الحلقة (2)
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني *: اورد المؤرخ والأديب خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزركلي الدمشقي ( 25 يونيو 1893 م – 25 نوفمبر 1976 ) في كتابه ( الأعلام ) التي طارت به الركبان وانتشر صيته في الأمصار وتلقته الأمة بالقبول والإحسان مذ طبعته الأولي (1347 هجرية – 1917 م ) أورد أغلب أعلام الأمة العربية والإسلامية واعلام المستعربين ، وكان لأعلام الخليج والجزيرة العربية نصيب كبير ، حيث ذكر حكامها وادباءها ومؤرخيها ، وهو ما سوف نأتي على ذكره على حلقات لإثراء مكتبة الباحث والمهتم بشأن الأعلام من الشخصيات والرجال .
-
تصدى محمد بن خليفة أمير البحرين لهجوم أهل قطر فأعتبره الانكليز نكثاً بالاتفاقية وخلعوه ونصبوا غيره !
-
تولى فيصل البوسعيدي حكم عمان وكان أوسط إخوته سناً وأحسنهم مع الرعية سياسة وحزماً .
-
رُزق فوزان بن سابق بابن وهو في الثمانين فأبرق إليه الملك عبدالعزيز ” سبحان من يحي العظام وهي رميم ” .
محمد بن خليفة( الوفاة 1307 هجرية – 1890 م )
الأمير محمد بن خليفة بن سلمان بن أحمد من آل خليفة ، من كبار أمرائهم ، وُلد ونشأ في بيت إمارتها ، شجاعاً حازماً طموحاً ، وكانت الإمارة لجده سليمان ، وانتقلت إلى عبدالله ( اخي سليمان ) ،وادرك صاحب الترجمة ضعفاً في عبدالله ، فثار عليه واستولى على الجزيرة ( 1258 هجرية – 1842 م ) .
ونشبت بينهما معارك انتهت بهزيمة عبدالله وخروجه من البحرين ، ووفاته بمسقط سنة (1265 هجرية – 1848 م ) ثم تجددت الوقائع بينه وبين ابناء عبدالله ، واتسع نطاقها إلى أن توسط بالصلح الإمام فيصل بن تركي ( أمير نجد )، واستسلم ابناء عبدالله سنة ( 1280 هجرية – 1863 م ) فأكرمهم ، فجاءه – بيلي – قنصل الإنكليز في ” أبو شهر ” ومازال به ، حتى عقد معه اتفاقاً على ألا يتخذ سفناً حربية ، وأن يتعهد للإنكليز برد كل غارة بحرية عن ” البحرين ” وحدث أن اضطر محمد لدفع غارة بحرية قام بها أهل ” قطر ” للاستيلاء على البحرين ، وخشى أن تضيع بلاده إذا لجأ إلى مخابرة القنصل في ” أبو شهر ” فركب البحر ، وأوقع بهم أوائل سنة ( 1284 هجرية – 1867 م ) ولاحقهم إلى قطر ، فاتخذ القنصل الإنكليزي ذلك ذريعة للتدخل بشؤون البحرين ، وعده نكثا للاتفاق ، فأمر بارجة بحرية بريطانية بضرب البحرين ، فهُدمت إحدى قلاعها ، وأحرق ثلاث سفن شراعية حربية كانت في مينائها ، ونزل إلى البحرين فأعلن أن ” أمارة محمد ” قد سقطت لنكثه العهد !!
ونادي بأخ له اسمه ” علي ابن خليفة ” أميراً ، فتولى الأمارة هذا ( 1285 هجرية – 1868 م ) واقام محمد في ” دارين ” مدة جمع بها جيشاً ، وهاجم البحرين فقتل أخاه علياً سنة (1286 هجرية – 1869 م ) ودخلها ظافراً ، ولم يكد يستقر حتي تآمر عليه خصومه القدماء ، ابناء عبدالله ، فاختطفوه واعتقلوه في قلعة ” أبي ماهر ” بالبحرين ، ونادوا بأحدهم ( محمد بن عبدالله) أميرا .
وجاءهم قنصل الإنكليز ، من ” أبو شهر ” على بارجة حربية ، فخلع محمد ابن عبدالله ، واستشار أهل البحرين فيمن يولون إمارتهم ، فاختاروا عيسي بن علي ابن خليفة ( ابن اخي صاحب الترجمة ) وكان في قطر ، ، فكتب إليه القنصل فجاء ، ونُودي به أميراً ، وبحث القنصل عن حمد ابن خليفه فأخرجه من محبسه ، ونقله إلى ” فلفلان ” كل ذلك سنة (1286 هجرية – 1869 م ) ثم حُمل إلى بومبي سنة (1294 هجرية – 1877 م ) ومنها إلى عدن .
