أرسله والده إلى البادية ليتعلم الفروسية والرماية فبهرته بجمالها وتعلم علم الفلك (1)
-
برع في اللغة والنحو والفلك واعترض على مدرس اللغة العربية عندما درسه الأسماء الخمسة وأصر على أنها ستة !!
-
ولما أدخل التعليم النظامي (المباركية ) عام 1937 تفاجأ المدرسون من براعته في حل المسائل الحسابية بسرعة فائقة .
تراثنا – التحرير :
في عام 1980 م احتفل كلُ من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والنادي العلمي بتكريم الفلكي الكويتي الأستاذ صالح العجيري لدوره البارز في علم الفلك ، حيث اصدرت كتيب من 80 صفحة ، تروي سيرته وتعدد إنجازاته ، وحفظا لهذه الوثيقة تقوم تراثنا الإلكترونية بدورها بإعادة نشرها “بتصرف” في حلقات لتكون شهادة تاريخية لهذه الشخصية العلمية العربية والإسلامية الفذة التي لامست المائة عام في يوليو 2020 م .
الدروس الأولى
بالرغم من انه لم يوجد في العشرينات من هذا القرن ، وهي فترة الطفولة من حياة العجيري *من المدراس في الكويت سوي المدرستين المباركية والأحمدية ، إلا ان هناك عدد من الكتاتيب يكفي لاحتياجات السكان محدودي العدد آنذاك .
وكانت في معظمها تقوم بتحفيظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة والحساب ، والبعض الأخر منها كانت تعني – بالإضافة إلى ذلك – بمبادئ الفقه والنحو والإملاء وتحسين الخطوط .
لك اللحم ولنا العظم
ومن طريف ما يجب أن لا نغفل ذكره عن تلك الفترة من الزمن أن هناك من هذه الكتاتيب ما قد تديره أمرأه ، أو باللفظ المفهوم آنذاك ( مطوعة ) والأطرف من ذلك أن التعليم فيها كان مختلطاً بين الأطفال ( بنين وبنات ) .
وكان لا يضير المرء أن يقول أنا قرأت عند المطوعة حليمة أو شريفة ، ومن المألوف أن يصطحب الأب ابنه إلى المدرسة ويقول للمعلم : ( لك اللحم ولي العظم ) كناية إلى أن للمعلم الحق في تأديب الولد بالطريقة التي يراها مهما كانت قاسية ..
مدرسة الأطفال
خطرت ببال محمد صالح عبدالعزيز العجيري والد السيد صالح “يرحمه الله ” فكرة افتتاح مدرسة سماها تربية الأطفال ، وتقع في ( كشك الصقر ) الموقع الحالي لفندق الشاطئ الذهبي ، وذلك ما بين سنتي 1922 إلى سنة 1932 م .
وبالرغم من أنه لم يطلع على أسس التعليم الصحيحة ، لم تكن له اية دراية بالأساليب التربوية في تلك الفترة ، إلا أنه شذ عن طرق التعليم السائدة آنذاك وسمح للأطفال بمزاولة النشاطات التي لم تكن معتادة في ذلك الوقت لا سيما فيما يتعلق بتنمية مواهبهم .
ولعل معظم من سكن حي القبلة ممن يبلغون الأن الستين ( في عام 1980 م ) من أعمارهم كانوا من تلاميذه ، ويتذكرون أساليبه جيدا .
تنشئة دينية صحيحية
وقد تلقى ابنه صالح دروسه الأولي في تلك المدرسة ، ثم انتقل إلى المدارس الأهلية الأخرى ، إلا أن والده في نفس الوقت كان حريصا على تنشئته النشأة الدينية الصحيحة ، فخصص له مدرساً في الفقه وعلم الفرائض والحديث، وكذلك حرص على أن يقوم لسانه ويقوي لغته العربية ، فجعله يحفظ ( الاجرومية ) في علم النحو في صغره ، وكان والده يتابعه باستمرار في الدروس ، فيفاجأ مثلا بهذا السؤال :
– ماهي موانع الإرث ..؟ اجب حالا !
