مبحث المؤثرات الطبيعية في المفتي واثرها في تغيير الفتاوي
تراثنا *– منذ زمن لم تسنح لي فرصة الذهاب إلى معارض الكتاب الدولية والمحلية ، ولأسباب عدة ، منها التبادل الثقافي الذي يجري بين مركزنا (مركز المخطوطات والتراث والوثائق ) والمراكز الأخرى والمكتبات الأهلية والحكومية ، بل والمؤلفين والمحققين في الداخل والخارج ، وقد كفونا مؤونة بعض الشراء .
-
نشأة المفتي والزمان والمكان تلقي بظلالها على فتواه ، فتتغير بتغير المؤثرات .
-
الشريعة الإسلامية باقية برعايتها لمصالح الناس وحفظ منافعهم ومن مقاصدها توفير حل لكل مستجد .
-
فروع الإسلام مرنة واسعة تستوعب المكان طولاً وعرضاً والأحكام تتنزل من العزيمة إلى الرخصة .
والثاني ، للتزويد المستمر بوساطة الشراء من المكتبات المحلية ، ومع ذلك فقد اقتطعت من الوقت ساعة ، وفي صبيحة اليوم الأخير من المعرض ، حيث جلت في جزء يسير من أقسام المكتبات العربية .
ولقد لفت نظري عنوان كتاب من الكتب أرى أن موضوعه الذي طرحه كاتبه من الموضوعات النادرة في العلوم الإسلامية ، وحسب معرفتي انها لم تفرد في كتاب من ذي قبل ، وهو ” البعد الزماني والمكاني ” واثرهما في الفتوى ، لمؤلفه يوسف بلمهدي ، وهي النسخة الأخيرة في المكتبة ، فكانت من نصيبي .
استفراغ الجهد
والفتوى هي التي يقام عليها العمل بعد استفراغ الجهد والوسع والوقت ، للوصول إلى الرأي الذي تعمل به الأمة بعد ذلك ، وكما قال المؤلف هي ثمرة الفقه الإسلامي ، وكيف يؤثر فيها الزمان والمكان ، فتتغير بموجب هذه المؤثرات ، وكيف أن الشريعة الباقية ، قد رعت مصالح الناس ، وحفظت منافعهم ، وان مقتضى مقاصدها ان يجد فيها الانسان حلاً لكل مستجد .
الألباني والنقاب
عندما قمت بترجمة حياة العلامة محمد ناصر الدين الألباني ” يرحمه الله ” في حياته ، وبعد اقناعه ثم موافقته شريطة ان أقرأ عليه كل ما اكتبه ، فقرأت عليه ما كتبت ، على مدى ثلاث سنين .
واخرجت الكتاب بعد خمس سنين في مجلدين ، كل مجلد خمسمائة صفحة ، كان ضمن المسائل التي دونت مسألة حجاب المرأة المسلمة ، وتمسك الشيخ الألباني بصحة حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، وأحاديث اخرى ، حيث أن هناك من يضعفه بحجة مخالفته لبعض البيئات العربية !! من ستر الوجه واليدين ، مع أن الشيخ لا يمنع ذلك لمن يستطيعه ، واليوم ثبت فيما لا مجال للشك ما كان يراه الألباني ، وبعد نظره في هذه المسألة ، وغيرها من المسائل التي تفرد بها .
بين الوجوب والرخصة
فاليوم ماتراه المرأة من لبيس النقاب هنا ، تراه الأخرى من الصعوبة بمكان تطبيقه في مكان آخر ، كالذي يحصل في فرنسا وغيرها من الدول الغربية ، فإما أن تطبقه فتخسر الاقامة والوظيفة ، وما يترتب على ذلك ، واما أن تأخذ بالرخصة الأخرى ، وهي الحجاب الذي يظهر وجهها وكفيها ، وهو لها شرعاً .
طولاً وعرضاً
وهذا ما يسري على غيره من الأحكام ، وأما فروع الإسلام فهي مرنة واسعة ، تستوعب المكان طولاً وعرضاً .
يقول بلمهدي : هو محاولة تطبيق الحكم الشرعي تنزلاً من العزيمة إلى الرخصة في حال الإكراه والاضطهاد والخوف ، ولكن من يكون عنده ذلك العلم ؟
وهناك مبحث المؤثرات الطبيعية في المفتي واثرها في تغيير الفتاوي ، فبشرية المفتي ، واحواله النفسية ، وبيئة نشأته العلمية والاجتماعية ، كل ذلك له أثره البالغ في تغيير الفتوى .
شيق وفريد
ومهما تسلق الإنسان درجات الكمال ، فإلى النقص يُنسب ، وعلى الخطأ يغلب ، هكذا الكتاب في فصوله وأبوابه ، قيم ، شيق ، فريد ، يحتاج إليه كل أحد ، فالعلماء عندما اجتهدوا فيما لا نص فيه ، أو في وجود النص ، واستحالة تطبيقه ، كانت لهم نظرتهم الثانية في ذلك ، ولهذا صار معنى الفقه الفهم العميق ! وتبقي شريعتنا العظيمة صالحة لكل مكان ولكل زمان .
والله المستعان …
*د . محمد بن إبراهيم الشيباني
رئيس تحرير تراثنا ومركز المخطوطات والتراث والوثائق
تواصل معنا
زيارة الصفحة الرئيسة ( تراثنا ) – حساب ( تراثنا ) على منصة تويتر – حساب ( المخطوطات ) على منصة انستغرام – مجلة ( تراثنا ) الورقية – الموقع الالكتروني لمركز المخطوطات والتراث والوثائق • تتوفر تراثنا عن طريق الاشتراك فقط حاليا ً.. التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه – هواتف المركز : 25320902- 25320900/ 965 +