وسعى ابنه ( إبراهيم بن محمد ) لدى السلطان عبدالحميد العثماني ، فتوسطت الحكومة العثمانية عند الإنكليز بإخلاء سبيله ، فأُطلق سنة (1305 هجرية – 1887 م ) واختار الإقامة في ” مكة المكرمة ” فأقام إلى أن توفي فيها .
البوسعيدي ( الوفاة 1331 هجرية – 1913 م )
فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان البوسعيدي التميمي ، سلطان مسقط وعُمان ، وُلي يوم مات أبوه سنة (1305 هجرية – 1887 م ) وكان أوسط إخوته سناً وأحسنهم مع الرعية سياسة وحزماً .
مولده وسكنه ووفاته بمسقط ، أحبه رعاياه ومجاوروهم من العرب ، وكان شجاعاً ، له مبرات ، توفي عن نحو خمسين عاماً ، وال ” أبو سعيد ” عشيرة نجدية الأصل ، من تميم ، لها السلطان في زنجبار وعمان .
فوزان السابق( 1858 – 1954 م )
فوزان بن سابق بن فوزان آل عثمان ، البريدي القصيمي الدوسري النجدي ، معمر من فضلاء الحنابلة ، له مشاركة في السياسة العربية .
وُلد ونشأ في “بريدة ” من القصيم بنجد ، وتفقه ، واشتغل بتجارة الخيل والإبل ، فكان ينتقل بين نجد والشام ومصر والعراق ، وناصر حركة الأمير ( الملك ) عبدالعزيز بن عبدالرحمن ( مؤسس الدولة السعودية الثالثة ) أيام حروبه مع الترك العثمانيين في القصيم وتلك الأطراف .
واتصل برجالات الشام ، قبل الدستور العثماني ، كالشيخ طاهر الجزائري ، وعبدالرزاق البيطار ، وجمال الدين القاسمي ، ثم محمد كرد علي ، وهو الذي ساعد الأخير على فراره الأول من دمشق ، وقد أراد أحد الولاة القبض عليه ، فأخفاه فوزان ونجا به إلى مصر .
ولما كانت الدولة السعودية في بدء استقرارها ، عُين فوزان ” معتمداً ” لها في دمشق ثم في القاهرة ، صحبه في هذه الفترة خيرالدين الزركلي اثنى عشر عاماً ، وهو قائم بأعمال المفوضية العربية السعودية بمصر ، والزركلي مستشاراً لها ، وكان الملك عبدالعزيز يرى وجوده في العمل ، وقد طعن في السن ، إنما هو ” للبركة ” !
ورٌزق بابن ، وهو في نحو الثمانين ، فأبرق إليه الملك عبدالعزيز ، بالجفر (الشيفرة ) :” سبحان من يحي العظام وهي رميم ” ، وجُعل بعد ذلك مفوضاً نحو ثلاث سنوات ، ثم رأي أن ينقطع للعبادة بدمشق ، فاستقال ، وقال للزركلي بعد قبول استقالته : كنت بالأمس وزيراً وانا اليوم بعد التحرر من قيود الوظيفة سلطان !
وتُوفي في القاهرة ، وهو في نحو المئة ، ويقال تجاوزها .
وأخبر الزركلي ان أول رحلة له إلى مصر كانت في السنة الثانية بعد ثورة ” عرابي ” ومعنى هذا أنه كان تاجراً سنة (1300هجرية – 1882 م ) ، أما كتابه ، فسماه ” البيان والإشهار ، لكشف زيغ الملحد الحاج مختار ” ، ( طُبع ) ونشر بعد وفاته في مجلد .
وكان من التقى والصدق والدعة وحسن التعبد في الأمور والتفهم لها ، على جانب عظيم ، وضعف سمعه في أعوامه الأخيرة ، إلا أنه ظل محتفظاً بنشاطه الجسمي وقوة ذاكرته ودقة ملاحظاته إلى أن توفى .
حلقات سابقة
* رئيس التحرير
تواصل معنا
زيارة الصفحة الرئيسة ( تراثنا ) _ حساب ( تراثنا ) على منصة تويتر – حساب ( المخطوطات ) على منصة انستغرام – مجلة ( تراثنا ) الورقية – الموقع الالكتروني لمركز المخطوطات والتراث والوثائق
• تتوفر تراثنا عن طريق الاشتراك فقط حاليا ً..التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه – هواتف المركز : 25320902- 25320900/ 965 +
تاريخ الخليج والجزيرة العربية تاريخ عريق قديم لا بد ان تفتخر به اجيالنا الحاضرة والقادمة
محرر تراثنا : نشكر مساهمة الأخ الكريم سعود البلوشي ، ولاشك أن ما ذكرته هو الحقيقة ، والتي تتطلب جهدا كبيرا من الباحثين والتراثيين .