطبوع
مجلة الوعي الإسلامي العدد 222 جمادي الأخرة 1403 هجرية ( مارس/ أبريل 1983م ) صادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت ، من مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق ( وقف مكتبة الداعية عبدالله أحمد الخضري الأهلية – يرحمه الله – مهداة إلى المركز ) .
يتبع لاحقا
طالع الحلقة ( الثانية ) : الصهيونية تحفر قبرها ( الجزء الثاني ) والأخير.
تواصل معنا
الصور : ( موقع العين ) – ( العرب ) وغيرها.