فيجيب دون تلكؤ :
ويمنع الشخص من الميراث
واحدة من علل ثلاث
رق وقتل واختلاف دين
فافهم فليس الشك كاليقين
وربما سأله : بما يجر الممنوع من الصرف ..؟ فيجيب فورا :
وجر بالفتحة ما لا ينصرفان
لم يضف أو يكن بعد آل ردف
تفوق على اساتذته
ولما أدخل التعليم النظامي في المدرسة المباركية ، التحق بها في سنة 1937 م ، ومن غريب ما يرويه المدرسون انه كان يحل المسائل الحسابية بسرعة فائقة .
أما مدرس اللغة العربية ، فيروي أن العجيري أعترض عليه عندما كان يدرسه الأسماء الخمسة ، وأصر على أنها ستة وهي : أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو مال ، وزاد عليها و ( هنوك ) ، فقد درسها في دروسه الخصوصية في صغره .
وعندما وصلوا في المنهج إلى ( كان واخواتها ) و ( إن وأخواتها ) أصر العجيري إلى أن هناك أيضا (ظن وأخواتها ) وهي تنصب المبتدأ وتنصب الخبر ، فطلب منه المدرس أن يأتي بمثال : فأجاب ” خلت الهلال لائحاً ” فضحك المدرس وقال : هذه في علوم النحو القديمة ، ومع ذلك أدخلت علينا الفلك في علم النحو واتيت بكلمة الهلال في المثال .
الرشايدة وعلم الفلك
كما أرسله والده إلى البادية ليتعلم الفروسية والرماية ، وليتعود الحياة الخشنة ، وقد أنس للصحراء وبهرته محاسنها ،فضوء الشمس ونور القمر ،والقبة السماوية المرصعة بالنجوم ..كانت من المباهج التي يأنس لها ،وتأخذ بمشاعره ، وربما زادت بشغفه في دراسة علم الفلك .
وقد اكتشفت القبيلة التي استضافته وهم الرشايدة قدرته على العدو السريع للمسافات القصيرة ، فصاروا يتباهون به ، ويراهنون عليه ، ولعله أخذ منهم أول درس في الفلك ، فلقد اطلعوه على طريقة الاستدلال على الجهات الأربع لا سيما أذا تلبدت السماء بالغيوم ، والوقت ليلاً ، ذلك أن الريح الشمالية تهب في العادة رتيبة .
اما الريح الجنوبية فتأتي متعثرة في هبوبها ، لذلك فإن ريح الشمال تكون مثلثاً صغيراً من الرمال الناعمة في أحد جوانب الحجارة ، أو في أصول الشجيرات الصحراوية ، وبذلك يتعرفون على جهة الشمال والجهة المعاكسة لها وهي الجنوب ، ومتى عرفت الجهتين أمكن معرفة جهتي الشرق والغرب بسهولة .
هذا الكتاب
منتقى من كتاب ( ما لم يذكر عن حياة صالح العجيري بمناسبة تكريمه ) من إصدارات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والنادي العلمي في عام 1980 ، من مقتنيات مركز المخطوطات والتراث والوثائق ضمن محتويات مكتبة الباحث عبدالله الخضري ( يرحمه الله ) المهداة للمركز .
يتبع لاحقا : أقرأ (الحلقة الثانية ) : العجيري تعلم الفلك من باب إعرف عدوك !
الصور :
هامش :
1- صالح العجيري : صالح محمد صالح عبد العزيز العجيري (23 يونيو 1920 )
تواصل معنا
زيارة الصفحة الرئيسة ( تراثنا ) الألكترونية – . حساب ( تراثنا ) على منصة تويتر – حساب ( المخطوطات ) على منصة انستغرام – مجلة ( تراثنا ) الورقية – الموقع الالكتروني لمركز المخطوطات والتراث والوثائق- تتوفر تراثنا عن طريق الاشتراك فقط حاليا ً.. التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه – هواتف المركز : 25320902- 25320900/ 965 +